خطورة انتشار الطائرات المسيرة على أمن إفريقيا
الثلاثاء 13/ديسمبر/2022 - 06:37 م
محمود البتاكوشي
أضحت الطائرات المسيرة خطرًا داهمًا يهدد أمن الكثير من الدول الأفريقية، إذ أصبح بإمكان الجماعات والتنظيمات الإرهابية، الحصول عليها وأكبر دليل العملية التي تعرضت لها جمهورية مالي في أغسطس 2022، والتي استخدم فيها تنظيم «داعش في الصحراء الكبرى» طائرات مسيرة ومدفعية وشاحنات مفخخة، أسفرت عن مقتل نحو 42 جنديًّا، الأمر الذي ينذر بأيام صعبة مقبلة.
ضعف القبضة الأمنية
أكبر ما يؤرق الحكومات الإفريقية، هو انتشار التنظيمات الإرهابية ولاسيما في منطقة شرق إفريقيا والساحل حيث تستغل هذه التنظيمات ضعف القبضة الأمنية، ولاسيما في المناطق الحدودية، والتدفقات غير المشروعة للأسلحة، وتهريب المهاجرين غير الشرعيين، والاتجار بالبشر، فضلًا عن تمدد نشاط شبكات الجريمة المنظمة العابر للحدود، بالإضافة إلى تنافس تنظيمي القاعدة وداعش على الزعامة والنفوذ، وتصاعد حدة المواجهات المسلحة بينهما، والاستحواذ على مصادر التمويل؛ إذ يحاول كل تنظيم تركيز عملياته وتقوية دولته وتوسيعها، فضلًا عن انشغال معظم دول العالم بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها السلبية على الحياة العامة في العالم أجمع وإفريقيا بوجه خاص.
ويعد الحصول على الطائرات المسيرة أمرًا يسيرًا نظرًا لتكلفتها القليلة، إذ تتوفر الطائرات التجارية، التي يسهل تحويلها إلى قتالية بمبلغ أقل من 650 دولارًا بحسب خبراء عسكريين، والتي تتميز بعجز العديد من الأنظمة الدفاعية على تحديدها، ومن ثم إسقاطها، نظرًا لطيرانها على مستوى منخفض وبسرعة بطيئة نسبيًا، وقادرة على حمل حمولة متفجرة ويبلغ طولها قدم تقريبًا.
دور عصابات الجريمة المنظمة
كما تقوم الجماعات الإرهابية بالحصول على الطائرات المسيرة من عصابات الجريمة المنظمة، كما يمكن شراء بعض الأنواع من الطائرات المسيرة عبر المنصات الإلكترونية، مقابل 50 دولارًا تقريبًا، كما أن تصنيعها لا يحتاج إلى تقنية عالية، حيث يتم تصنيع جسد الطائرة من خلال مواد متوفرة مثل الفايبر.
وتكمن العقبة الوحيدة للتنظيمات في امتلاك المعرفة اللازمة للقيام بعملية تصنيع هذه الطائرات، لذا اتجهت بعض الجماعات، مثل داعش، للتعاقد مع بعض التقنيين من خلال وسطاء، لتصميم بعض البرامج، وأكبر دليل على ذلك امتلاك حركة «الشباب» الصومالية تكنولوجيا الأجهزة المتفجرة المتطورة في عملياتها، وسهل ذلك الأمر استمرار وصول خبراء لنقل المعرفة من مناطق النزاع الأخرى، خاصة من اليمن، وغيرها.
واستخدمت الطائرات المسيرة في أغراض الاستطلاع ومراقبة تحركات القوات الأمنية الصومالية، حيث استطاعت حركة الشباب عام 2016، تركيب متفجرات وعبوات ناسفة على الطائرات المسيرة، لشن هجمات على منشآت الحكومة الصومالية، كما استخدمت الطائرات المسيرة في إطار هجومها على إحدى القواعد العسكرية في عام 2019، وذلك وفقًا للتقارير الاستخباراتية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
الدعم الإيراني في تزويد التنظيمات الإرهابية بالطائرات المسيرة
وساهم الدعم الإيراني في تزويد التنظيمات الإرهابية بالطائرات المسيرة، كما فعلت مع حركة الشباب في الصومال، وقامت بإمدادها بالسلاح، ولذا دعمت الحوثيين في اليمن إذ منحتهم طائرات مسيّرة أكثر تقدمًا من الفئة العسكرية متوسطة الحجم.
وتستخدم التنظيمات الإرهابية، على مستوى القارة الإفريقية، خاصة في دول الساحل على غرار داعش، وبوكو حرام والقاعدة، الطائرات المسيرة، نظرًا لسيطرتها على مساحات واسعة داخل دول المنطقة، فضلًا عن معاناة دول المنطقة بسبب تراجع قدراتها الأمنية.
هجمات كيميائية أو بيولوجية
امتلاك التنظيمات الإرهابية الطائرات المسيرة، يجعلها قادرة على تنفيذ هجمات كيميائية أو بيولوجية، إذ من السهل إرفاق ذخائر محملة بالمواد الكيميائية على طائرات مسيرة انتحارية، ففي يونيو 2013، ألقت قوات الأمن العراقية القبض على خلية تابعة لداعش بتهمة التخطيط لاستخدام طائرات مسيرة يتم التحكم فيها عن بعد لرش غاز السارين وغاز الخردل على أهداف غير محددة في العراق ومناطق أخرى، فضلًا عن إمكانية توظيف أسراب من الطائرات المسيرة لمهاجمة قواعد الجيوش الإفريقية، وقد حدث ذلك في سوريا عام 2018، حيث هاجمت جماعة إرهابية قاعدة للجيش الروسي في طرطوس بسوريا باستخدام 13 طائرة مسيرة بدائية محملة بالمتفجرات.
ومن الممكن أن تتحول الطائرات المسيرة إلى سلاح في يد التنظيمات الإرهابية قادر على تدمير البنية التحتية، مثل المطارات والهيئات الحكومية تمامًا كما يتم استخدامها في الحرب الروسية الأوكرانية.
كما تستخدم التنظيمات الإرهابية، الطائرات المسيرة لأغراض المراقبة والدعاية ونقل الأسلحة، ففي يناير 2022، استخدم تنظيم داعش في غرب أفريقيا طائرات مسيرة لتصوير أجزاء من فيديو دعائي يعرض معسكرها التدريبي في نيجيريا، كما تم رصد طائرات استطلاع مسيرة في يوليو 2022 يستخدمها التنظيم فوق موقع القوات الحكومية النيجيرية قبل تنفيذها العملية الهجومية.
وبسبب خطورة الموقف حذرت الأمم المتحدة في تقرير حديث لها من وقوع التقنيات المتقدمة، وأبرزها الطائرات المسيرة، في يد الجماعات الإرهابية المنتشرة في القارة الإفريقية، إذ أنها قادرة على شن هجمات في العديد من مناطق الصراع، وطالبت بمنع ومكافحة الأشكال الرقمية للإرهاب.





