«بسيسو».. فلسطيني اقترب من منصب مرشد الإخوان
الأربعاء 18/يوليو/2018 - 03:10 م
دعاء إمام
في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، ابتعثت جماعة الإخوان، أول مجموعة مصرية تزور فلسطين، فسافر كل من عبدالرحمن البنا، شقيق مؤسس الجماعة حسن البنّا (1906-1949)، ومحمد أسعد الحكيم، في أغسطس 1935؛ للقيام بمهام التبشير للجماعة الدينية الجديدة، وكان لهذه البعثة صدى عند الكبار والصبيّة، ومن بين هؤلاء الصبية، القيادى الفلسطيني «هاني بسيسو».
وُلد هاني مصطفى بسيسو عام 1929 في أسرة كريمة ميسورة الحال بمدينة غزة الفلسطينية، في منطقة الشجاعية، وكان تفوقه في المرحلة الثانوية 1947، سببًا في انتقاله إلى مصر، لدراسة القانون بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وانضم إلى جماعة الإخوان، قبل إتمام دراسته الجامعية، إذ بايع جماعة الإخوان في نفس عام وفاة البنّا 1949، بعد أن تعرف على فكرهم في الجامعة، من خلال الطلاب المنتمين لها، الذين اتخذوا من قضية فلسطين وتحريرها من الاحتلال، وسيلة إقناع كي يبايعهم الشاب الفلسطيني.
عقب تخرجه في الجامعة المصرية، سافر للعراق، وعمل مدرسًا هناك، بعد رفضه التعيين في السلك القضائي، رغم حصوله على درجة الماجستير في القانون، وكان له دور في نشر الفكر الإخواني في العراق، فاستغل عمله بالتدريس، في إقناع الطلاب وأهالي مدينة الزبير (مدينة عريقة تقع جنوب العراق بالقرب من البصرة)، وكان يقطنها؛ بأيديولوجية الجماعة وأهدافها.
وفي صيف عام 1963، وبعد فترة من العمل في صفوف حركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، ظهر تميز «بسيسو» في تفكيره وتعاطيه مع مشكلات الحياة، فدفع هذا قيادة الإخوان المسلمين في جميع الأقطار التابعة لفلسطين أن ينتخبوه مراقبًا عامًّا للإخوان في فلسطين، أسوة بغيرهم في الدول الأخرى، فكان أول من تحمل هذه المسؤولية بهذا الشكل، وقيل إن اسمه طُرح فيما بعد ليكون مرشدًا عامًا للإخوان، وهو منصب مقتصر على قيادات الجماعة داخل مصر، إلا أنه ومن بعده اللبناني فيصل مولوي، كانا مطروحين في أوقات مختلفة، ضمن خيارات تعيين مرشد من غير المصريين، دون أن يحدث هذا الأمر.
همزة وصل
بقي «بسيسو» همزة وصل، بين إخوان فلسطين، ومكتب الإرشاد في مصر؛ برئاسة المرشد الثاني للجماعة، حسن الهضيبي (تولى منصبه 1949 - 1973).
وبعد مرور عامين من تولي «بسيسو» منصبه، كانت المواجهات قد اشتدت بين إخوان مصر والرئيس الراحل جمال عبدالناصر (1956-1970)، إذ شهد عام 1965 تخطيط مجموعة عُرفت بـ«تنظيم 65» (جماعة سرية تزعمها منظّر الإخوان سيد قطب لتنفيذ عمليات إرهابية) لاغتيال الرئيس فيما عرف إعلاميًّا بـ«حادث المنشية»؛ ما أدى إلى اعتقال أفراد التنظيم ومن عاونهم، وكان بينهم «عبدالرحمن بارود» (نائب المراقب العام الفلسطيني)، الذي اقتيد هو الآخر إلى السجن للتحقيق معه.
استقر «بسيسو» في القاهرة، في الفترة التي صادفت محاولة اغتيال عبدالناصر، تحت غطاء الدراسات العليا، ولكن في حقيقة الأمر كان وجوده مرتبطًا بمتابعة شؤون الجماعة، وعندما علم «بسيسو» بإلقاء القبض على نائبه «بارود»، استطاع الهرب من مصر، متوجهًا إلى غزة، ومكث هناك 40 يومًا، قبل أن تصل إليه قوات الأمن، التي داهمت منزله وعثرت على أوراق تفيد تقديمه دعم مادي لأحد شباب الإخوان، وأنكر «بسيسو» معرفته بهذه الأموال، قائلًا: إن الشاب المصري اقترض منه هذا المبلغ لمساعدة أسر المعتقلين، وكتب الورقة لضمان حقه في أن يسترد المبلغ.
بموازة ذلك، اعترف شابان من الإخوان على بسيسو بأنهم طلبا مساعدات مالية للأسر التي تم اعتقال أفرادها في قضية تنظيم 65، وحصلا بالفعل على مبالغ مالية منه، وتم الحكم على «بسيسو» ونائبه «بارود» بالسجن ثلاث سنوات؛ بتهمة تهريب أموال من غزة إلى مصر، واستخدامها في عمليات إرهابية.
وفي عام 1968، وعقب انتهاء فترة حبسه، تم تمديد فترة الحبس لـ«بسيسو» حتى عام 1970، وهو العام الذي توفي فيه نتيجة إصابته بالحمى الشوكية، لكن ظل فكره حاضرًا في قطاع غزة التي احتضنت فيما بعد حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، والتي تُعدُّ امتدادًا لجماعة الإخوان، وسيطرت على القطاع (2006-2017).





