مع الانسحاب الفرنسي.. سيناريو أفغانستان يتكرر في مالي بـ«داعش» و«القاعدة»
على مدار أسبوع كامل قتل تنظيم داعش الإرهابي في مالي نحو
40 مدنيًّا، من خلال مجموعة هجمات متفرقة شنها على البلاد خلال الأسبوع الماضي، وفق ماجاء في بيان تمت إذاعته على التليفزيون الحكومي لدولة مالي.
وحدثت تلك الجرائم، في إقليم «أزواد» شمال البلاد،
ويشهد هذا الإقليم نزاعات إرهابية كبرى بين داعش والقاعدة، وعادت تلك الهجمات والنزاعات من جديد عقب إعلان فرنسا وشركائها الانسحاب من مالي في الأيام الماضية.
وتنشط في أزواد جماعة تُسمى بـ «نصرة الإسلام والمسلمين»
تلك الجماعة موالية للقاعدة يقودها
الدبلوماسي السابق والمطلوب من الولايات المتحدة «أياد أغ غالي».
الظهور الداعشي في مالي
ترجع بداية الوجود الداعشي في مالي إلى مايو 2015، عندما أعلن الإرهابي المدعو «أبوالوليد الصحراوي» القيادي بحركة تُعرف بـ«التوحيد والجهاد»، مبايعته لزعيم تنظيم داعش السابق «أبوبكر البغدادي».
يعتبر «داعش» القوات الفرنسية عدوًا رئيسيًّا له، إذ أعلن التنظيم الحرب على جنود فرنسا في مالي في 11 يناير 2017.
وفي 30 يونيو 2018، استهدف «داعش» مقر قوة مكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا ببلدة «سيفاري» وسط مالي بتفجير سيارة ملغمة وإطلاق صواريخ عليها، وحينها أسفر هذا الحادث عن مقتل ما يقرب من 6 أشخاص، وعقب هذه العملية ردت فرنسا بتنفيذ عملية عسكرية نوعية تمكنت خلالها من قتل الإرهابي «محمد الموينر» أحد كبار قادة «داعش» في منطقة «ميناكا» بشرق مالي يوم الأحد 26 أغسطس عام 2018 ليعلن التنظيم يوم الجمعة 19 أكتوبر 2018 مسؤوليته عن قتل جندي فرنسي يدعى «عبداللطيف رفيق»، خلال اشتباكات للتنظيم مع الجيش الفرنسي.
ومع بداية عام 2019، بدأ «داعش» في استهداف المدنيين في مالي المنتمين للقبائل التي ترتبط بتحالفات مع القوات الفرنسية الموجودة في تلك المنطقة، كما قام في يناير 2019 بقتل ما يقرب من 20 شخصًا في هجوم شنه على 3 قرى في إقليم «منكا» بشمال مالي.
واستمرت هجماته تستهدف المدنيين والعسكريين بشكل مستمر حتى وقتنا هذا.
رخوة سياسيًّا هشة أمنيًّا
تعيش مالي صراعًا مسلحًا كبيرًا بين الشمال والجنوب منذ 2012، وعجزت كل المحاولات عن إنهائه، وهو الذي اندلع مع تمرد مجموعات عدة ضد الحكومة لنيل استقلال أو إعطاء حكم ذاتي لشمال البلاد في منطقة قبائل «أزواد».
تلك الصراعات والتوترات السياسية، تسببت في حدوث هشاهشة أمنية كبرى، وفتحت أبواب الإرهاب لجميع التنظيمات الإرهابية أهمهما «داعش» و«القاعدة»، فالتنظيمان يتصارعان على البقاء والسيطرة على شمال مالي عن طريق إقليم أزواد، بحسب ما أكدته وكالة فرانس برس.
وأضافت الوكالة، أن جماعة نصرة الإسلام وداعش بالتحديد، قاموا خلال السنوات الماضية بالتحرك في أزواد وهي من المناطق المحررة ، من أجل فرض قوانين «الشريعة الإسلامية» بحسب زعمهم، إذ وجدت تلك الجماعات في شمال مالي المنطقة الخصبة التي تسمح بالاختباء عن أعين المراقبة والمتابعة الأمنية الدولية، كما أنها منطقة صحراوية وليست سهلة على جيوش المنطقة والقوات الأجنبية الوجود بها، الأمر الذي دفع إلى تسميتها بـ «المنطقة الرخوة».
لماذا مالي؟
على الرغم من توغل الإرهاب في مالي، فإنها تتميز بالنزعة الصوفية المعروفة بالوسطية الدينية وعدم تقبل الإرهاب، وعلى الرغم من ذلك هُناك عدة أمور توضح لماذا استطاع «داعش» أن يتوغل في مالي، منها هشاشة الدولة، فـ«مالي» بها كم كبير من سوء الإدارة السياسية والاقتصادية والثقافية وافتقاد الشرعية وتفشي الفساد، وكل هذا يعطي فرصة لـ«داعش» في التوغل.
وكذلك هُناك ضعف في الدولة المركزية بمالي، وعدم قدرتها على إخضاع مناطق شاسعة لنفوذ الدولة.
إضافة إلى ذلك تعد الأوضاع البنيوية غير السليمة والهشة في مالي مناخًا مُناسبًا لنمو «داعش»، إلى جانب ذلك تعاني مالي من الفشل السياسي بسبب الصراع المتنامي بين قبائل «الطوارق» وقبائل «أزواد» المتمردة على الحكم في مالي، وهذا الأمر يعطي الفرصة كاملة لـ«داعش» في التوغل بالبلاد.
ماذا بعد الانسحاب الفرنسي؟
من ناحيته قال محمد حسين، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الخارجية، إن الانسحاب الفرنسي ستكون له مخاطر كبيرة على أمن مالي والمناطق المجاورة بالكامل، بسبب ضعف وهشاشه الجيش في مالي، فهو غير قادر على أن يُحارب بمفرده الإرهابي الداعشي مع صراع تنظيم القاعدة.
وأكد حسين في تصريح خاص لـ «المرجع »، أن رؤساء الدول المجاروة مثل ساحل العاج وغانا، أعربوا عن قلقهم تجاه هذا الانسحاب، لأن تفشي الإرهاب سيتخطى مالي وسيكون له تأثير سلبي على البلدان المجاورة .
وأوضح، أن الانسحاب الفرنسي من مالي، سيكون له تأثير سلبي على ليبيا، بسبب أن الدواعش سيكون من السهل عليهم الوصول للحدود الليبية دون وجود أي عائق، ففي السابق كانت تمنع فرنسا أي عمليات تسلل للأراضي الليبية.
وتابع، أرى سيناريو أفغانستان يتكرر مرة أخرى في مالي، فالانسحاب الأمريكي المفاجئ تسبب في فوضى عارمة، ونفس الوضع سيكون في مالي بعد الانسحاب الفرنسي المفاجئ.





