«الملالي» يترنح.. انهيار إيراني قبل تنفيذ الحزمة الثانية من العقوبات

أيام قليلة وتدخل الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على نظام الملالي حيز التنفيذ، ومع اقتراب الرابع من نوفمبر المقبل، تتزايد وتيرة الغليان في الداخل الإيراني، بتفاقم الأزمة الاقتصادية، وتراجع شعبية النظام بشكل مطرد؛ ما ينذر بعواقب وخيمة حال استمر التراجع بهذه الوتيرة العنيفة.

آثار كارثية للعقوبات.. تراجع اقتصادي غير مسبوق.. انهيار قيمة العملة الوطنية.. ارتفاع معدل التضخم.. فقدان عدد كبير من الإيرانيين لوظائفهم.. زيادة نسبة البطالة.. اندلاع مئات الاحتجاجات الشعبية الواسعة واستمرارها لما يقرب من عام على خلفية الأزمات الاقتصادية.
كلها مؤشرات ومعطيات لنتيجة واحدة، مفادها مزيد من التدهور العام الذي تشهده إيران حكومة وشعبًا، وقد أدى هذا الوضع المحتقن -على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية- إلى خروج صيحات تحذير -داخل إيران نفسها- من سلوك النظام الحالي، على لسان كبار السياسيين السابقين، بعد اعتراف المرشد الإيراني علي خامنئي، مطلع أكتوبر الحالي، بأن بلاده تعاني أزمة اقتصادية كبيرة.
فقد قال عباس آخوندي، وزير النقل والعمران الإيراني، الذي استقال من منصبه مؤخرًا: إن احتمال انهيار الاقتصاد يتزايد؛ بسبب السياسات المتبعة.
وأوضح «آخوندي» في مقابلة مع صحيفة «دنياى اقتصاد» المحلية، أن أسلوب معالجة الحكومة لأزمات الاقتصاد يفتقد للتخطيط الاستراتيجي، أو اتخاذ خطوات هيكلية، مشيرًا إلى أن مكونات الاقتصاد المحلي حاليًّا تُشبه قطع الدومينو التي إذا سقطت واحدة منها ستتبعها بقية المكونات الواحدة تلو الأخرى، خاصةً أن النفقات الباهظة التي يتحملها المجتمع الإيراني حاليًّا ترجع في جزء منها إلى الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني في مايو الماضي.

خاتمي يحذر
من ناحيته، وجَّه الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، تحذيرات من احتمال حدوث تحركات اجتماعية تهدف لتغيير النظام، في حالة «إذا ما تيقن المواطنون الإيرانيون من أن ما يريدونه من إصلاحات لا يؤدي إلى تغيير حقيقي»، مضيفًا أنه «إذا ظلّت أخطاء النظام على ما هي عليه، فسوف تتطور الانتقادات إلى اعتراضات، والأخيرة ستتحول ببساطة إلى مطالبات بإسقاط النظام نفسه، ومن ثم لن يكون واضحًا ماذا يمكن أن يحدث».
وأتت تلك التصريحات على هامش لقاء خاتمي، أمس الأول، مع أعضاء المقرات الانتخابية لانتخابات الرئاسة عام 2017، وعرضت قناة «خاتمي ميديا» على تطبيق «تليجرام»، لقطات من اللقاء.
كما حث خاتمي خلال اللقاء مسؤولي النظام على الاستماع لملاحظات الإصلاحيين الذين «يؤمنون بنظام الجمهورية الإسلامية والثورة، ويريدون إجراء إصلاحات من الداخل»، في إشارة واضحة إلى أن البديل هو تصاعد صوت المعارضين الذين لا يؤمنون بنظام الجمهورية الإسلامية والثورة.
وليست هذه المرة الأولى لخاتمي الذي يتحدث فيها عن انهيار النظام، فقد قال في يوليو الماضي، في كلمة له أمام أعضاء رابطة الطلاب الثقافية في جامعة شيراز جنوب البلاد: إن النظام سينهار بالتأكيد إذا لم يُجرِ الإصلاحات، وإن فشل العملية الإصلاحية يعني انهيار النظام، في ظلِّ أزمة اقتصادية خانقة سببتها العقوبات الأمريكية.

تمرد الحفاة
وأتت تصريحات خاتمي الأخيرة بعد يوم واحد من مقال للأكاديمي البارز محسن رناني، والذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، بعنوان: «تمرد الحفاة»، حذَّر فيه من أن التراجع الاقتصادي «سيُدخل البلاد في أزمات خطيرة، قد تبدأ بشرارة، أو حادث أو احتجاج غير متوقع، أو انفجار، أو خطاب غير موزون، أو تحرك غير عاقل؛ ما سيؤدي إلى احتجاجات للفقراء والمهمشين»، مضيفًا: «هناك طريق وحيد أمامنا في حال ثار الفقراء والحفاة، وهو: إما أن نلتزم الصمت وإما أن نواجههم بالقمع الشديد، وهذا لن يكون آخر الطريق».
يُذكر أن الفترة الأخيرة شهدت تصاعدًا كبيرًا في حالات الإضراب والاحتجاجات على خلفيات اجتماعية وسياسية وحقوقية، في المعاقل التقليدية للنظام، بين أبناء القومية الفارسية نفسها، وليس من جانب الأقليات فقط، كما كان معهودًا، ومن المنتظر أن تزيد هذه المظاهر الاحتجاجية والتمردات مع بدء تطبيق الجولة الثانية من العقوبات الأمريكية، والتي تستهدف تخفيض صادرات إيران من النفط والغاز إلى الصفر، في دولة يعتمد اقتصادها بالأساس على تلك الصادرات.
من جانبه، قال الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، محمد عبادي: إن هذا التحذير الصادر من قيادات إصلاحية كبيرة بحجم محمد خاتمي، وغيره، يعني أن غليان الشارع الإيراني وصل إلى مرحلة غاية في القوة، فخاتمي معروف عنه تمسكه بالحلول الإصلاحية، وهو ليس معارضًا لنظام ولاية الفقيه، لكنه يتحدث اليوم بهذه اللهجة بعد وصول الأمور إلى درجة بالغة السوء، فهي نصيحة أقرب للهجوم على النظام من كونها مجرد رأي معارض.
وأضاف «عبادي» في تصريحات لـ«المرجع»، أن الوصول إلى هذه الحالة يعني نجاح العقوبات الأمريكية في تحقيق غرضها الرئيسي عبر وضع النظام الإيراني تحت ضغط شعبي هائل تمهيدًا لإجباره على الجلوس على مائدة التفاوض والرضوخ للشروط الأمريكية، وإعادة التفاوض معه لإخراج اتفاق جديد يراعي المصالح الأمريكية بشكل أكبر مما حدث في الاتفاق النووي الذي تم توقيعه في 2015.