ad a b
ad ad ad

التعاون الاستخباراتي الفرنسي ـــ البلجيكي.. يد واحدة فى مكافحة الإرهاب

الإثنين 05/نوفمبر/2018 - 08:40 م
المرجع
يواكيم فيليوكا
طباعة

يُعدُّ التعاونُ بين أجهزة الشرطة والقضاء حول المسائل الجنائية أحد الأركان الثلاثة لمعاهدة ماستريخت، التي تجسدت في عام 1999 بإنشاء شركة يوروبول في لاهاي لتسهيل تبادل المعلومات حول الإرهاب، وأكاديمية الشرطة الأوروبية ومقرها برامشيل (المملكة المتحدة) للتعاون بين أجهزة الشرطة عبر الحدود.

مقر الإنتربول
مقر الإنتربول

تتيح شبكة معلومات شنجن التي أنشئت عام 1995 وتم تعزيزها وتحديثها في عام 2013، إنشاء ملفات بيومترية لطالبي اللجوء والتأشيرات، إنها أداة قيمة للشرطة.. وفي كل عام منذ 2007، يقدم تقريرTE-SATمعلومات عن الهجمات والاعتقالات والتحقيقات المتعلقة بالإرهاب الإسلاموي وغيره من الأنشطة الراديكالية للجماعات الثورية أو المسيّسة.

 

في عام 2015، تم تشكيل فريق الاستجابة للطوارئ (EMRT) داخل يوروبول لتعزيز فرق التحقيق والتحليل في مقر الإنتربول في ليون، وكذلك في باريس وبروكسل وفي عام 2016، تم إنشاء المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب بعد الصدمة التي أحدثتها الهجمات الإرهابية في فرنسا وبلجيكا وذلك من أجل تعزيز التعاون بين الدول.

 

وأخيرًا، تم إنشاء سجل أسماء المسافرين في عام 2012 بناء على رغبة واشنطن واعتمده الاتحاد الأوروبي في 2015 ويسمح هذا السجل بمطابقة ملفات المسافرين لدى شركات الطيران بمعلومات الشرطة، سيدخل هذا النظام حيز التنفيذ بالرغم من تردد ألمانيا التي تخشى عواقبه على الحياة الخاصة للمواطنين.

البلجيكي صلاح عبد
البلجيكي صلاح عبد السلام

صدمة عامي 2015 و 2016

تسبب الجهاديان البلجيكيان صلاح عبد السلام وعبد الحميد عبود في التشكيك في التنظيم الداخلي لأجهزة المخابرات البلجيكية، خاصةً أن الخطأ الذي وقع فيه رئيس شرطة مالين-ويلبروك في نوفمبر2015 عندما أغفل عن إبلاغ اجهزة مكافحة الإرهاب بوجود أحد أقارب عبد السلام في «مولنبيك» على الرغم من التنبيه الذي أطلقه أحد المحققين في هذه القضية بضرورة الإبلاغ في حل ظهور أي شيء يتعلق بهذا الشخص، كان ذلك بمثابة بقعة سوداء في أداء جهاز الشرطة البلجيكي؛ لقد اتضح بعد ذلك أن عبد السلام كان مقيمًا لدى قريبه سالف الذكر.

 

اهتمت الأجهزة الفرنسية بعبد الحميد عبود، بسبب شركائه الفرنسيين وتركت بلجيكا لفرنسا مهمة البحث عن عبود في أوروبا، خاصة أنه يحمل الجنسيتين البلجيكية والمغربية وتمتلك فرنسا جهازًا مخابراتيًّا خارجيًّا ذا إمكانيات كبيرة.

 

تمكن جهاز المخابرات الفرنسي من تحديد مكان الإرهابي في أثينا في أوائل يناير 015، في منطقة قريبة من وسط المدينة ما أتاح الأمل في اعتقال وشيك؛ لكن الهجوم البلجيكي على خلية فيرفيرز في 15 يناير دفع عبود إلى تغيير رقم هاتفه والهروب.

 

هرب عبود إلى فرنسا وسط عجز أجهزة المخابرات وقد ساعده على ذلك غياب الرقابة على الحدود، وتم القضاء عليه بعد ذلك أثناء الهجوم على سانت دوني في 18 نوفمبر 2015.

 

تمكن قناصو الشرطة الفرنسية من إبطال مفعول الخلية التي كان يقودها عبود عن بعد في فيرفييه، مما يشير إلى أن هناك قصورًا في عمل أجهزة مكافحة الإرهاب البلجيكية.

 

علاوة على ذلك، تعاني أجهزة مكافحة الإرهاب البلجيكية بشكل واضح من نقص في الموارد البشرية كما يضم جهاز أمن الدولة البلجيكي 600 موظف؛ بينما يضم جهاز الاستخبارات الفرنسي أربعة آلاف موظف ويضم جهاز المخابرات العسكرية أربعة آلاف موظف أيضًا.

 

وتكشف الشكوى التي عبر عنها المفوض يوهان دي بيكر، رئيس منطقة بروكسل الغربية التي تنتمي إليها مولينبيك، في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية، دلالة كبيرة؛ لقد قال بيكر: مديرية الشرطة لديها عجز في 125 موظفًا؛ إن شرطة الحي تفتقر اليهم بشدة، وكذلك أيضًا الأجهزة المتخصصة مثل جهاز مكافحة التطرف.

 

تعاني السلطات المحلية في بلجيكا من الانقسام والتجزؤ بسبب نظامها الفيدرالي، وكانت نتيجته وجود 193 وحدة شرطة مختلفة في البلاد و19 بلدية مستقلة في بروكس كما يوجد في العاصمة بروكسل 69 مسجدًا، ويدير الجامع السلفي الكبير في المدينة نحو 20  قاعة صلاة تابعة له ويتم توزيع الكتب المرسلة من المملكة العربية السعودية في هذه القاعات كما يتضح وجود نقص في الموارد البشرية لمراقبة كل هؤلاء، صحيح أن 90 جمعية إسلامية في مولنبيك قد تم حلها بما في ذلك ثلاثة مساجد، ولكن أعضاء هذه الجمعيات لا يزالون موجودين؛ حيث قال وزير الداخلية البلجيكي فليميش جان جامبون يوم السبت 16 أبريل 2016 أن «عددًا من أعضاء الجالية الإسلاميَّة قاموا بالرقص بمناسبة الهجمات الإرهابية».

 

وإذا كان التنسيق في مجال المعلومات بين فرنسا وبلجيكا شيئًا إيجابيًّا، فإنه من المقلق أن تُعاني بلجيكا من عجزٍ هيكلي في الموارد البشرية، وسوف يستمر هذا العجز على الرغم من الإعلان عن تعيين مائة فرد إضافي في جهاز أمن الدولة.

التعاون الاستخباراتي

التدابير التي تم اتخاذها بعد سلسلة الهجمات


عززت كلٌّ من بلجيكا وفرنسا، اللتان تواجهان مشكلة الشبكات الجهادية العنقودية، تعاونهما في عام 2016. وصمم البلدان على توثيق التبادل بين أجهزة الأمن الداخلي والاستخبارات، وتعزيز التعاون القضائي (تم تعيين قاضي اتصال فرنسي في بلجيكا) والتوسع في استخدام فرق التحقيق المشتركة، والإعارة المؤقتة لضابط اتصال بلجيكي لدى محافظ  مقاطعة ليل في فرنسا. كذلك لعبت مراكز تعاون الشرطة والجمارك في تورناي ولوكسمبورج دورًا رئيسيًّا في تطوير التعاون الشرطي الفرنسي البلجيكي في منطقة الحدود المشتركة.

 

وتقول رئاسة الوزراء الفرنسية (ماتينيون) في بيان صحفي صدر في يونيو 2018 إن «علاقة الشراكة بين أجهزة الاستخبارات البلجيكية ونظيراتها الفرنسية وصلت إلى مستوى من الثقة والشفافية يمكن وصفه بأنه استثنائي».

 

في عام 2017، تم الاتفاق على إنشاء فريق عمل مشترك معني بالإجراءات الجنائية لمكافحة الجريمة والإرهاب، وقد عقد اجتماعه الأول في 27 فبراير عام 2018.

 

وتم اتخاذ قرار بتكثيف التعاون من أجل مكافحة التطرف المصحوب بالعنف في السجون، واللجوء للاستخبارات الخاصة بالسجون، ورعاية القصر العائدين من العراق وسوريا، وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.

 

يقول دايفيد ستانس، محاضر بجامعة لييج ومتخصص في مراقبة أجهزة الاستخبارات البلجيكية، إن هذا التبادل للمعلومات بين فرنسا وبلجيكا يصطدم بعقبة لا يمكن تفاديها وهي وجود اختلافات في نظم القراءة القانونية بين البلدين. «في بعض الأحيان قد تكون هناك فجوة بين ما يعتبره أحد الطرفين خطرًا والآخر لا، فماذا تعني كلمة التائبين مثلًا، ما هو تعريف الشخص الراديكالي؟».

التعاون الاستخباراتي

تعزيز التعاون في 2018


اجتمع رئيسا الوزراء البلجيكي والفرنسي في باريس في 11 يونيو 2018؛ لتوثيق التعاون في مجال الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب وأجهزة المخابرات في السجون مدعوة لتبادل المعلومات حول ظاهرة تطرف السجناء الذين قد يكون لهم صلات بالحركات الإسلاموية في كلا البلدين، كما أجرى الرجلان حوارًا بشأن رعاية القصر العائدين من سوريا والعراق، فضلًا عن التعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وسيشهد عام 2018 تقديم 130 ألف طلب لجوء من المهاجرين غير الشرعيين في حين أن فرنسا لديها 2000 مكان فقط في مراكز الاحتجاز الإداري.

 

حدد اجتماع يونيو 2018 مجالات جديدة للدراسة، لاسيما فيما يتعلق بمعايير تحديد الهوية البيومترية في قواعد البيانات المشتركة، وإنشاء فرق تحقيق مشتركة حول الشبكات الجهادية والاتجار بالأعمال الفنية لتمويل الجماعات الإرهابية (عن طريق إعادة بيع الأشياء التي نهبها تنظيم الدولة الإسلامية).

 

لكن التحدي الرئيسي الذي يقلق الفرنسيين والبلجيكيين؛ هو الخروج الوشيك لعشرات المتطرفين من ذوي الخبرة من السجون البلجيكية والفرنسية ، حيث قالت رئاسة الوزراء الفرنسية في بيان صادر في 11 يونيو إنها «تترقب (على المدى القصير والمتوسط) خروج السجناء المدانين بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية مرتبطة بالإسلام الراديكالي، وكذلك المتطرفين الذين يمارسون العنف».

 

يبقى أن نشير إلى أن خروج هؤلاء السجناء يعد بمثابة تحدٍ كبير لإدارات السجون والقضاء وأجهزة المخابرات الشرطة والسلطات الإدارية.. كل هذه الموضوعات ستكون محل تشاور بين السلطات الفرنسية والبلجيكية المختصة، خاصة أن التعاون الفرنسي ـــــ البلجيكي بدأ منذ فترة قصيرة ولا يزال التهديد كبيرًا على حياة المواطنين سواء على المدى الطويل أو المتوسط.

"