يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

دلالات استغلال الجماعات الإرهابية قضايا البيئة والمناخ

الأحد 08/يوليو/2018 - 12:46 م
المرجع
محمد الدابولي
طباعة

تسعى الجماعات المتطرفة والإرهابية إلى تجنيد المزيد من العناصر، وفي سبيل تحقيق هذا الغرض تحاول هذه الجماعات استغلال العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية مثل قضايا «القدس، حقوق الإنسان، والأزمات الاقتصادية»، وأخيرًا قضايا المناخ.


 وقد شهدت الأعوام الماضية دخول الجماعات الإرهابية على خط الأزمة المناخية، التي يمر بها كوكب الأرض نتيجة الاحتباس الحراري الناجم عن توسع الدول الصناعية الكبرى في استخدام الطاقة، مثل الولايات المتحدة المسئولة عن 25% من حالة الاحتباس الحراري الموجودة بالجو، وذلك من خلال إبداء تنظيم «القاعدة» و«حركة شباب المجاهدين» الاهتمام بتلك القضية.

أسامة بن لادن
أسامة بن لادن

بن لادن والاحتباس الحراري:

يعود اهتمام «القاعدة» بقضية المناخ والاحتباس الحراري، إلى يناير 2010، أي فور تولي الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما» مهامه الرئاسية في البيت الأبيض، وخلال تلك الفترة تزايدت المطالبات والضغوط من الجمعيات المهتمة بشئون البيئة والمناخ على الإدارة الجديدة وقتها؛ من أجل اتخاذ سياسات من شأنها الحد من الانبعاثات الحرارية.

 

وفي تسجيل صوتي، صدر عام 2010، ألقى زعيم «القاعدة» حينها، أسامة بن لادن، اللوم على الولايات المتحدة بالتسبب في الأزمة المناخية التي يعاني منها كوكب الأرض، وطالب بضرورة أن يتخلى الاقتصاد العالمي عن الدولار الأمريكي، مؤكدًا أن تغيير المناخ ليس ترفًا أيديولوجيًّا، بل حقيقية يجب أن تتحملها الدول الصناعية المتسببة في الاحتباس الحراري.

 

ويعد حديث «بن لادن» عن الاحتباس الحراري من المرات القليلة التي خرج فيها عن المألوف، ففي العادة لا تخرج خطاباته عن الوعيد والتهديد للولايات المتحدة الأمريكية، واتهامها دومًا بأنها السبب في المشكلات كافة التي يعاني منها المسلمين، والثناء على عناصر «القاعدة» المشاركين في العمليات الإرهابية.

 

وفي تسجيله الخاص بالاحتباس الحراري، ذهب «بن لادن» إلى أبعد من اتهام أمريكا بالتسبب في الاحتباس، بل انتقدها أيضًا في رفضها التوقيع على «بروتوكول كيوتو» الساعي للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. وربط «بن لادن» بين ظاهرة الاحتباس الحراري والتقدم الاقتصادي لأمريكا.

 

وفي عام 2016، أصدر مكتب الاستخبارات الوطنية الأمريكية مجموعة من الرسائل المنسوبة لزعيم القاعدة السابق «بن لادن»، يؤكد في إحداها -معنونة بـ«العواقب الهائلة لتغيير المناخ»- على مسؤولية الولايات المتحدة عن الاحتباس الحراري والتغير المناخي.

دلالات استغلال الجماعات

◄ «شباب المجاهدين» تحظر استخدام أكياس البلاستيك:

تؤكد العديد من التقارير البيئية أن الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتدوير تمثل خطرًا بيئيًّا جسيمًا على صحة الإنسان والحيوان؛ لذا اتخذ العديد من الدول الأفريقية، مثل كينيا والمغرب قرارات بحظر استخدام الأكياس البلاستيك.

 

ومن المثير، أن حمى «حظر الأكياس البلاستيكية» امتدت إلى «حركة شباب المجاهدين» بالصومال، المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، فأخيرًا اتخذت الحركة المسيطرة على منطقة «جوبالاند» قرارًا بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية؛ نظرًا لخطورتها البيئية على صحة الإنسان والحيوان، وأدخلتها في إطار المحرمات التي تفرضها الحركة مثل «الموسيقى، الغناء، ومشاهدة التلفاز».

دلالات استغلال قضايا البيئة عند الجماعات الإرهابية:

من المؤكد أن الجماعات الإسلاموية بعيدة كل البعد عن تبني قضايا المناخ، فلم تكن تلك القضايا حاضرة في كتابتهم من قبل، كما أن تنظيم «القاعدة» حاول في مرات عديدة الحصول على أسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبيولوجية المدمرة للبيئة، كما تسببت «حركة شباب المجاهدين» في العديد من الأزمات البيئية في الصومال، مثل أزمة التصحر والجفاف وما ترتب عليها من مجاعات، كما أن العمليات الإرهابية التي تنفذها الحركة في الصومال تحول دون وصول المساعدات الدولية للشعب الصومالي، فضلًا عن استمرار فشل الدول وانهيارها، وعدم قدرتها على مواجهة القضايا والأزمات البيئية.

دلالات استغلال الجماعات

ويحمل استغلال الجماعات الإرهابية لقضايا البيئة والمناخ العديد من الدلالات والأبعاد التي تكشف عن حقيقة نوايا تلك الجماعات تجاه تلك القضايا، ومن أبرزها:

تجنيد عناصر جديدة:

يشير العديد من الخبراء إلى أن قضية تغير المناخ والاحتباس الحراري توضح حالة من اليأس وصلت إليها الإنسانية، والجماعات الإرهابية جيدة في استغلال واستثمار حالات اليأس التي تصيب المجتمعات البشرية، فمثلًا استثمرت الجماعات المتطرفة حالة اليأس الناجمة عن فقر المجتمعات المسلمة في تجنيد العناصر الإرهابية، ومن ثم ستحاول استغلال قضايا التغير المناخي والاحتباس الحراري لدعم صفوفها بعناصر جديدة.

 

استشراف الصراعات القادمة:

ستؤدي التغيرات المناخية إلى العديد من الأزمات البيئية كـ«التصحر، والجفاف واضطراب مواسم الأمطار»؛ ما سيؤدي بالتبعية إلى تغير خريطة الموارد الاقتصادية في العالم، ومن ثم اندلاع المزيد من الصراعات في المستقبل القريب حول الموارد الطبيعية؛ لذا تحاول الجماعات الإرهابية أن تكون فاعلًا رئيسيًّا في الصراعات المستقبلية حول الموارد الاقتصادية، فعلى سبيل المثال تعاني إيران من حالة التصحر والجفاف؛ الأمر الذي دفعها إلى حث الجماعات المتطرفة على استهداف السدود المائية الأفغانية الواقعة على الأنهار المشتركة.

دلالات استغلال الجماعات

مناكفة الولايات المتحدة:

يأتي اهتمام «القاعدة» بقضية التغير المناخي والاحتباس الحراري؛ من أجل مسايرة الاتهامات الموجهة للولايات المتحدة بدورها في الاحتباس الحراري، إضافةً إلى الاتهامات التقليدية بمحاربة الإسلام والمسلمين.

 

تحسين صورة القاعدة:

في الوثيقة التي تم تسريبها عام 2016، ربط «بن لادن» بين ظاهرة التغير المناخي وبالحالة البائسة لأطفال باكستان المعرضين للأمراض الخطيرة والجفاف، في محاولة منه لإضفاء بعدٍ بطوليٍّ للدور الذي تقوم به «القاعدة» في مواجهة الولايات المتحدة؛ لتحسين صورة التنظيم بإظهاره المدافع عن حقوق الطبيعة.

"