ad a b
ad ad ad

آثار الهشاشة الأمنية.. ازدهار تجارة المخدرات بـ«الساحل الإفريقي» بجانب الجريمة والإرهاب

الأحد 09/يوليو/2023 - 08:17 م
المرجع
أحمد عادل
طباعة
بشكل منتظم وتنامٍ مستمر، أصبحت تجارة المخدرات ظاهرة مقلقة لحكومات وشعوب دول غرب ووسط إفريقيا، حيث عرفت المنطقة لأول مرة تجارة المخدرات المنظمة بواسطة شبكات واسعة وتنسيق دقيق بين أفرادها في بلدان المنشأ بأمريكا اللاتينية ونظرائهم في إفريقيا مع بداية الألفية الثانية، وفاقم من الأمر النشاط غير المسبوق للجماعات الإرهابية في المنطقة، والتي باتت تسيطر على جغرافيات واسعة من بلدان عديدة؛ خصوصًا مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

مخدررت وجريمة
وفي سياق متصل، يواصل تهريب المخدرات الازدهار في منطقة الساحل بفضل الجماعات المسلحة غير الحكومية التي تنشط هناك، بحسب ما أشار مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقريره لعام 2023 الذي نشر في يونيو الماضي.

ووفق التقرير، فقد قفزت كميات الكوكايين المضبوطة في منطقة الساحل (موريتانيا، ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وتشاد) العام الماضي، وازدادت من 13 كيلوجرامًا في السنة بين عامي 2015 و2020، و35 كيلوجرامًا في عام 2021 إلى 863 كيلو جرامًا في عام 2022.

وكانت أكبر المضبوطات في بوركينا فاسو (488 كلج) ومالي (160 كلج) والنيجر (215 كلج)، وقد لا تكون سوى جزء من فيض تدفقات أكبر بكثير غير مكتشفة"، وفق التقرير الذي اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية.

ويشير التقرير إلى أن تهريب المخدرات في معظم بلدان الساحل تنظمه "جماعات إجرامية بهدف الربح".

وهذه الجماعات المسلحة التي انضمت إلى الشبكات التقليدية للمتاجرين، تمول نفسها بشكل خاص من خلال دفع الضرائب والرسوم الأخرى مقابل الحماية أو المرور الأمن عبر المناطق التي يسيطرون عليها.

منذ سنوات، تواجه مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي ثلاث من أفقر دول في العالم، عصابات مسلحة أو جماعات جهادية مرتبطة بـ"القاعدة" وتنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى.

ولاءات مختلفة
ويشير خبراء الفريق المعني بمالي في التقرير، إلى أن الجماعات المسلحة ذات الولاءات المختلفة متورطة في نقل شحنات المخدرات، بما في ذلك الكوكايين وصمغ القنب، مما يوضح أن الأسواق غير الشرعية توفر لهم موارد مالية.

إضافة إلى الكوكايين، يبقى عشب القنب "أكثر المخدرات المضبوطة في منطقة الساحل"، حيث بلغ 36 طنًّا في عام 2021، في ما يُعد "رقمًا قياسيًّا" وفق التقرير، كما تم اعتراض أكبر الكميات في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

وفي البلدان الساحلية في غرب إفريقيا، يتم بانتظام ضبط كميات كبيرة من المخدرات التي تنتقل عمومًا بين أمريكا اللاتينية وأوروبا، ففي أبريل 2022، تم اعتراض أكثر من طنين من الكوكايين، خصوصًا في ساحل العاج.

تواجه بلدان ساحلية في غرب إفريقيا تدفقًا متزايدا للمخدرات من أمريكا اللاتينية، حيث بلغت مضبوطات الكوكايين هناك 57 طنًّا بين عامي 2019 و2022، توزعت بين الرأس الأخضر 16.6 أطنان، في السنغال 4.7 أطنان، بنين 3.9 أطنان، كوت ديفوار 3.5 طن، غامبيا 3 أطنان، غينيا بيساو 2.7 أطنان، وفقا لتقديرات (UNODC).

هشاشة أمنية
من جانبه، قال ناصر مأمون عيسي، الباحث في الشأن الإفريقي، إن تجارة المخدرات التي لم تكن تعرفها منطقة الساحل وغرب إفريقيا من قبل، وتفشت بشكل لافت خلال العقد الأخير؛ حيث تفتقر الحكومات والأجهزة الأمنية هناك إلى أبسط مقومات المكافحة، فضلاً عن الهشاشة الأمنية التي فرضتها سيطرة بعض الجماعات الإرهابية على أجزاء واسعة من بعض الدول، بجانب عدم الاستقرار السياسي بسبب الانقلابات العسكرية والتدخلات الخارجية غير المثمرة.

وأكد ناصر في تصريح خاص لـ«المرجع»، أن اقتصاديات المخدرات تنامت بشكل مثير للريبة والقلق في السنغال وغانا أو الرأس الأخضر، التي تعتبر الأكثر استقرارًا بين نظيراتها من دول المنطقة، حيث تعد منطقة شمال مالي مركزًا كبيرًا لعمليات تجارة الحشيش بالنسبة إلى الجماعات الإرهابية التي بدأت أنشطتها كمجموعات إجرامية (قطاع طرق) قبل أن تعلن كل واحدة منها انتماءها إلى داعش أو القاعدة، وتواصل تلك الجماعات المنظمة جرائمها اتجاه المجتمع المحلي، حيث إن بعضهم زعماء محليون يتمتعون بوضع اجتماعي مميز بين المجتمعات القبلية، الأمر الذي يُصعِّب مهمة رصدهم ومراقبتهم أو اعتقالهم.

وأضاف الباحث في الشأن الإفريقي، أن الحدود الفاصلة بين الإرهاب ونشاط تهريب المخدرات في منطقة الساحل، أصبحت غير واضحة إلى حد أن النشاطَين يتكيَّفان مع بعضهما باستمرار، كما أنه من الخطأ أن تكرس بعض التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة معلومات مثل أن المهربين يستهدفون تجارة المخدرات بأوروبا، بينما الحقيقة أنهم بجانب ذلك يسعون أيضًا إلى خلق سوق استهلاكية في إفريقيا.
"