الهند تبحث مع دول آسيا الوسطى التداعيات الأمنية للملف الأفغاني
تُشَكل الأحداث المتصاعدة في أفغانستان نتائج أمنية خطيرة على الدول المجاورة، لا سيما آسيا الوسطى الساعية لتأمين نفسها ضد هجمات المد التكفيري المتأثرة بنجاحات طالبان المزعومة، فضلًا عن مخاوف تعتري الدول الآسيوية الكبرى إزاء تردي الأمن في المنطقة.
عقدت الهند اجتماعًا أمنيًّا مع مسؤولي دول آسيا الوسطى ناقشوا خلاله تداعيات الملف الأفغاني على أمن المنطقة، وكذلك الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتقويض الإرهاب، ومنع انتشار التنظيمات العنيفة، إذ ترى الهند أن ما حدث في أفغانستان لا ينبغي أن تتمادى تأثيراته إقليميًّا، إلى جانب ضرورة التعاون بين دول الجوار لتقليل الآثار السلبية الناتجة عن الاضطرابات الحالية.
تعاون إقليمي لتدارك النتائج السلبية في أفغانستان
قال أجيت دوفال، مستشار الأمن القومي الهندي قي 6 ديسمبر 2022 إن الدول الآسيوية لابد أن تقدم استجابات فعالة للتطورات الأفغانية حتى تتفادى التأثيرات السلبية لما يحدث في كابول، مضيفًا أن اجتماعه مع مسؤولي دول آسيا الوسطى اهتم بمناقشة طرق التعاون بين دول المنطقة لدعم الأمن والمصالح المشتركة.
شدد دوفال خلال اجتماعه مع نظرائه من قيرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان وكازاخستان في نيودلهي على أن أفغانستان هي قضية مهمة لآسيا، وأن ما يجري بداخل كابول لا يجب أن يستخدم لتنفيذ عمليات إرهابية تهدد أمن المنطقة، مشيرًا إلى أن الوقت الحالي يشهد تقلبات كبرى في العلاقات بين الدول ومستقبل مبهم بعض الشيء.
أعلنت الهند خلال اللقاء تخوفها من أن تستخدم أفغانستان كمكان لإيواء الإرهابيين أو تدريبهم على حمل السلاح وصنع المتفجرات حفاظا على الأمن، ولكن هذا التخوف كان أحد الشروط المهمة لإتمام صفقة الانسحاب بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية في فبراير 2020، إذ شددت واشنطن أنها انسحبت وحلفائها من البلاد بعد التأكد من أن كابول لن تكون معسكرًا للإرهاب.
وناقش الاجتماع الذي لم تحضره تركمانستان إشكالية الدعاية الإرهابية والتجنيد وكذلك جمع الأموال، إذ تخشى الدول المجتمعة من نقاط تعاون مشتركة بين الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة في المنطقة لتمويل عمليات عنيفة والإضرار باقتصاديات الدول، إلى جانب مخاوف من استغلال وصول طالبان للحكم ضمن آليات دعاية سلبية تستخدم لاستمالة مضطربي الهوية للانضمام للجماعات المتطرفة.
وتُبنى هذه المخاوف على تواجد فعلي لجماعات التطرف بالمنطقة يُحتمل أن توظِف صعود داعش لمزيد من التجنيد لصفوفها، وأبرز هذه الجماعات هي «الجماعة الإسلامية الأوزبكية»، والتي كانت موالية لتنظيم القاعدة وأسهمت في الهجمات التي نفذها التنظيم، وذلك طبقًا لتقارير مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة التي أدرجتها على لائحتها للإرهاب في أكتوبر ٢٠٠١.
ولم تغفل الدول المجتمعة الحديث عن الأوضاع الإنسانية المتردية في أفغانستان نتيجة الصراع الدائر بالبلاد، مؤكدين عزمهم إرسال المساعدات للشعب لتخطي الأزمة القائمة، ومن جهة أخرى فإن تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية يهدد بمزيد من موجات الهجرة وهي مخاوف يتزايد صداها مؤخرًا.
التنافس الدولي ومقدرات آسيا الوسطى
تذخر آسيا الوسطى بمقدرات ثمينة تحفز الدول الكبرى نحو التنافس بشأن تحقيق مصالحها في المنطقة، ومن ثم فإن احتمالات انتشار الإرهاب أو استدعاء خطاب الانتصارات المتشددة في كابول يعرقل تقدم ملف الاستثمارات الأجنبية أو يهدد المنطقة بنظريات توظيف التنظيمات الإرهابية كغطاء للاستغلال الدولي.
وحول هذا الملف قالت نورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الباحثة المتخصصة في الشأن الآسيوي، في تصريح سابق لـ«المرجع» إن بعض دول المنطقة أعضاء في معاهدة الأمن الجماعي، وهي تحالف سياسي وعسكري تقوده روسيا، إلى جانب أن باقي الدول أعضاء في منظمة شنغهاي وهي منظمة تقودها الصين وروسيا، ومن ثم فإن دول المنطقة حريصة على إبقائها آمنة وغير مُستغلة من الخارج.





