ad a b
ad ad ad

هل تعيد الأزمة الأوكرانية تجربة الجماعات المسلحة أمام الغزو الروسي في أفغانستان؟

الثلاثاء 08/مارس/2022 - 05:18 م
المرجع
محمد يسري
طباعة

 يبدو أن التاريخ يعيد نفسه مع روسيا، مرة أخرى في أوكرانيا، خاصة في ظل تشابه الكثير من الأحداث الجارية حاليًا مع أحداث سقوط الاتحاد السوفييتي في المستنقع الأفغاني، فروسيا تعارض توجهات أوكرانيا التي تتصادم مع مصالحها وتعتبر توجهها نحو المعسكر الغربي عملًا مخلًا بأمنها القومي، فيواجهها الغرب بمجموعة من العقوبات، وتلوح جهات كثيرة باستقطاب المرتزقة والمقاتلين من الجماعات المسلحة من الخارج والدخول بهم في حلبة الصراع، وهو ما يطرح التساؤلات حول ما إذا كانت هناك بوادر لتكرار التجربة الروسية في أفغانستان مرة أخرى على أراضي أوكرانيا.


هل تعيد الأزمة الأوكرانية

روسيا في أفغانستان


في عام 1979، بدأت قصة سقوط الاتحاد السوفييتي في المستنقع الأفغاني، بعد تدخله لدعم الحكومة الشيوعية الموالية له في البلاد، وووُجهت تلك التدخلات بمعارضة قوية في الداخل؛ خاصة من القوى ذات التوجه الإسلامي، إضافة إلى اعتراضات دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة والتي بدأت تطبق العقوبات على الاتحاد السوفييتي، إضافة إلى دعم الفصائل المقاتلة في مواجهته، واستقطاب المقاتلين من جميع أنحاء العالم للمشاركة في تلك المواجهات.


بدأت التدخل السوفييتي على خلفية أزمة داخلية أطاحت بالموالين لموسكو في أفغانستان، في 25 ديسمبر 1979. 


وأشار الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، حينها إلى أن التوغل السوفييتي كان أكثر التهديدات جدية للسلام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، وهو الخطاب نفسه الذي يطلقه الغرب حاليًا على العملية الروسية في أوكرانيا.


عقوبات شبيهة


يُلوح المجتمع الدولي حاليًا، بتوقيع العديد من العقوبات على الجانب الروسي بعد عملياته العسكرية في أوكرانيا، والتي بدأت الخميس 24 فبراير 2021، من بينها عقوبات اقتصادية، ووصلت العقوبات إلى ساحة الرياضة، بقرار استبعاد المنتخب الروسي من المشاركة في فعاليات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، المقرر إجراؤها في قطر.


وتتشابه تلك العقوبات بمثيلات لها في العشرية الروسية في أفغانستان، والتي بدأتها الولايات المتحدة في نهاية عام 1979، وفرض حينها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، حظرًا على تصدير السلع كالحبوب والتكنولوجيا المتقدمة إلى الاتحاد السوفييتي. كما كان رد الفعل الدولي قويًا، متراوحًا بين تحذيرات السوفييت ومقاطعة الألعاب الأولمبية لصيف 1980 في موسكو.


الجهاد العالمي مرة أخرى


تحت غطاء محاربة الشيوعية، انطلق أول نداء للجهاد العالمي في أفغانستان بعد الاجتياح السوفييتي للبلاد نهاية عام 1979، وباتت أفغانستان قبلة لاستقبال المقاتلين من أنحاء العالم الإسلامي بمباركة رسمية من العديد من الحكومات في ذلك الوقت، ولعب المجاهدون العرب الدور الأبرز في إسقاط الاحتلال الروسي، في حرب طويلة دامت 10 أعوام بين ديسمبر عام 1979م إلى نهاية 1989م.


وفي تلك الظروف المشابهة، ظهرت إرهاصات لإمكانية دخول الإسلاميين على خط الصراع «الغربي ــ الروسي» في أوكرانيا، وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في بعض الدول الإسلامية دعوات للجهاد في أوكرانيا لمساندة مسلميها ضد الروس، ومن بينها دعوة داعية كويتي متطرف إلى إعلان النفير والجهاد ضد الروس في أوكرانيا.


وأثارت دعوة رجل الدين الكويتي مبارك البذالي إلى «الجهاد والنفير» في أوكرانيا جدلًا واسعًا على موقع تويتر.


وشدد «البذالي» على ضرورة النفير إلى أوكرانيا بدعوى حماية المسلمين فيها، والانتقام من الروس الذين قتلوا مسلمي سوريا أيضًا. وقد حذف الحساب، الذي يتابعه أكثر من 56 ألف شخص ويشير تعريفه إلى أن ابنة البذالي هي التي تديره، التغريدات لاحقًا.


وأعلن في تغريدة له أن 5 ممن سماهم المجاهدين العرب قد دخلوا أوكرانيا، مبينًا أن أحدهم كان قائدًا ميدانيًّا، وذلك بهدف التمترس في المناطق ذات الكثافة السكانية من المسلمين لحمايتهم. وأضاف أنه سيتم ترتيب دخول الشباب إلى جورجيا عن طريق عاصمتها، لأجل الهدف ذاته.


هل تعيد الأزمة الأوكرانية

استقطاب داعش


في الوقت نفسه كشفت الاستخبارات الروسية، أن عشرات الإرهابيين التابعين لتنظيم «داعش»، تلقوا تدريبات للمشاركة ضد القوات الروسية في أوكرانيا.


واتهمت الاستخبارات الخارجية الروسية الولايات المتحدة بتدريب هؤلاء، وقالت في بيان نشرته مطلع مارس الجاري: «قام الأمريكيون نهاية عام 2021 بتحرير عشرات الإرهابيين التابعين لتنظيم "داعش" من مواطني روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة، وتم إرسالهم إلى قاعدة "التنف" التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، حيث خضعوا لتدريب خاص على تنفيذ الأعمال التخريبية والإرهابية، قبل إرسالهم إلى منطقة دونباس».


وأضاف البيان أن الولايات المتحدة تواصل تشكيل زمرة جديدة من الإرهابيين وتعتزم إرسالهم إلى أوكرانيا عبر بولندا، وأن الاستخبارات المركزية الأمريكية وقيادة العمليات الخاصة التابعة للقوات المسلحة الأمريكية تواصل حشد «وحدات داعشية جديدة» في الشرق الأوسط والدول الأفريقية. 

"