تُعدّ أموال الزكاة من أهم مصادر الدخل التي تعتمد عليها حركة طالبان، حتى
قبل وصولها للسلطة، إذ كانت الحركة تتعمد جمعها قسرًا من المواطنين الذين يخضعون لها
في مناطق نفوذها، عن طريق لجانها المنتشرة في تلك المناطق، وبعد استيلاء الحركة
على الحكم، وقلة موارد الدولة اعتمدت طالبان على أموال الزكاة بصورة رئيسية بجانب
الضرائب التي زادت بصورة كبيرة رغم الأزمات التي يعاني منها المواطن الأفغاني، مما
زاد حالة التذمر ضد الحركة.
استغلال شهر رمضان
وتستغل الحركة شهر رمضان في زيادة أعداد موظفيها وعملائها المتخصصين في جمع
أموال الزكاة من الولايات المختلقة والتي تفرضها قسرًا على المواطنين وأصحاب
المحال التجارية، والتي تصل إلى 2000 أفغاني (الأفغاني هو العملة الأفغانية وتعادل
0.011 دولار أمريكي) على كل 100 ألف
أفغاني، يأخذها موظفو الحركة من المواطنين، رغم أن أموال الزكاة يدفعها الشخص
اختيارًا إلى مصارفها الشرعية التي حددتها الشريعة الإسلامية، وليست إلزامية أو
تخضع للجباية كما يفعل موظفو الحركة.
وتشير تقارير محلية من ولاية بدحشان الأفغانية إلى أن موظفي طالبان يجمعون
أموال الزكاة من أصحاب المحال التجارية قسرًا، وتحت تهديد السلاح الذين طالبوا
السلطات المركزية بمنع تلك الممارسات التي تعرقل أنشطتهم ولا تسمح لهم بالعيش
وممارسة أعمالهم في سلام.
وذكرت صحيفة "الثامنة صباحًا" الأفغانية أن سكان مدينة فايز أباد
أطلقوا حملة احتجاجات جماعية ضد موظفي طالبان، ووصفوا أعمال الجباية التي يجبرونهم
عليها تحت زعم جمع أموال الزكاة بأنها مخالفة للشريعة الإسلامية، وأكد المحتجون أن
طالبان تستعمل القوة في ترويع أصحاب المتاجر، الذين يفرضون عليهم الأموال التي لا
تتناسب مع مداخيلهم، إذ يزيد ما يجبرونهم عليه على أضعاف الدخل.
وأشارت مصادر- وفقًا للصحيفة- أن مندوبي طالبان تعمدوا فرض هذه المبالغ
عليهم مع دخول شهر رمضان، رغم أن أموالهم لا تتيح لم تبلغ النصاب الشرعي التي تتيح
لهم دفع زكاة المال أو زكاة التجارة، وهو ما يجبرهم على رفع أسعار بضائعهم على
المواطنين، في وقت يعاني فيه المواطن الأفغاني من أزمات مالية متعددة بسبب
البطالة، والكوارث الطبيعية التي تحدث بين الحين والحين وكان آخرها الفيضانات التي
عمت مناطق مختلفة من البلاد مطلع شهر رمضان الجاري.
وأكدت المصادر- وفقا للصحيفة- أنه في بعض الأحيان يبلغ ما تفرضه الحركة عشرات أضعاف قيمة الزكاة، - إذا بلغت النصاب في
الأساس- فبعض المتاجر يصل مقدار زكاة المال عنه إلى ألف أفغاني، في حين تفرض عليه
الحركة 20 ألفًا، وهذا يحدث كثيرًا مما يزيد الأعباء عليهم بشكل قد يضطرهم إلى
الإغلاق.
العشور
وتعد العشور أو
أموال زكاة الزروع، أحد أهم الركائز التي تعتمد عليها حركة طالبان والتي تُفرض
أيضًا بالقوة على المزارعين، ففي ولاية بدخشان وزابل يؤكد المزارعون –وفقًا لراديو
آزادي- أن قيمة حصاد المزروعات خلال السنوات الأخيرة، لم يعد يفي بالمصروفات، وفي
الوقت نفسه تفرض طالبان على المزارعين زكاة العشور، رغم أن مزروعاتهم لم تبلغ
النصاب الشرعي، فبالتالي يقدم المزارعون أغلب محاصيلهم لموظفي الحركة بالقوة.
فساد طالبان
وتؤكد التقارير
المحلية- وفقًا لصحيفة "الثامنة صباحًا" الأفغانية- اكتشاف العديد من
قضايا الفساد لدى ممثلي الحركة، العاملين في جمع الزكاة وقطاع الجمارك، إذ طُرد 12
مسؤولا في الحركة من مناصبهم خلال الفترة الماضية بتهمة إساءة استخدام السلطة،
بينهم قائد شرطة طالبان ومدير القطاع وقيادة المخابرات وحاكم منطقة لالوسارجانغال في
غور.
ويؤكد هذه المعلومات أن الملا هيبة الله
آخوند زاده، أصدر عددًا من القرارات في السادس عشر من مارس الجاري، على عدد من المسؤولين في هذا القطاع، منها إقالة
الملا هداية الله بدري وزير المالية، وشمل القرار إقالة عدد من مسؤولي الجمارك التابعين
لهداية الله.
كما شملت
القائمة شير أحمد عسيري ، الحاكم المدني لمنطقة لالوسارجانغال في غور، ورئيس المخابرات
برهان الدين طه، وقاري عبد الرؤوف قائد الشرطة، الذين أُقيلوا من صفوف طالبان لارتكابهم
جريمة ابتزاز.
القسر مخالف للشريعة
ويقول الدكتور محمد السيد الباحث المتخصص
في الشؤون الآسيوية، إن طالبان- كغيرها من الجماعات الإسلامية- تعتبر أن أموال
الزكاة مصدر رئيسي لدخلها، فالحركة، وقبل توليها السلطة كان دائما ما تعمل في
جباية الأموال من الأهالي في مناطق نفوذها، تحت غطاء ديني، وهو الزكاة، ويؤكد أن
ذلك كان يتم بالقوة وهو أمر مخالف للشريعة في الأساس خاصة إذا لم تكن هناك بيانات
مؤكدة عما إذا كانت الأموال أو الزروع بلغت النصاب الشرعي أم لا.
ويشير إلى أن التنظيمات الإرهابية تفعل مثلما
يفعل ممثلو الحركة في مناطق نفوذهم كما كان يحدث من تنظيم داعش شمال العراق ولم
تكن تكتفي عناصره بذلك، بل كانت تحرق
محاصيل المزارعين الممتنعين عن الدفع.