توغل جديد وعلاقات قديمة.. دلالات انتشار «فاجنر» الروسية في مالي
الخميس 06/يناير/2022 - 06:50 م
محمود البتاكوشي
أثار التمدد الروسي، في مالي عبر عناصر شركة فاجنر، مخاوف المجتمع الدولي، حتى إن الاتحاد الأوروبي قرر فرض عقوبات قاسية على الشركة العسكرية الروسية الخاصة، ما ينذر بمزيد من التصعيد الغربي ضد التوسع الروسي في القارة الأفريقية.
الانتشار في باماكو
السلطات
في مالي، قررت في ديسمبر 2021، الاستعانة بعناصر من شركة فاجنر الروسية،
تجاوزت أكثر من ألف عنصر، للانتشار في العاصمة باماكو مقابل 10 ملايين
دولار شهريًّا، وتبع ذلك عمليات جوية متكررة، لطائرات نقل عسكرية تابعة للجيش
الروسي، فضلًا عن وجود تحركات داخل مطار باماكو لتدشين منشآت تستوعب عددًا كبيرًا من عناصر فاجنر، في القاعدة المتاخمة لمطار باماكو، والتي يُطلق
عليها قاعدة 101، كما رصدت التقارير الفرنسية عدة زيارات لكوادر من شركة
فاجنر إلى العاصمة المالية، مما أثار مخاوف الدول الأوروبية، وهددت
بإمكانية سحب قواتها الموجودة في مالي كافة، فضلًا عن وقف الدعم المالي
لها.
مرتزقة فاجنر
ورصدت القوات
الأوروبية في مالي، طائرة تابعة للقوات الجوية الروسية، من طراز توبوليف تو
154، TU- 154، حلقت في المجال الجوي المالي، قادمة من بنغازي في ليبيا،
بينما أشارت تقارير أخرى إلى استقبال مطار باماكو، في 23 ديسمبر 2021،
حوالي 500 عنصر من مرتزقة فاجنر.
وإزاء ذلك وافق وزراء خارجية
الاتحاد الأوروبي في بروكسل، في 13 ديسمبر 2021، بالإجماع على قرار يتضمن
فرض عقوبات على مجموعة فاجنر الروسية، فيما عبرت واشنطن، عن قلقها إزاء
احتمالات الخطوات الروسية، نشر مرتزقة فاجنر في مالي، حيث حذر أنتوني
بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، السلطات المالية من عواقب وخيمة، اقتصادية
وأمنية، حال السماح لمرتزقة فاجنر بالوجود في باماكو.
زيادة
الوجود الروسي في مالي عبر شركتي فاجنر، وسيوا سيكيورتي العسكرية الخاصة،
القريبة من وزارة الدفاع الروسية، وهي الشركة التي تنشط في أفريقيا الوسطى،
يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك، أن روسيا بدأت تسحب البساط تدريجيًّا من تحت
أقدام الدول الغربية المتواجدة في باماكو، فوجود شركات روسية عسكرية هناك
يمثل خطوة مهمة في إطار مساعي موسكو لتعزيز نفوذها في منطقة الساحل
الأفريقي والصحراء، ويعزز التقديرات التي أشارت لوجود مساعٍ روسية لتدشين
قاعدة عسكرية لها في باماكو، كما قررت روسيا بيع 4 مروحيات قتالية، لمالي،
وذلك بعد زيارة لوزير الدفاع المالي ساديو كامارا موسكو.
علاقة قديمة
يشار
إلى أن باماكو كانت على علاقة متينة بعد الاستقلال في الستينيات من القرن
الماضي مع الاتحاد السوفيتي السابق، ومنذ أن عقد بوتين القمة الروسية -
الأفريقية عام 2019، كان هناك قرار روسي بتجديد البحث عن علاقات مع القارة
السمراء، ومن هنا كان إرسال مجموعة فاجنر مقاتليها إلى ليبيا وأفريقيا
الوسطى، على رغم التنديد الغربي بمثل هذه الخطوات، وكان متوقعًا أن تصل
فاجنر إلى مالي، منذ إعلان مسؤولين عسكريين فرنسيين رغبتهم في الانسحاب من
منطقة الساحل في ديسمبر 2020، لتكرار سيناريو جمهورية إفريقيا
الوسطى، فبعد إنهاء عملية سانغاريس العسكرية بإفريقيا الوسطى عام 2016،
سارعت روسيا لملء الفراغ عبر إرسال نحو ألف عنصر من فاجنر.
وبحسب
موقع ذي أفريكا ريبورت، تولت فاجنر تدريب الحرس الرئاسي وقوات الجيش
وحماية كبار الشخصيات في جمهورية إفريقيا الوسطى، والمشاركة في عمليات
أمنية ضد المتمردين، كما أرسلت موسكو أسلحة ثقيلة إلى العاصمة بانغي، مقابل
استفادتها من حقوق التعدين في عدة مناجم بالبلاد.
توغل روسي
انتشار
فاجنر بالدول المحيطة بمنطقة الساحل، يُمهد لتوغلها في المنطقة انطلاقًا من
مالي، وتُشير التقديرات إلى وجود مرتزقة الشركة العسكرية الروسية في 10 دول
إفريقية، وإلى تباين درجة الانخراط من دولة لأخرى، حيث سُجِّلت أعلى
مستويات التغلغل في كل من مدغشقر وإفريقيا الوسطى والسودان، أمّا أدناها
فكان في ليبيا وجنوب إفريقيا وزيمبابوي وجنوب السودان، تليها كل من تشاد
والكونغو الديمقراطية وزامبيا.
يشار إلى مجموعة فاجنر الروسية،
تعمل وفق عقود تبرمها مع أنظمة الدول، على تدريب الجيوش المحلية وحماية
الشخصيات المهمة ومحاربة المتمردين ومن تصنفهم الحكومات كمنظمات إرهابية،
وكذلك حماية مناجم الذهب والماس واليورانيوم في النقاط الساخنة.
الصراع
الغربي الروسي في مالي، قد يهدد بشأن الاستقرار الداخلي هناك، وربما يتحول
إلى حرب بالوكالة بين السلطات الانتقالية وبعض الميليشيات المسلحة في
باماكو.





