ad a b
ad ad ad

باوه جاني رئيس حزب سربستي كردستان: انتفاضة جينا هزت عرش النظام الإيراني

السبت 30/سبتمبر/2023 - 04:01 م
المرجع
إسلام محمد
طباعة
مرور عام كامل على مقتل الفتاة الكردية جينا (مهسا أميني) في إيران، قدم الكرد وجماهير الشعب الإيراني تضحيات كبيرة في انتفاضتهم ضد النظام الديني، دون أن يلقوا تحركًا ملموسًا من قبل ممن يسمون بالمدافعين عن حقوق الإنسان.

ازدواجية الغرب
وقد تحدث باوه جاني عن قصة الفتاة الكردية جينا التي اشتهرت باسم مهسا أميني، وكيفية مقتلها، وكيف أشعلت وفاتها انتفاضة شعبية العام الماضي في عموم إيران، خاصة في مناطق الكرد، وكيف قمعها الحرس الثوري والنظام الديني، وتعاطف معها العالم الغربي إعلاميا، منتقدًا في الوقت نفسه ازدواجية المعايير الغربية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وأن هذه الشعارات مجرد غطاء للمصالح الغربية دون أن تترجم لعمل حقيقي، فكان هذا الحوار مع حوار مع رئيس حزب سربستي كردستان، عارف باوەجاني، للوقوف على أبعاد المشهد.

من هي جينا؟ ولماذا تم قتلها؟
في 13 سبتمبر 2022 كانت الفتاة اليافعة والمحبة للحياة وعاشقة العلم والمعرفة "جينا اميني" التي غيروا اسمها إلى مهسا من دون موافقة والديها في زيارة إلى بيت خالتها مع والديها، جاءوا من مدينة سقز في شرق كوردستان إلى العاصمة طهران استعدادًا لبدء العام الدراسي الجامعي الجديد وإعداد مستلزمات الدراسة، لكنها مع نزولها في محطة المترو تعرضت للضرب المبرح وبشكل وحشي من قبل جلادي النظام، ما تسبب بوقوع جروح خطيرة في منطقة الرأس، وبعد الرقود في المشفى لمدة ثلاثة أيام في قسم العناية المركزة لم يستطع الأطباء إنقاذ حياتها لتسلم روحها إلى بارئها في 16 سبتمبر 2022، وكان ذلك الحدث التراجيدي بمثابة شرارة لأيقاد نار ثورة شعبية وبركان جارف في شرق كوردستان هزَّ عرش النظام الفارسي، ودوت أصداؤه على مستوى الشرق الأوسط والعالم.

ما ردود الأفعال على المستويين المحلي في كوردستان وإيران؟
كما رأينا في مدن مناطق شرق كوردستان، كان لاستشهاد الطالبة الجامعية والحادث المروع ردة فعل قوية من قبل أبناء الشعب، وذلك بالقيام بانتفاضة شعبية عارمة امتدت شرارتها إلى جميع المحافظات والمدن الإيرانية، وتنظيم تظاهرات شعبية واسعة ضد النظام بسبب ارتكابه هذه الجريمة الشنيعة، التي هزت الضمير الإنساني لتمتد للعواصم العالمية التي توجد فيها الجاليات الإيرانية الذين نظموا تظاهرات صاخبة منددة بالنظام.

كيف تعاملت طهران مع الأزمة؟
خلال التظاهرات الشعبية العارمة التي اجتاحت غالبية المدن الإيرانية استشهد أكثر من 600 شخص على يد القوات الأمنية للنظام، فضلًا على اعتقال الآلاف من المتظاهرين الذين تم إعدام أعداد كبيرة منهم بذريعة معارضة النظام، وهناك أعداد أخرى حكموا بالإعدام بعد أشهر من التظاهرات ولكن حتى اليوم لم يتم تنفيذ الحكم ضدهم، وهم ينتظرون الموت المحتوم من دون علم عوائلهم، كما أصيب الآلاف من المتظاهرين بإطلاق الرصاص أدى إلى بتر أطراف بعضهم، وإعاقة أعداد أخرى، كما قام آلاف آخرون بترك البلاد والهروب من بطش النظام واللجوء إلى المنافي في العالم؛ خوفًا من اعتقالهم وزجهم في السجون والمعتقلات وتصفيتهم بشكل جماعي.

لقد بذلت مساعي كبيرة لتضليل الرأي العام، وتزييف الهوية الكوردستانية للثورة التي اشعل فتيلها شعب كوردستان وسرقة تضحياته على أساس أن الثورة لا علاقة لها بقومية معينة، وإنما ثورة شعبية إيرانية ضد النظام؛ حيث كان ذلك خلافاً للواقع والحقيقة، كون جميع الثورات القديمة والمعاصرة في شرق كوردستان كانت وماتزال من أجل الحرية والديمقراطية لجميع الشعوب والقوميات المضطهدين، فضلا على أن حقوق المرأة تشكل جزءًا مهمًّا وحيزًا كبيرًا من برامج وخطط الأحزاب الكوردية في شرق كوردستان.

كيف كان تأثير ردود الأفعال في خارج البلاد على النظام؟
في غالبية العواصم العالمية تم تنظيم مسيرات وتجمعات ونشاطات ثقافية ودبلوماسية مكثفة من قبل الشعوب المحبة للسلام دعمًا لشعبنا المنتفض في شرق كوردستان وإيران بشكل عام، وفي الأشهر الأولى للانتفاضة الشعبية تم فضح جرائم النظام ضد الجماهير المنتفضة من قبل وسائل الإعلام العالمية في أوروبا والولايات المتحدة ودول العالم الأخرى، وتم فرض عقوبات على شركات ومؤسسات وشخصيات تابعة للنظام الإيراني من أجل فرض عزلة دولية عليه.

ثورة جينا في كوردستان مستمرة، ولكن لماذا التلاعب والعبث بمصطلح "حقوق الإنسان"؟
ثورة جينا كغالبية الثورات المطالبة بالحقوق والحريات مستمرة ولن تتوقف في داخل الوطن المحتل ما تزال الانتفاضة قائمة من دون المساس بمضمونها، ورغم انحسار التظاهرات والمسيرات في الشوارع والساحات الكوردستانية فإن أهداف الثورة ما تزال حية مترسخة، والجماهير ما تزال على أهبة الاستعداد لإشعال فتيلها من جديد واستمرارها في أية لحظة يرونها مناسبة.

ما تقييمك لدور الدول الأجنبية؟
للأسف كما في المراحل التاريخية الماضية، قامت الدول الأجنبية بإطلاق صفارة انتهاء اللعبة (الثورة) من دون تحقيق نتيجة في دقائقه الختامية، وبعد مضي وقت قصير اختزلت تلك الدول دعمها للثورة في الإطار الإعلامي فقط، وكما رأينا في مرحلة ما بعد ثورة (جينا) شرعت تلك الدول من جديد بعلاقاتها وزياراتها ولقاءاتها واجتماعاتها مع مسؤولي النظام الإيراني من أجل مصالحها، من خلال نتائج تلك الثورة الشعبية اتضح لي وللكثيرين من المراقبين السياسيين والناشطين المحليين والدوليين أن الدول الكبرى ليست مستعدة للتضحية بمصالحها الاقتصادية والأمنية من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق الشعوب الراضحة تحت الاحتلال، والتي صدعوا بها رؤوس العالم منذ عشرات السنين، وكتبوا عنها العديد من الكتب، وعقد مئات بل آلاف الندوات والحوارات التلفزيونية، فضلاً عن إدراج مناهج تخص تلك الادعاءات الزائفة في جامعاتهم وكلياتهم، وعندما تنتهك حقوق الإنسان في العالم بشكل فاضح يصمون آذانهم، ويديرون وجوههم، وكأن شيئًا لم يحدث.
"