يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

هل ستضطر تركيا إلى طرق أبواب صندوق النقد الدولي؟

السبت 11/أغسطس/2018 - 03:25 م
المرجع
خاص : المرجع
طباعة
في تلك الظروف الصعبة التي يعيشها الإقتصاد التركي وفي ظل الإنهيار التام لسعر صرف الليرة التركية، يلوح في الأفق سؤال أصبح يشغل بال كثير من الإقتصاديين الأتراك، هل ستضطر تركيا إلي دق أبواب صندوق النقد الدولي؟.

ووفقا للتقارير الاقتصادية التي نشرتها بلومبرج الأمريكية، فإن لجوء تركيا إلي خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي من شأنه أن يكون العلاج المر الذي يتحتم على أردوغان أخذه، حيث أنه هو الذي يتفاخر دائما بتحقيق الاستقلال الاقتصادي التركي بعيدا عن وصاية صندوق النقد، في حين أن الحقيقة هي أن تركيا تعتمد على العالم الخارجي مثلما كانت دائما.

يوضح خبراء الإقتصاد أن الدائنين الأجانب إذا توقفوا عن تقديم قروضهم إلى البنوك والشركات التركية، فقد يتوقف الاقتصاد التركي بأكمله عن العمل فيما يسميه المستثمرون سيناريو "الهبوط الحاد"، ولهذا يتوقع الاقتصاديين أن تلجأ تركيا لصندوق النقد الدولي في نهاية المطاف.

تدهورت التوقعات الاقتصادية لتركيا لدرجة أن المصرفيين والمتداولين بدأوا يتحدثون عن الاحتمال الذي كان خارج الحسابات، وهو الحاجة لتدخل صندوق النقد الدولي، لا سيما على خلفية النزيف المستمر في قيمة العملة المحلية والتي شهدت هبوطًا حادًا في قيمتها أمام الدولار، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.

يشعر البعض بالقلق من فرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضوابط جديدة لحركة رأس المال، في محاولة أخيرة منه لتجنب رفع الفائدة ووقف هبوط الليرة، مستغلًا سيطرته الكاملة على اقتصاد البلاد التي اكتسبها بعد انتخابات يونيو بحسب تقرير لـ"بلومبرج".

بشكل عام منذ انتهاء الانتخابات نمت مخاوف من تبني "أردوغان" وجهات نظر اقتصادية غير تقليدية قد تقود البلاد نحو مصير قد لا تحمد عقباه، وأثناء ذلك، أججت الولايات المتحدة نار أزمة العملة التي عقدت الأمور بالنسبة للاقتصاد التركي من خلال التهديد بفرض مزيد من العقوبات على أنقرة لحبسها قسًا أمريكيًا متهمًا بالجاسوسية.

يضيف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الأزمة الإقتصادية التركية مضاعفة التعريفات الجمركية على واردات المعادن من تركيا بسبب سجنها للقس الأميركي المتهم بالتجسس وتهم أخري متعلقة بالإرهاب. كما ضرب ترامب تركيا بفرض عقوبات ويهدد بالمزيد.

1- تفاصيل الأزمة التركية:

 خلال سنوات حكم أردوغان والتي قاربت 16 عامًا، كانت تركيا تتمتع بمستويات نمو يشبه الصين. بعكس الصين التي تعد مُصدرًا قويًا يحقق فائضا بالحساب الجاري، فإن تركيا تحظى بعجز في الحساب الجاري يعد من بين الأكبر في العالم، لأن توسعها كان مدعومًا بالديون الخارجية.

بدا ذلك جيدًا عندما كانت البنوك المركزية في العالم تضخ الأموال إلى الأسواق للمساعدة في إخراج الاقتصادات من أزمتها، لكن ليس بعد الآن، فمع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وانخفاض جاذبية الأسواق الناشئة في أعين المستثمرين، بدأ سحب الأموال وتوجيهها إلى الاقتصادات المتقدمة. 
أضاعت تركيا فرصتها خلال هذه الفترة لتوجيه عشرات المليارات من الدولارات التي حصلت عليها من الخارج إلى مكاسب إنتاجية طويلة الأجل، ووضعت الكثير منها في مشاريع عقارية ومراكز تسوق، وهو الأمر الذي أدى إلى زيادة النمو على المدى القصير. ولكن هذا لم يفعل سوى القليل لتحسين الإنتاجية ، أو الناتج لكل عامل، وهو المصدر الرئيسي للنمو الاقتصادي على المدى الطويل وارتفاع مستويات المعيشة.

2- كيف تسير الأمور بخصوص الاقتصاد التركي الآن؟ 

تبدو الأمور في منتهي السوء بالنسبة للاقتصاد التركي. التضخم تجاوز 15%، أي أكثر من ثلاثة أضعاف مستهدف البنك المركزي، وبلغت عائدات الديون التي تصدرها الحكومة مستويات قياسية، في ظل استمرار انهيار الليرة.

كل ذلك لا يضر فقط بمعنويات المستهلك وأمواله، بل يضع ضغوطًا قوية على ميزانيات الشركات التي اقترض الكثير منها عملات أجنبية من الخارج وتواجه الآن عبئًا متزايدًا بسبب ارتفاع تكاليف هذه القروض مع انخفاض قيمة العملة المحلية. 

بدلًا من تخفيض الدين الحكومي والاعتماد على البنك المركزي في تهدئة الأمور عبر رفع أسعار الفائدة، يريد "أردوغان" الإبقاء على معدل فائدة منخفض لتمويل المزيد من عمليات البناء. 

3- لماذا انخفضت أسعار السندات؟

 تجاوزت تركيا الأرجنتين باعتبارها أسوأ مكان في العالم لمستثمري الديون السيادية. وارتفع العائد على سنداتها العشرية إلى أعلى مستوى على الإطلاق فوق 20%، والسبب هو أن المستثمرين خائفون.

إن عجز الحساب الجاري الذي يقدر بأكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد هذا العام، يتطلب من تركيا جذب المزيد من الأموال من الخارج باستمرار. 

تحتاج الحكومة أيضًا إلى كبح التضخم لتفادي ذعر المستثمرين، خاصة مع توقع تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير. 

في حين أن البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس منذ أبريل/ نيسان، فإن ذلك لم يكن كافيًا لإبقاء التضخم تحت السيطرة.

4- لماذا ضعفت الليرة التركية؟ 

تشمل أسباب التدهور المستمر في قيمة العملة المحلية الاضطراب السياسي الذي عصف بالبلاد عقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في 2016 ضد "أردوغان"، ما أتبعه المزيد من التوتر في العلاقات مع أوروبا وأمريكا.

لكن الليرة تنهار أيضًا بسبب اتباع الإدارة التركية سياسة النمو مقابل أي ثمن، والتي غذت التضخم حتى استفحل، فدائمًا المزيد من النمو كان يعني المزيد من الديون. 

إن الهبوط الحاد في قيمة العملة التركية يؤلم الاقتصاد كثيرًا، نظرًا لاعتماد عملية التصدير على الواردات في الأساس، وخاصة الطاقة، وبالطبع يؤلم الشركات التي تمتلك صافي عجز في التزامات العملات الأجنبية قيمته 210 مليارات دولار.

5- أسباب إرتفاع التضخم ؟ 

أرتفع التضخم بنسبة 15.85 في المائة ، مما يدفع زيادة التضخم إلي الخروج عن السيطرة لأن شريحة الليرة تحافظ على رفع تكلفة الواردات. كان بإمكان معظم البنوك المركزية حل المشكلة من خلال رفع أسعار الفائدة قبل أن تبدأ العملة في الإنهيار، وهو العلاج التقليدي عندما ترتفع الأسعار
"