انعكاسات التعاون العسكري بين رواندا وبنين في مكافحة الإرهاب
الثلاثاء 01/نوفمبر/2022 - 06:14 م
محمود البتاكوشي
يشكل التعاون العسكري الراهن بين بنين ورواندا، أحد ملامح إستراتيجية الأخيرة في التعامل مع التهديدات الإرهابية المتنامية في شمال بنين، وخاصة بعد أن سمحت حكومة الرئيس البنيني باتريس تالون، بنشر نحو 700 جندي رواندي في شمال البلاد، لدعم جهود القوات الحكومية في مكافحة التهديدات الإرهابية، فضلًا عن الدعم اللوجستي الذي تقدمه كيجالي، في ظل تصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية التي باتت تستهدف شمال بنين، من قبل تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التابعة للقاعدة.
تعزيز قدرات
كان المتحدث باسم الحكومة البنينية، ويلفريد لياندر أونغبيدجي، أعلن في 10 سبتمبر 2022، تقديم رواندا دعمًا لوجستيًّا لبلاده، لتعزيز قدراتها في مواجهة التمرد المتفاقم هناك، لافتًا إلى استمرار المباحثات الجارية بين البلدين، حول طبيعة المساعدات العسكرية المحتملة، ولاسيما بعد زيارة الجنرال فركتو جباجويدي، رئيس أركان الجيش البنيني، إلى كيجالي في يوليو 2022، لمناقشة التعاون العسكري بين البلدين.
وربما تكون هذه الزيارة انطوت على طلب الحكومة البنينية من رواندا تقديم الدعم العسكري واللوجستي لها، كما زار سومايلا ألابي يايا، مدير عام شرطة بنين، رواندا، منذ نحو شهر، عقد خلالها اجتماعات مع المفتش العام للشرطة في كيجالي، دان مونيوزا، لبحث تعزيز التعاون الأمني بين المؤسستين الشرطيتين، بما يتضمن مكافحة الجرائم المنظمة والعابرة للحدود، وتبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالجرائم عبر الوطنية والإرهاب.
بنين ورواندا
الاتفاقية العسكرية بين بنين ورواندا لها عدة دوافع أولها السيطرة على الاضطرابات في شمال بنين، إذ باتت الحدود الشمالية مع بوركينا فاسو، خارج السيطرة وتزايدت وتيرة العمليات الإرهابية خلال الأشهر الأخيرة، إذ تعرضت الحدود الشمالية لبنين، المتاخمة للنيجر وبوركينا فاسو، إلى نحو 20 عملية إرهابية منذ 2021.
وشهدت بنين أولى الهجمات الإرهابية الموسعة في ديسمبر 2021، والتي استهدفت حديقة بندجاري، في شمال غرب البلاد، ما دفع الحكومة في بنين إلى إنشاء قاعدة عسكرية لها في شمال البلاد، بيد أن هذا لم يفلح في تقليل وتيرة النشاط الإرهابي هناك، حيث استمرت الهجمات الإرهابية، بما في ذلك اقتحام مركزي شرطة في مونسي وداساري.
وكانت غالبية الهجمات السابقة في شمال بنين تقوم بها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة، لكن في الأشهر الأخيرة شهدت نشاطًا ملحوظًا لتنظيم داعش في الصحراء الكبرى في هذه المنطقة، وتحديدًا جماعة عثمان دان فوديو، حيث كانت آخر هجماتها التي استهدفت المنطقة في مطلع سبتمبر 2022، إلى جانب العمليات التي نفذتها في بارك دبليو بشمال بنين في يوليو الماضي.
كما تسعى بنين للاستفادة من الخبرة الرواندية، لخبرتها في مكافحة التمرد والتنظيمات الإرهابية، وهو ما انعكس في حالة موزمبيق، حيث وقعت كيجالي ومابوتو اتفاقية تعاون أمني، بموجبها قامت رواندا بنشر نحو ألف جندي هناك في 2021، والذين تمكنوا من مساعدة القوات الحكومية في استعادة ميناء «موسيمبوا دا برايا»، في أغسطس 2021،
كما أرسل الرئيس الرواندي، بول كاغامي، قوات أخرى للمساعدة في وقف العنف في أفريقيا الوسطى، وتحظى جهود رواندا في القارة الأفريقية بدعم غربي، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرًا خطة دعم بنحو 20 مليون يورو لدعم المجهود الحربي لرواندا في موزمبيق.
وفي المقابل تعزز الاتفاقية العسكرية نفوذ رواندا في أفريقيا، الذي يعد من ملامح طموح الرئيس الرواندي، بول كاجامي، والذي تمكن من خلال تبني هذا النموذج في تعزيز نفوذه في البحيرات العظمى وشرق أفريقيا، وكذلك غربها، ووضح ذلك في حالتي موزمبيق وأفريقيا الوسطى، وتتجه كيجالي لخوض تجربة جديدة في بنين، على الرغم من كونها واحدة من أصغر الدول الأفريقية مساحة، فإن رواندا تمكنت من تبني سياسة نشطة، اعتمدت على المشاركة الفاعلة في بعثات حفظ السلام متعددة الأطراف، لتعزيز نفوذها الإقليمي، غير أنه منذ 2020، بدأت كيجالي تنخرط بشكل منفرد في عمليات عسكرية استباقية، على غرار تدخلها في جمهورية أفريقيا الوسطى ثم موزمبيق، الأمر الذي عزز من صورتها الخارجية كداعم للأمن الإقليمي والقاري.
كما أضحت رواندا تستخدم قواتها المسلحة المحترفة لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، فقد ساعدت مشاركة كيجالي في العمليات متعددة الأطراف المرتبطة بالأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي، لتخفيف حدة الانتقادات الدولية لنظام بول كاجامي بشأن ملف حقوق الإنسان.





