«التنظيم الدولي».. «سرطان» إخواني في جسد العالم
الأربعاء 28/مارس/2018 - 11:44 م
مصطفى حمزة
في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس جمال عبدالناصر في المنشية بالإسكندرية، عام 1954، تم حل جماعة الإخوان، وفُرض حصار سياسي على أعضائها، ولم يكن أمام الإخوان في مصر، إزاء حل جماعتهم، سوى التواصل السرّي مع إخوان الخارج؛ لإحياء المكتب التنفيذي القديم، وعلى مدار سنوات أُجريت عدة لقاءات اتخذت شكلًا تنظيميًّا، بحضور عضو ممثل عن كل دولة يُوجَد بها فرع للجماعة الأم في مصر، وكانت هذه اللقاءات تنعقد في دول عديدة من بينها السعودية، وتركيا، ولبنان، والأردن، وبعض الدول الأوروبية.
وبعد أن تبلور الشكل العام للتنظيم الدولي، أُدخلت تعديلات جوهرية على اللائحة الخاصة بالجماعة، لتناسب الوضع الجديد، ليصبح اختيار المرشد العام مسؤولية مجلس الشورى العام، الذي يتم تمثيله بالانتخاب من جميع الأقطار، كما عُدلت صيغة القَسم التي يرددها العضو على الالتزام بمنهج الإخوان، والسمع والطاعة للقيادة في غير معصية، إلى "صيغة عهد" لا صيغة قَسم، بمعنى أن الشخص يتعهد بدلًا من أن يُقسم، وأصبحت البَيعة مُطلقة وعامة، بعدما كانت بيعة للمرشد في اللائحة قبل تعديلها.
وعبثًا حاولت بعض قيادات الجماعة نفي وجود التنظيم الدولي، مثلما صرَّح الكادر الإخواني الشهير في ألمانيا، يوسف ندا، ومفوض العلاقات الخارجية لجماعة الإخوان سابقًا، في مقابلة تليفزيونية مع قناة "بي بي سي العربية"، بُثت في أكتوبر 2009، قائلًا: "لا وجود لما يُسمى بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين"، واصفًا هذا التنظيم بأنه "شائعة صدقها الكثير من الإخوان"، إلا أن الواقع يشهد بخلاف كلام "ندا"، من حيث الارتباط الفكري والتنظيمي، الذي نصت عليه اللائحة الخاصة بالتنظيم.
الهيكل الإداريّ وآليّات العمل
التنظيم الدولي عبارة عن ممثلين للتنظيمات الإخوانية، داخل الدول المختلفة، وكل تنظيم من هذه التنظيمات يعمل وفق الدساتير والقوانين الداخلية لهذه الدول، ولديه مشكلاته وتحديّاته التي يواجهها.
ويتكون التنظيم الدولي من مجلس شورى، ومكتب إرشاد عام، حيث يضم مجلس الشورى من 33 - 35 عضوًا، من بينهم مجموعة الثمانية، التي نصت اللائحة الداخلية على أن يكونوا من بلد المُرشد، على أن يُمثل باقي أعضاء مجلس الشورى بقية الدول العربية والأمريكية والأوروبية، الذين ترشحهم فروعهم في هذه الدول، ويجتمعون كل شهرين أو ثلاثة -حسب الظروف والمستجدات- وبعض الأعضاء لا يتمكنون من حضور الاجتماع بسبب ظروف أمنية في بلادهم.
وتكون مدة مجلس الشورى العام 4 سنوات، ومهمته -في أول اجتماع له- اختيار أو انتخاب مكتب الإرشاد العام، الذي يضم 13 عضوًا، من بينهم مجموعة الثمانية، ويُعتبر إخوان مصر أساس التنظيم الدولي، ويجتمع مكتب الإرشاد العام كل شهر في لندن، حسب الظروف السياسية، وقد يتم الاجتماع بمجموعة الثمانية فقط في مصر، إذا تعذر الاجتماع في لندن، وكان المقر الرئيسي في السابق ألمانيا.
ويتخذ التنظيم الدولي قراراته بشكل مركزي ولا مركزي، بمعنى أن هناك قضايا يمكن أن تشترك فيها كل الكيانات الإخوانية داخل التنظيم الأكبر؛ مثل القضايا التي تهم جميع المسلمين في العالم كالقضية الفلسطينية، ومواجهة الإسلاموفوبيا، وموقف الغرب من الإسلام، أما القرارات اللامركزية فتتعلق بقضايا ومشكلات كل تنظيم إخواني داخل القُطر الذي يعمل فيه.
وهذه القضايا لا علاقة للتنظيم الدولي بها -على اعتبار أن أهل مكة أدرى بشعابها، وصاحب الدار أعلم بما فيها- مثلما حدث في العراق، حينما شارك الإخوان هناك في مجلس الحكم الأمريكي بقيادة بريمر، ومثلما حدث في الجزائر، حينما قرر الإخوان هناك خوض أول تجربة للانتخابات الرئاسية.
ويكشف الدكتور محمد حبيب، النائب الأول السابق للمرشد العام لجماعة الإخوان، عن حقيقة غاية في الخطورة، وهي أن نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، كان حريصًا على "تمصير" قيادة الجماعة، وبقاء التنظيم الدولي في مصر، ليستخدمه كورقة ضغط سياسية على الأنظمة الأخرى، التي يُوجد بها فروع لهذا التنظيم، كي يتمكن من ممارسة نوع من الوصاية على تلك الأنظمة.
وأشار "حبيب"، إلى أن التنظيم الدولي يأخذ حجمًا إعلاميًّا أكبر من حجمه الطبيعي على أرض الواقع، وأن أجهزة الإعلام ليست لديها فكرة عن البنية الداخلية للإخوان بشكلٍ كافٍ، وأن كثيرًا من الإعلاميين المتخصصين لم يقرؤوا اللائحة الداخلية للجماعة- على حد زعمه.
كما كشف القيادي الإخواني السابق، عن وجود تعاون مخابراتي ومعلوماتي بين لندن -التي تحتضن التنظيم الدولي- والأجهزة المصرية؛ حيث يتم تسجيل اجتماعات التنظيم في لندن وإرسالها لمصر، متوقعًا انتقال مقر التنظيم إلى تركيا في المستقبل، إذا حدثت مشكلات بين الجماعة وبريطانيا.





