الأفغانيات يقعن ضحايا الصراع الدولي والحركي
تظهر طالبان وجهها الحقيقي حين تتعامل مع ملف النساء، إذ قررت
مؤخرًا منع الفتيات من الذهاب إلى المدارس، فضلًا عن قرارات أخرى مقيدة لحريتهن، ومع
هذه القرارات تصاعدت حملات أوروبية إعلاميًّا وسياسيًّا للتنديد بتعامل الحركة مع
النساء، فهل ستستطيع طالبان الموازنة بين رغبتها في الاعتراف الدولي وتلبية
الاستمالات العقائدية لعناصرها.
تعمل طالبان ضمن إطار متعدد المصالح، إذ استطاعت الحركة الوصول للسلطة في دولة تقع ضمن بؤرة الاستهداف الرئيس للدول الغربية، وذلك بالتوازي مع مصالح مختلفة بين طالبان والقوى التي انسحبت عسكريًّا من البلاد عبر اتفاق مبرم بين الطرفين، ما يطرح التساؤلات حول الحد الذي ستصل إليه الاستفادة الغربية من استغلال ملفات التشدد داخل الحركة.
الأفغانيات يقعن ضحايا للمصالح السياسية
في مشهد شهير عقب استحواذ طالبان على السلطة بكت صحفية أفغانية أثناء حديثها في مؤتمر مع رئيس حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولينبرغ خوفًا من مصير مجهول سيواجه الأفغانيات متهمة الغرب بالتخلي عنهن، وما كان من ستولينبرغ سوى إبداء التعاطف شكليًّا ثم الحديث عن مصالح بلاده حيال الأمر.
أن الأسباب المعلنة لشن حرب بالتعاون بين واشنطن والناتو على أفغانستان كانت للقضاء على تنظيم القاعدة لتنفيذه هجمات 11 سبتمبر والقضاء على حركة طالبان لمساعدتها للقاعدة ولفرضها قيودًا على حرية النساء، أي أن انتهاكات حقوق الإنسان من طالبان للأفغان كانت ضمن الأسباب الرئيسية لشن الحرب، ولكن مع تحقق رغبات الغرب في المنطقة انسحبوا دون ضمانات واضحة تحدد علاقة السلطة الجديدة بالنساء ما وضع الحكومات الغربية في مرمى الاتهامات.
وفي هذا الصدد تقول أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمتخصصة في الشأن الآسيوي نورهان الشيخ في تصريح لـ«المرجع» إن الولايات المتحدة تخلت عن النساء والرجال وعن الجميع وركنت إلى مصالحها الخاصة عبر اتفاق تخلت بموجبه عن مفردات خطابها المعلن حيال القضية، وانتقت مصالح خاصة تحقق طموحاتها في المنطقة، والتي تتمثل أهمها في إزعاج روسيا والصين وإبقاء البلاد ككرة لهب تهدد أمن الدول الإقليمية المنافسة لها.
الاعتراف الدولي وقيم السياسة والحركة
تسعى حركة طالبان لنيل الاعتراف الرسمي بحكومتها لتتمكن من مباشرة أعمالها الدولية على النحو الأمثل، وفي هذا الإطار تسعى الدول الغربية لوضع هذا الطموح محل مقايضة، فمن جهة تتحفظ الحكومة الأمريكية على الحسابات المصرفية للبلاد في الخارج وتضغط البنوك الدولية على البلاد من جهة أخرى.
فيما تمثل معتقدات الحركة تجاه النساء متغيرًا مهمًا لإبقاء العناصر الدنيا في التنظيم تحت السيطرة عبر إظهار مزيدٍ من التوافق حول ما نشأت عليه الحركة وما يجب الحفاظ عليه حركيًّا، في الوقت الذي تعلن فيها الدول الغربية ملف حقوق النساء كمتغير مهم لقبول حكومة طالبان هي نفسها الدعاية التي سبقت الحرب وانتهت لتحقق المصالح.
إن وقوع طالبان ضمن الإطار الجغرافي الأهم حاليًا بالنسبة لدول الغرب يجعلها ذا مكانة خاصة لجميع الدول الكبرى، فمن جهة أخرى تسعى روسيا والصين لتمديد مصالحهما مع الحكومة الجديدة لـ«كابول» لضمان قدر مقبول من التفاهم يفي بمصالحهما، إذ تهتم الصين بمشروع الحزام والطريق الذي سيمر بأفغانستان، وبالتالي فأن القدر الذي يسببه التصارع الدولي من مشاكل لمنطقة ما يساوي النفعية التي يحتمل أن تستغلها طالبان للاقتتال ذاته.
المزيد.. مؤشر الإرهاب الدولي لـ2022 يبرز دور الاضطرابات السياسية في استفحال الإرهاب





