يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

هجمات أوروبا الإلكترونية وتأثيرها على منصات «داعش» الدعائية

الأحد 29/أبريل/2018 - 11:43 ص
المرجع
أحمد لملوم
طباعة
أعلنت وكالة الشرطة الأوروبية «اليوروبول» على لسان مديرها، روب وينرايت، أنها شَنَّت هجومًا إلكترونيًّا مكثفًا على المنصات الدعائية لتنظيم الدولة «داعش» على الإنترنت، خلال اليومين الماضيين؛ حيث شاركت في الهجوم دول عدة أوروبية، بجانب كندا والولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت وكالة «أعماق» الإخبارية (التابعة لتنظيم داعش) من ضمن الأهداف الرئيسية لهذا الهجوم، الذي يُعد المرحلة الثالثة من عملية بدأتها وكالة الشرطة الأوروبية عام 2015؛ لتحجيم تأثير الدعاية التي يستخدمها التنظيم، لجذب أعضاء جدد في أوروبا، أو الترويج لمكاسبه العسكرية في الفضاء الإلكتروني.
وشمل الهجوم أيضًا راديو «البيان»، وموقع «الناشر» الإخباري، وهذا هو الهجوم الثاني الذي يستهدف وكالة «أعماق»؛ حيث تم استهداف الموقع الإلكتروني الخاص بالوكالة لأول مرة في يونيو 2017، خلال المرحلة الثانية من هذه العملية.
وقد تم استهداف البنية التحتية للموقع الإلكتروني للوكالة، والحصول على معلومات وبيانات منه، مكنت السلطات الأوروبية من كشف هويات متشددين، لهم صلات بالتنظيم في أكثر من 100 دولة.
ويطرح إعادة استهداف وكالة «أعماق» تساؤلًا عن فاعلية الهجمات الإلكترونية على منصات التنظيم، وقدرة هذه المنصات على التعافي...
هجمات أوروبا الإلكترونية
كيف تتم الهجمات الإلكترونية؟
تعمل المواقع الإلكترونية من خلال تخزين المحتوى المعروض عليها في أجهزة حواسيب مخصصة لهذا الغرض، تُسمى «خواديم»، ويُمكن شراء هذه الخواديم، أو تأجيرها من شركة متخصصة، وتتجه أغلب المواقع الإلكترونية إلى التأجير من شركات متخصصة لارتفاع تكلفة الشراء
وعندما يرغب شخص ما في تصفح موقع إلكتروني، يتم إرسال طلب من الحاسوب الخاص به لـ«الخواديم» الخاصة بالموقع الإلكتروني، وتتم الموافقة على طلب الدخول للموقع بشكل آلي، وذلك من خلال عملية رقمية معقدة.
وتختلف أنواع الهجمات الإلكترونية على حسب الغرض المطلوب إنجازه، وعادةً ما يكون بإسقاط الموقع الإلكتروني، وجعل محتواه غير متاح على الإنترنت، أو الاستحواذ على المعلومات والبيانات الخاصة بالموقع، والمخزنة على «الخواديم»، أو بالأمرين معًا، وهو ما حدث في الهجوم الأخير الذي شنته وكالة «اليوروبول» على المنصات الدعائية التابعة لـ«داعش».
ويتم تنفيذ الهجوم الخاص بإسقاط محتوى الموقع الإلكتروني عن طريق كسر الحاجز الخاص بعدد طلبات الدخول، التي يُمكن التعامل معها من قبل «الخواديم» في الوقت نفسه، أي يقوم عدد ضخم من الحواسيب بمحاولة الدخول للموقع الإلكتروني في ذات اللحظة؛ حيث يسبب ذلك الضغط صدمة للنظام الذي تعمل به «الخواديم»، فتتعطل وتتوقف عن العمل؛ ما يتسبب في سقوط الموقع الإلكتروني، ومحتواه من على الإنترنت.
ويكون الهجوم بغرض الاستحواذ على بيانات ومعلومات، عبر إرسال برمجية خبيثة إلى أحد أجهزة الحواسيب الرئيسية الخاصة بـ«الخواديم»، ويقوم هذا الملف بإرسال المعلومات والبيانات إلى القائم بالهجوم.
هجمات أوروبا الإلكترونية
◄فاعلية الهجمات الإلكترونية ضد «داعش»
قال جوليان كينغ، مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الأمنية: إن الإنترنت كان لفترة طويلة ساحة مفتوحة أمام تنظيم داعش، يبث من خلاله رسائله الدعائية، التي كانت المحفز للعمليات الإرهابية الأخيرة، التي وقعت في دول أوروبية مختلفة، مضيفًا أنه بفضل التعاون القائم بين الدول الأوروبية «هذه الأيام في طريقها للاندثار».

جاء هذا التصريح تعقيبًا على الهجوم الإلكتروني الأخير على المنصات الدعائية لـ«داعش»، إلا أن هناك مشكلات تُصعِّب من مواجهة «داعش» على الإنترنت، خاصة مع استفادة التنظيم من تقنيات الحماية التي تطورها الشركات المختصة بالتكنولوجيا.

وتستخدم الشركات المالكة للمواقع الإلكترونية -أيضًا- هذه التقنيات لحماية معلوماتها وبياناتها الموجودة على الموقع الإلكتروني الخاص بها، ومن بين هذه التقنيات نسخ محتوى الموقع الإلكتروني، والاحتفاظ به في «خواديم» أخرى؛ حتى يتم استدعاؤه منها، عند تعرض «الخواديم» الرئيسية لهجوم.

ويستخدم «داعش» خواديم وخدمات عامة متاحة يستخدمها الأشخاص العاديون، إضافة إلى وجود عدد من خبراء الحواسيب ضمن أعضاء التنظيم، يضعون استراتيجيات لمواجهة الهجمات الإلكترونية ضد منصتهم؛ حيث إنه خلال أيام يستطيع التنظيم استيعاب الهجوم الإلكتروني، وإصلاح ما تم إتلافه، وكما أنه لا يحتفظ بالمعلومات الحساسة على الحواسيب الخاصة بأعضائه كإجراء احتياطي ضد قرصنة هذه الأجهزة، والحصول على هذه المعلومات؛ ما يصعب المهمة أمام الحكومات التي تسعى إلى مواجهة «داعش» إلكترونيًّا، وإيقاف آلة الدعاية الخاصة به.
هجمات أوروبا الإلكترونية

تأثير الخسائر العسكرية على النشاط الدعائي لـ«داعش»
تلقف العالم أنباء هزيمة تنظيم «داعش» في مدينة الموصل العراقية -يوليو 2017- بمزيج من الفرح والتساؤل عن مصير التنظيم، وبعد هذا الحدث الجلل بشهور عدة تم تحرير مدينة الرقة السورية من قبضة التنظيم، الذي ظل يُسيطر عليها منذ أغسطس 2014.
وكان لتحرير مدينة الرقة -أكتوبر 2017- أثر كبير على رسائل الدعاية التي يبثها التنظيم، فقد رصد قسم المتابعة الإعلامية في هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» انخفاضًا حادًّا في المحتوى الإعلامي للتنظيم على منصاته المختلفة.

وأوضح قسم المتابعة الإعلامية في «بي بي سي»، أن عدد الموضوعات التي تنشرها وكالة «أعماق» انخفض من 420 موضوعًا (سبتمبر 2017) إلى 193 موضوعًا (أكتوبر 2017)، كما انخفض عدد مقاطع الفيديو الدعائية التي بثتها الوكالة من 52 مقطع فيديو إلى 11 مقطعًا فقط، وكذلك عدد البيانات التي يصدرها التنظيم من 138 إلى 52 بيانًا، وتقلص عدد الصور من 175 صورة إلى 81 صورة.

كما اختفت إصدارات إعلامية كان ينشرها التنظيم، فقد كان شهر أكتوبر هو الشهر الأول الذي لم تصدر فيه المجلة الشهرية للتنظيم «مجلة رومية»، والتي تصدر بلغات عدة، من ضمنها اللغة الإنجليزية.

وتعهد ديمتريس أفراموبولس، مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الداخلية والمواطنة، بمواصلة الجهود الأوروبية في محاربة النشاط الدعائي لـ«داعش» «حتى يختفي تمامًا من على الإنترنت».

"