«الجماعة الإسلامية»، حركة إسلامية تنشط فى دولة بنجلاديش، الواقعة في جنوب شرق قارة آسيا، وتعد من أكبر الأحزاب السياسية هناك، وانبثقت عن الجماعة الإسلامية الأم في باكستان،
والتي أسسها «أبوالأعلى المودودي» (أحد أبرز قادة التيار الإسلامي في الهند وباكستان)، مطلع أربعينيات القرن العشرين، وتحديدًا في1941 قبل انفصال الهند
عن باكستان عام 1947.
تقول الجماعة إنه، لا يمكن بناء الدولة والتغيير الاجتماعي من خلال العنف والإرهاب والفوضى،
ورؤيتها لتداول السلطة وتولي مسؤولية إدارة الحكومة إنها تكون بطريقة نظامية
وديمقراطية، وتتخذ الجماعة القرآن الكريم والسنة النبوية، مصدرين للاستناد لكل شأن من
شؤون الحياة.
ولا يقوم عمل تلك الجماعة على الأسلوب السري، على غرار الحركات السرية في العالم، بل تمارس عملها علنًا، متخذة طرقًا دستورية وقانونية للقيام بالإصلاح
الذي تنشده، وفق رؤيتها، والتغيير الذي تستهدفه، كما أنها تحاول كسب تأييد الرأي العام
للتغيير الذي وضعته نصب عينيها.
عقب انفصال بنجلاديش عام 1971 بعد الحرب بين إقليمي باكستان الشرقية، و باكستان الغربية، والتي استمرت 6 أشهر، وأسفرت عن انفصال باكستان الشرقية، وتسميتها «بنجلاديش» ، تزعم «غلام أعظم» أول إمارة للجماعة في البلاد، وجاء من بعده «مطيع الرحمن نظامي»، الذي أعدمته السلطات البنجالية في 10 مايو 2016، بعد 45 عامًا من حرب الاستقلال، لإدانته بجرائم وقعت خلال الحرب، ويأتي تنفيذ حكم الإعدام لقرار قضائي سابق بإعدام «نظامي» في يناير 2014.
وُلد «مطيع الرحمن نظامي»، عام 1943 في الهند، وتخرج في جامعة "دكا"، وحصل على درجة الدكتوراه منها في مجال الاقتصاد، ويتزعم «الجماعة الإسلامية» في بنجلاديش منذ عام 2000.
وجدير بالذكر أن الجماعة الإسلامية في بنجلاديش لم تؤيد حرب الاستقلال عن باكستان، حفاظًا على وحدة الدولة، بل إنها حاولت إقناع جميع الأطراف بالحوار والمصالحة، إلا أن هذا الانفصال لم يمنعها من مزاولة العمل الدعوى والسياسي هناك.
وفي فبراير 2013، حكمت «محكمة جرائم الحرب الدولية» في بنجلاديش(أنشأتها حكومة بنجلاديش عام 2010، للتحقيق في الجرائم التي ارتكبت خلال حرب استقلال بنجلاديش عن باكستان عام 1971)، بالسجن مدى الحياة على نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية في بنجلاديش «عبدالقادر ملا»، ولدى استئنافه للحكم، حولت المحكمة في 17 سبتمبر 2013 الحكم إلى الإعدام، ونفذته السلطات في 12 ديسمبر 2013، ليصبح أول قادة الجماعة الإسلامية الذين ينفذ فيهم حكم الإعدام.
ومنذ إعلان بنجلاديش عن تشكيل لجنة جرائم الحرب، ألقى القبض على أكثر من ثلاثة آلاف شخص، اتهموا بأنهم مارسوا أدوارًا مباشرة وغير مباشرة في محاربة الانفصال.
كما أعدمت السلطات البنجالية «علي أحسن محمد مجاهد»، الذى أتهم بأنه كان قائدًا بارزًا في «ميليشيات البدر»، التى ساندت باكستان في حربها ضد بنجلاديش، وهو ثاني أرفع عضو في حزب الجماعة الإسلامية، الذي شغل منصب أمين عام الجماعة الإسلامية، كما شغل منصب وزير الرفاه الاجتماعي بين عامي 2001 و2007، وذلك في الحكومة الائتلافية، بين الجماعة الإسلامية وحزب بنجلاديش القومي، التي ترأستها خالدة ضياء.
عام 2010، اتهمت حكومة بنجلاديش بقيادة رئيسة الوزراء «حسينة واجد» ، أبرز قادة الجماعة الإسلامية بارتكاب جرائم حرب عام 1971، وأنشأت محكمة لهذا الغرض، بهدف تنفيذ أحكام الإعدام بحق زعماء الجماعة الإسلامية، وفي 2 نوفمبر 2014، أعدمت السلطات «مير قاسم» رجل الأعمال الشهير وزعيم الجماعة الإسلامية، بعد إدانته بارتكاب جرائم حرب.
فرضت
بنجلاديش حظرًا على الأحزاب التي أقيمت على أساس ديني عام 1977، ثم رفعت
هذا الحظر، ما أتاح للجماعة فرصة إنشاء حزب سياسى إسلامى، يسمى «حزب
الجماعة الإسلامية»، ثم شهد العام 1978، أول مشاركة سياسية للجماعة، حيث
دخلت الجماعة الإسلامية الانتخابات ولم يسمح لها بالمشاركة، إلا أنه فى
إنتخابات عام 1986 حصل حزب الجماعة الإسلامية على ستة مقاعد، وفي انتخابات
عام 1991 حصل الحزب على 18 مقعدًا، وفي عام 1996 ، حصلت على ثلاثة مقاعد ،
وفي 2001 حصلت على 17 مقعدًا.
وحزب
الجماعة الإسلامية شريك رئيسي للحزب القومي في المعارضة للحكومة، حيث يُعد
حزب الجماعة الإسلامية، أهم الشركاء في تحالف المعارضة الذي يقوده حزب
بنجلاديش القومي، وسبق للحزبين أن شكلا ائتلافًا حكوميًا عام 2001.
ومنذ
سيطرة «حسينة واجد» على مقاليد الحكم عام 2009، ثم نجاحها في الفوز
بانتخابات عام 2014، اتجهت إلى التصعيد مع الجماعة الإسلامية بالدرجة
الأولى، واستهداف كوادرها، خاصة بعد عام 2014، والذي وصفت فيه الانتخابات
بأنها مزورة ، واعتبرت الأسوأ في تاريخ البلاد بعد أن قاطعتها أغلب
المكونات السياسية.
وقامت
السلطات البنجالية، تحت قيادة «واجد»، بإعدام بعض قادة الجماعة الإسلامية،
وإصدار أحكام بحق مئات من قادتها ونشطائها، كما قررت في الأول من أغسطس 2013،
حظر الجماعة الإسلامية وإغلاق مكاتبها، والاستحواز على ممتلكاتها، واعتبار أي
منتمٍ إليها متهمًا يتم القبض عليه، وبموجب قانون حظرها، باتت تطارد
أفرادها والمشتبه في انتمائهم إليها.
وسارعت
الحكومة أيضًا، بقطع الطريق على الجماعة الإسلامية، حتى لا تعود للعمل
السياسي باسم آخر، إلى اعتبار تأسيس الأحزاب على أساس ديني أو عرقي أو
مناطقي، أمرًا محظورًا في دستور بنجلاديش، خصوصًا بعد التعديل الذي أجري على
الدستور عام 1988، والذي جعل الإسلام دين الدولة الرسمي.