تداعيات انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو
الأربعاء 11/مايو/2022 - 10:29 م
محمود البتاكوشي
يبدو أن العالم مقبل على أزمة جديدة، إذ أثارت تصريحات كل من سانا مارين، رئيسة الوزراء الفنلندية، ونظيرتها السويدية، ماجدالينا أندرسون، مؤخرًا، جدلًا واسعًا بعد إعلانهما أن قرار الانضمام إلى حلف شمال الاطلسي «ناتو» قد يتخذ خلال أسابيع، وذلك لحماية أمن بلديهما القومي، حتى لا يتكرر النموذج الأوكراني مرة أخرى.
وتبحث فنلندا والسويد عن الحماية الأمنية لحلف الناتو، بموجب المادة 5 من معاهدة شمال الأطلسي، والتي تشير إلى أن الهجوم على أي عضو في الحلف، يكون هجومًا على جميع الأعضاء، يستوجب الرد الجماعي.
ويشار إلى أن البلدين سبق وشاركا مع الحلف في حربه ضد أفغانستان، ويعتبر قبولهما قيمة مضافة، إذ إن فنلندا لديها قدرة على تعبئة 280 ألف جندي، كما تمتلك دبابات أكثر من برلين، وتمتلك قوة جوية مكونة من 64 طائرة من طراز إف 18، كما أن الجيش السويدي يحتل المرتبة رقم 25 بين أقوى 142 جيشًا في العالم، كما يُعد أسطولها من أضخم 5 أساطيل بحرية.
تتخوف السويد من قيام روسيا باحتلال جزيرة جوتلاند التي تعد حاملة طائرات غير قابلة للغرق، إذ إنها تتمتع بموقع استراتيجي يضمن السيطرة البحرية والجوية على بحر البلطيق، ما دفع ستوكهولم إلى التخلي عن حيادها الذي تتبناه من عقود طويلة.
ورغم انضمام السويد إلى الاتحاد الأوروبي، وتعاونها مع حلف الناتو من خلال برنامج الشراكة من أجل السلام، فإنها كانت تتمسك بالحياد في وقت الحرب وعدم التحالف العسكري وقت السلم.
وتؤكد هذه المخاوف قرار ستوكهولم في 2015 بنقل فوج عسكري إلى الجزيرة، عقب ضم شبه جزيرة القرم من قبل روسيا، كما تم إرسال تعزيزات ومدرعات لتسيير دوريات في منطقة فيسبي الريفية، في يناير 2022، عندما أصبح التهديد الروسي لأوكرانيا شديد الخطورة، تزايدت المخاوف من قيام موسكو باكتساح جوتلاند.
الحرب الروسية الأوكرانية دفعت 53% من أبناء الشعب الفنلندي إلى تأييد الانضمام إلى حلف الناتو، بحسب استطلاع للرأي أجرته محطة الإذاعة الحكومية الفنلندية مؤخرًا، في حين كان 19% فقط من الفنلنديين يؤيدون الانضمام عام 2017، ونفس الأمر في السويد إذ يرى 51% من الشعب السويدي ضرورة انضمام بلادهم إلى حلف شمال الأطلسي.
ومما لا شك فيه أن رغبة السويد وفنلندا، الانضمام إلى الناتو تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الروسي، ما قد يدفع موسكو لتبني سياسات تصعيدية، عبر نشر صواريخ نووية، لمنعهما من استضافة قوات عسكرية أجنبية وأسلحة على أراضيهما.
وظهر ذلك جليًا في تهديدات الخارجية الروسية إذ أكدت أن انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتوم ينذر بعواقب سلبية على الاستقرار بشمال أوروبا، مشددة على أن العضوية في الحلف تجعل البلدين غير قادرين على تعزيز أمنهما القومي؛ لأنهما سيكونان تلقائيًّا على خط المواجهة الأول ضد روسيا، وهو ما سيجبر موسكو على نشر قواعدها ومعداتها العسكرية بالقرب من حدود البلدين لتأمين نفسها.
وحذّر ديمتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق، نائب رئيس مجلس الأمن، منتصف أبريل 2022 من أن بلاده ستنشر أسلحة نووية قرب دول البلطيق والدول الإسكندنافية في حال قرّرت الدولتان الانضمام إلى الحلف.
وقرار فنلندا والسويد قد يدفع روسيا إلى فرض عقوبات اقتصادية عقابية ضد الدولتين، وإدراجهما ضمن الدول غير الصديقة.
ويشار إلى أن فنلندا تعتمد على إمدادات الغاز الروسي بنسبة تتجاوز 90%، وبالتالي، فإن حدوث أزمة دبلوماسية وسياسية بين موسكو وهلسنكي، يصبح له تبعاتها الاقتصادية السلبية على اقتصاد فنلندا، لاسيما في حالة قرار أحدهما الاستغناء عن الآخر فيما يتعلق بإمدادات الغاز، أو النفط.
ووفق المعطيات السابقة قد تتبنى فنلندا والسويد نهج النرويج، والتي على الرغم من كونها عضوًا مؤسسًا في حلف الناتو، فإنها تعمل دائمًا على الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا من خلال عدم سماحها بإنشاء قواعد عسكرية للحلف على أراضيها، وكذلك وضعها لقيود على تدريباته.





