الهجمات ضد الشيعة تضع «طالبان» في اختبارين سياسي وأمني
الجمعة 29/أبريل/2022 - 02:36 م
نهلة عبدالمنعم
يعكس الهجوم على مدرسة ثانوية في العاصمة الأفغانية كابول تدهورًا أمنيًّا يهدد سلامة المجتمع وأمن وحدته في وقت تحتاج فيه السلطة الجديدة للبلاد والممثلة في حركة طالبان لإثبات قدرتها في إحكام السيطرة الأمنية والتعامل مع الملفات الخارجية الشائكة.
ونُفذت الثلاثاء 19 أبريل 2022 سلسلة انفجارات عنيفة استهدفت مدرسة «عبدالرحيم شاهد» الثانوية للبنين في غرب العاصمة كابول والواقعة في مناطق يقطنها أبناء الطائفة الشيعية بأغلبية، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من الطلاب والمدنيين.
فاجعة إنسانية
تمثل الهجمات الأخيرة فاجعة إنسانية نظرًا لصغر سن الضحايا وانعدام مسؤوليتهم حول الأحداث الجارية في البلاد أو الأهداف التي تتطلع إليها القوى السياسية سواء داخليًّا أو خارجيًّا، فيما تشكل الهجمات تحديًا سياسيًّا لحركة طالبان، ففي الوقت الذي تشهد العلاقة بين طهران والحركة عدم استقرار، تأتي الحادثة لتسلط الضوء على تراخي أمني يهدد استقرار الشيعة، التي تصدر الحكومة الإيرانية نفسها كمدافع أول عنهم.
وتتمثل خطورة تلك العمليات في توقيتها وأبعادها الطائفية، إذ تضرب في توقيت استراتيجي تتعالى معه مطالبات حول ضرورة تشكيل ميليشيات شيعية لتأمين الطائفة من تبعات الانشغال الأمني للسلطة الجديدة بأهدافها السياسية فضلًا عن التصور حول التوجهات العقائدية لحركة «طالبان» ما يضر بالشيعة أو يجعل تأمينهم في أدنى مراتب اهتمامات الحكومة الأفغانية.
الطائفة الشيعية وتحديات سلطة طالبان
تعي حركة «طالبان» الأبعاد السياسية التي تمثلها الطائفة الشيعية في البلاد، وذلك لقطع الطريق على القوى الخارجية الساعية لاستغلال الاضطرابات الأمنية الداخلية لتأسيس قواعد مسلحة لها بالداخل، فعند اعتلاء طالبان سدة حكم البلاد حرصت على التلويح بأهمية القضية.
وفي الخطابات الأولى للمتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد، أكد حرص الحركة على توحيد صف المجتمع وعدم التفرقة بين الطوائف الدينية، وأن حقوق الأقليات مصانة بالنسبة للحكومة الجديدة، وذلك في خطاب غير مباشر وجه لإيران لقطع الطريق على دعاياتها السياسية حول حماية الشيعة عالميًّا وبالأخص في المناطق المضطربة.
التنافس الإرهابي وأمن أفغانستان
لم تعلن أي جماعة بعد مسؤوليتها عن حادث الهجوم على المدرسة الثانوية فى العاصمة الأفغانية كابل، لكن الهجمات السابقة التي استهدفت الشيعة كانت مسؤوليتها تعود لتنظيم «داعش» الإرهابي بناء على إعلانه تنفيذها عبر منصاته الدعائية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتسهم هجمات «داعش» ضد شيعة أفغانستان في خلق موجة من التحديات الخارجية نحو قدرة حركة طالبان على تأمين الأقليات، إلى جانب إظهار منافسة تنظيمية على المناطق الرخوة أمنيًّا، إذ يعمل «داعش» عبر فروعه الإقليمية على تعويض التراجع التنظيمي الذي أصاب معقله الرئيسي في سوريا والعراق.
وتتقاطع المتغيرات السابقة مع المناوشات العقائدية التي يسوقها تنظيم «القاعدة» الإرهابي ضد سلطة طالبان من حيث ترويج مقاطع صوتية لزعيم التنظيم أيمن الظواهري، يوصم الراغبين في الانضمام لهيئة الأمم المتحدة بالكفار لابتعاد الهيئة ومواثيقها عن تعاليم الدين وغايته، حسب زعمه.
وتشكل الحوادث الأخيرة تحديات أمنية لحركة «طالبان» تتقاطع مع رغبتها في إظهار قدرتها على إحكام السيطرة على البلاد لتتفادى المخاوف الدولية إزاء سلطتها وبالأخص مع رغبتها في نيل الاعتراف الدولي بسلطتها، فالاضطراب الأمني في البلاد يمثل ملفًا شائكًا للدول المجاورة التي تسعى لاستقرار الأوضاع حتى لا تتأثر مصالحها، وكذلك لقطع الطريق على عناصر «داعش».





