الانتقام من روسيا.. قراءة في تفجير كابل الأخير
كان الهجوم
الإرهابي الذى وقع على السفارة الروسية بالعاصمة الأفغانية كابول، قبل أيام، بمثابة جرس
إنذار لتشديد الرقابة على الأهداف الدبلوماسية في أفغانستان، لا سيما بعد إعلان "ولاية خراسان"، الموالية
لتنظيم "داعش" تبني الحادث، إذ فجر
انتحاري نفسه عند بوابات السفارة، لحظة وصول موظف إلى أشخاص كانوا يقفون في طابور
للحصول على تأشيرة؛ ما أسفر عن مقتل اثنين من موظفي البعثة الدبلوماسية وأربعة
أفغان.
وتعد العملية الانتحارية، أول هجوم على بعثة دبلوماسية في أفغانستان، منذ عودة حركة "طالبان" إلى السلطة في أغسطس 2021.
وبحسب بيان لداعش فإن أحد مقاتليه انطلق الى مقر السفارة الروسية في كابول وفجر سترته الناسفة وسط تجمع يضم موظفين روس.
فيما طالب مسؤولون روس، السلطات الأفغانية بحماية وضمان سلامة البعثات الدبلوماسية.
ورغم تأكيدات المسؤولين في حركة
طالبان بأنهم يسيطرون على الوضع الأمني في البلاد، فإن الهجمات والتفجيرات التي
نفذها تنظيم "داعش" تبين عكس ذلك، إذ ضربت البلاد سلسلة تفجيرات منذ نهاية أبريل الماضي خلال شهر رمضان،
ثم في مايو، قتل فيها عشرات الأشخاص،
وأعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن غالبيتها التي استهدفت، خصوصا أقليات دينية من
الشيعة والصوفيين والسيخ، فضلا عن مؤيدين لحركة طالبان.
أهداف انتقامية
تنتقد عناصر ما يعرف بـ"ولاية خراسان"، حركة "طالبان" في منشورات التنظيم ويعتبرونهم "عساكر" تقدم لهم الولايات المتحدة الدعم المادي ويطبقون الديمقراطية، ويهاجم التنظيم كذلك "طالبان" بسبب زياراتها الدبلوماسية الدولية، وأيضًا يهاجم دول مختلفة بسبب علاقاتها مع طالبان.
ويعتبر قبول المساعدات الخارجية جانبًا مثيرًا للجدل، إذ أدان "ولاية خراسان" مؤخرًا "طالبان" بشدة بسبب تعاونها مع المنظمات الدولية، مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والقوى الإقليمية، مثل إيران وأوزباكستان وباكستان وروسيا والصين.
وبحسب، محمد فوزي، الباحث في شؤون الأمن الإقليمي بمركز "الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة، فإن فرع داعش في أفغانستان سوف يروج للعملية الأخيرة على المستوى الدعائي والإعلامي، في نطاق واسع، لنفي سردية الاستقرار التي تروج لها "طالبان"، وللتأكيد على فشل الحركة في إدارة شئون البلاد، وطرح نفسه كبديل لها، فضلًا عن ما قد يحمله هذا الزخم من تداعيات على مستوى استقطاب عناصر وقواعد جديدة.
ويضيف أن أحد أهم دلالات استهداف السفارة هو رغبة التنظيم في إحراج حركة "طالبان" أمام روسيا، والتي تعتبر من أهم الدول التي تبنت خطوات ومقاربة جادة للتقارب مع طالبان، وهي المقاربة التي عبر عنها زامير كابولوف الممثل الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أفغانستان، والذي أشار إلى أن مسألة الاعتراف بحكومة حركة طالبان باتت قريبة، وأن روسيا تُجري مباحثات مع طالبان بهذا الخصوص.
ولفت «فوزي» في دراسة بعنوان «دلالات استهداف تنظيم ولاية خراسان للسفارة الروسية في كابول»، إلى أن التفجير يرتبط بشكل رئيسي بنظرة تنظيم "داعش" إلى روسيا، إذ يرى أنها إحدى الدول التي ساهمت في سقوط خلافته المزعومة في سوريا والعراق، وتُساهم حتى اليوم في توفير الغطاء الجوي للعمليات التي يشنها الجيش العربي السوري في مناطق البادية ضد فلوله وعناصره، وبالتالي يمكن قراءة العملية على أنها تأتي في إطار العمليات الانتقامية ضد روسيا.





