عبر شبكات قوية.. جماعات الإرهاب تتنتشر في إفريقيا رغم قتل زعمائها
استطاعت الجماعات التكفيرية بناء شبكات قوية لها ببعض مناطق أفريقيا، ولكن مع الاستهدافات المتتالية لرؤوس الإرهابيين تأتي التساؤلات حول التأثيرات التي خلفها ذلك على فروع أفريقيا وإلى أي مدى تراجعت أو تبلورت تلك الفروع لتكون منصة أكثر رسوخًا من معاقل مهددة.
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 30 أبريل 2023 مقتل زعيم داعش أبو الحسين القرشي، ومع كل عملية استهداف لزعيم جماعة تكفيرية تظهر أطروحات حول احتمالات تراجع التنظيمات إلى جانب درجات تأثر فروعه، ومع ذلك تبقى الفروع الإفريقية في تطور ملحوظ يُخشى من تحولها لمراكز تهديد دولي.
تاريخ قطع رؤوس الإرهاب ومعاقل إفريقيا
إن اتجاه الجماعات الإرهابية نحو أفريقيا مبني على عوامل عدة كالتراخي الأمني في بعض المناطق وعدم رسوخ أنظمة الدول والصراعات السياسية والعرقية، وكذلك الطائفية، والتي تمنح التطرف بيئة مواتية للتنامي، وذلك كأسس تخص الموقع ذاته، ولكن فيما يخص عقيدة التنظيمات فهي ترى في القارة السمراء معاقل ثرية، إلى جانب أيديولوجية التنامي الجغرافي بما يخدم مشروع التأسيس للخلافة المزعومة والانتشار في البيئات المناسبة وإشعال التنافس بين التنظيمات.
يسوق الغرب عادة مقتل زعماء الإرهاب كنجاح في القضاء على العنف، فمع مقتل أبو بكر البغدادي مؤسس تنظيم داعش راجت بعض الأطروحات حول احتمالات تأثر الفروع الأفريقية بخلل المعاقل الرئيسة، ولكن الواضح بالإحصائيات والمراجعة أن فروع إفريقيا باتت خطرًا حقيقيًّا قد يفوق الخطر الذي تشكله الفروع التي نشأ بها التنظيم.
أشار مؤشر الإرهاب الدولي لعام 2023 الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام إلى مراكز متقدمة لبعض الدول الإفريقية على المؤشر كأكثر دول راح مواطنوها ضحايا لهجمات دموية عنيفة، وترتيبهم من الأكثر للأقل كالتالي: بوركينا فاسو والصومال ومالي ونيجيريا والنيجر والكاميرون وموزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وتعد من ضمن الأكثر 15 دولة عالميًّا في التأثر بحوادث التطرف.
كما ذكرت الورقة البحثية أن صراعات تنظيمي داعش والقاعدة في هذه الدول أسهمت في تراجع الأمن وزيادة الهجمات وبالتالي ارتفاع عدد الضحايا، ومن جهته يقول الباحث في ملف الجماعات المتطرفة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية علي بكر لـ«المرجع»، إن التنافس بين داعش والقاعدة على التمدد أفريقيًا يعتمد على رغبة التنظيمين في التوسع أكثر بالمنطقة استغلالًا لضعف القدرات الأمنية والعسكرية لبعض الدول.
تنظيم القاعدة والرؤى الجهادية لإفريقيا
ازدادت توسعات تنظيم القاعدة في إفريقيا على اختلاف زعمائه، واستطاع التنظيم تأسيس فروع قوية له في المنطقة أبرزها في الصومال ومالي وبوركينا فاسو، متخذًا من هذه الفروع منصة لاستقطاب عناصر جدد وتدريبهم على أيديولوجيته وقتاله، فضلًا عن استغلال ثروات المناطق.
ويقول نيك ريدلي، الباحث في السياسة والأمن بجامعة متروبوليتان البريطانية في كتابه «Terrorism in East and West Africa: The under-focused Dimension» أو «الإرهاب في شرق وغرب أفريقيا» إن فترة مكوث بن لادن في السودان قبل 11 سبتمبر خلال الفترة من 1991 حتى 1996 كانت من المراحل المهمة للتنظيم في أفريقيا، إذ هيأت المجال لتطور وجود تنظيم القاعدة في المنطقة وتطوير فروع إقليمية له تستغل الأوضاع المضطربة لبعض دول القارة.
ويضيف الباحث: إن «بن لادن» استغل هذه الفترة لتأسيس أنشطة اقتصادية كالتجارة في السلع الغذائية وأعمال البناء والتشييد والشحن والنقل، إلى جانب استثمارات بملايين الدولارات في البنوك السودانية، ما استطاع عبره الإنفاق على معسكرات تدريبية لحمل السلاح وصنع المتفجرات في المنطقة، كما وظفت المعسكرات لتدريب عناصر جيش المقاومة المتمردين «LRA» والمتمردين على حكومة أوغندا، ومن ثم تبلورت فروع القاعدة في أفريقيا كأداة للإنفاق على التنظيم.





