عطية صقر.. فقيه واجه الإرهاب بـ«الوسطية»
«لا
تفريط فيها ولا إفراط»، يمكن أن تلخص تلك الجملة، رؤية الشيخ «عطية صقر» لأهمية
الفتوى الصحيحة بين المسلمين، إذ كان عضو مجمع البحوث الإسلامية والمجلس الأعلى
للشؤون الإسلامية ولجنة الفتوى بالأزهر الشريف، صاحب نظرة وسطية، كما كان عالمًا
صاحب فهم، فضلًا عن كونه صاحب فقه قبل أن يكون حافظًا.
رغم
أن «صقر»، كان عالمًا بمقاصد الشريعة العليا، فإنه كان يقدر تراث الأمة العلمي،
ويحترم شتى المدارس الفقهية، فلم يكن يتعرض لبيان أي حكم شرعي، إلا ويبدأ بتوضيح
آراء فقهاء الأمة في موضوع السؤال، وفي النهاية يرجح ما يطمئن إليه قلبه، وما
يقوده إليه الدليل.
المدرسة
الفقهية لـ«صقر»، كانت لها سمات بارزة، إذ رفضت أي انحراف عن شريعة الله، أو تجاوز
لحدوده، فضلًا عن التأكيد على نبذ التعصب بشتى ألوانه، لتوضيح أن الإسلام أرحب
وأوسع من الرؤية الضيقة لبعض الذين يتصدون للفتوى ويغضون الطرف عن مدارس ومذاهب
لها اعتبارها فيما يتعرضون له.
الشيخ الراحل حمل على عاتقه مواجهة فكر الجماعات الإرهابية؛ إذ أوضح أن تلك الجماعات تتخذ الدين ستارًا لتخبئ وراءه مصالحهم الشخصية، مؤكدًا أن فتواهم التي تصدر بغير علم تؤدي إلى الهلاك والفساد في الأرض؛ حيث قال: «إن التكبر على الرجوع إلى أهل الاختصاص في كل شيء غرور لا ينتج إلا الفوضى».
السيرة
الذاتية
وتقول
سيرة الشيخ عطية محمد عطية صقر، إنه ولد في 4 من شهر محرم لعام 1333 هجريًّا
الموافق 22 نوفمبر 1914، بقرية «بهنباي»، مركز الزقازيق، بمحافظة الشرقية، وحفظ
القرآن الكريم وعمره تسع سنوات، وجوَّده بالأحكام عند بلوغه العاشرة، والتحق
بالمدرسة الأولية بالقرية، ثم بمعهد الزقازيق الديني عام 1928، وتخرج في كلية أصول
الدين، وحصل منها على الشهادة العالية عام 1941، والتحق بتخصص الوعظ، وحصل منه على
شهادة العالمية مع إجازة الدعوة والإرشاد عام 1943 وكان ترتيبه فيهما الأول.
عين
بالأوقاف فور تخرجه إمامًا وخطيبًا ومدرسًا، بمسجد عبدالكريم الأحمدي، بباب
الشعرية بالقاهرة، في 16 من أغسطس عام 1943، ونقل إلى مسجد الأربعين البحري
بالجيزة «عمار بن ياسر حاليًا» في فبراير عام 1944، ثم عين واعظًا بالأزهر عام
1945 في طهطا جرجاوية، ثم في السويس، ثم في رأس غارب بالبحر الأحمر، ثم في
القاهرة، ورقي إلى مفتش، ثم مراقب عام بالوعظ، حتى أحيل إلى التقاعد في نوفمبر عام
1979.
عمل
«صقر» في أثناء ذلك مترجمًا للغة الفرنسية بمراقبة البحوث والثقافة بالأزهر عام
1955، ووكيلًا لإدارة البعوث عام 1969، ومدرسًا بالقسم العالي للدراسات الإسلامية
والعربية بالأزهر، ومديرًا لمكتب شيخ الأزهر عام 1970، وأمينًا مساعدًا لمجمع
البحوث الإسلامية.
وبعد
التقاعد عمل مستشارًا لوزير الأوقاف، وعضوًا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية،
وعضوًا بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، ورئيسًا للجنة الفتوى، وانتخب عضوًا بمجلس
الشعب عام 1984، وعين عضوًا بمجلس الشورى عام 1989، ومديرًا للمركز الدولي
للسُّنَّة والسيرة بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالأوقاف عام 1991.
تعاقد
مع وزارة الأوقاف بالكويت عام 1972 م لمدة سبع سنوات، وسافر في رحلات إلى إيران،
ثم أندونيسيا عام 1971، وليبيا عام 1972، والبحرين عام 1976، والجزائر عام 1977،
كما سافر في مهمة رسمية بعد التقاعد إلى السنغال ونيجيريا وبنين والولايات المتحدة
الأمريكية وباكستان وبنغلاديش والعراق، وزار باريس ولندن وماليزيا وبروناي
وسنغافورة والاتحاد السوفييتي.
ترك
عضو مجمع البحوث الإسلامية، العديد من المؤلفات العلمية منها: «الدعوة الإسلامية
دعوة علمية»، دراسات إسلامية لأهم القضايا المعاصرة، الدين العالمى ومنهج الدعوة
إليه، العمل والعمال في نظر الإسلام، الحجاب وعمل المرأة، فن إلقاء الموعظة،
والبابية والبهائية تاريخًا ومذهبًا.
نال
رئيس لجنة الفتوي الأسبق، جائزة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وسام العلوم
والفنون من الطبقة الأولى عام 1983، ونوط الامتياز من الطبقة الأولى عام 1989،
وتوفي يوم 9 ديسمبر 2006 عن عمر ناهز الـ 92 عامًا في مركز الطب العالمي
بالهايكستب - القاهرة ودفن في قريته «بهنباي».
للمزيد.. «بوكوحرام»
نموذجًا.. «أستاذية العالم» إرهاب إخواني دمر أفريقيا
للمزيد.. جاهلية
«سيد قطب».. كيف شرعن «ماسوني الإخوان» إرهاب «القاعدة» و«داعش»؟





