ad a b
ad ad ad

أفغانستان «تائهة».. تجارة المخدرات تنتعش بحكم طالبان ورعايتها

الأربعاء 22/ديسمبر/2021 - 02:55 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة
على الرغم من الوعود التي قطعتها حركة طالبان عقب استيلائها على الحكم في أفغانستان منتصف أغسطس 2021، بعدم التربح من المخدرات ومكافحة إنتاج زراعة نبات الخشخاش الذي يستخرج منه مخدر الأفيون، فإن ازدهار تجارة الأفيون والمخدرات ظل رائجًا، وأثبتت الحركة أنها  ليست جادة في منع إنتاجه نظرًا لكونه مصدر دخل آمن للمزارعين والحركة في آن واحد.
أفغانستان «تائهة»..
تجارة رابحة

ازدهرت زراعة الأفيون وتجارته في أفغانستان كمصدر دخل في البلاد وسط ارتفاع معدلات الفقر المدقع، ما يشير إلى فشل حركة طالبان في تنفيذ تعهدها أو تراجعها عن هذا التعهد بمكافحة إنتاج هذا المخدر بعد سيطرتها على زمام الأمور.

ويبدو أن الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة ترسم صورة قاتمة عن حجم كارثة زراعة الأفيون في أفغانستان، فوفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وصل حجم إنتاج أفغانستان من الأفيون إلى قرابة 6800 طن خلال موسم الحصاد الأخير الذي انتهى في يوليو 2021، ما يمثل زيادة بنسبة 8 بالمائة عن إنتاج العام المنصرم، مشيرًا إلى أن أفغانستان لا تزال تستحوذ على 85 بالمائة من إنتاج الأفيون على مستوى العالم.

وعن ازدهار زراعة الخشخاش، لم تكن الأمم المتحدة الجهة الوحيدة التي أكدت على ازدهار زراعة وتجارة الأفيون في أفغانستان بعد سيطرة طالبان إذ أشارت مصادر داخل البلاد إلى ذلك، حيث أكد  ضابط سابق في الجيش الأفغاني، أن إنتاج الأفيون سيستمر في أفغانستان في الزيادة، لا تزال زراعة الأفيون مصدر دخل آمن للمزارعين والعاطلين عن العمل الذين في طريقهم للعودة إلى قراهم من المدن.

وقبل استيلاء طالبان على السلطة، كان الضابط يعمل في الوحدة الخاصة بالجيش والمنوط بها محاربة الجرائم المرتبطة بالمخدرات. وفي ذلك قال الضابط: «لم يكن لدينا سيطرة كاملة في ذاك الوقت خاصة في المناطق النائية إذ كان مسلحو طالبان يتمتعون بنفوذ أكبر بل ووفروا حماية لمزارعي نبات خشخاش الأفيون».

وعقب سيطرتها على زمام الأمور في أغسطس 2021، تعهدت طالبان بمكافحة زراعة الأفيون وتهريب المخدرات في أفغانستان، والعمل القضاء على إنتاج الأفيون، بيد أن هذا الأمر يساوره الكثير من الشكوك إذ إن طالبان تُعرف باستخدامها تجارة المخدرات من أجل تمويل عملياتها فيما ذكرت الحكومة الأمريكية أن قرابة 60 بالمائة من العائدات السنوية للحركة تأتي من الاتجار بالمخدرات وإنتاجها.
أفغانستان «تائهة»..
تجارة مستمرة

ويرى توماس روتيغ من «شبكة المحللين الأفغان» أن طالبان لم تكن المحرك الرئيسي وراء ما يُعرف بـ«اقتصاد المخدرات» في أفغانستان في السنوات الأخيرة. وفي ذلك، قال «تنافست الحكومة السابقة مع طالبان لتعزيز نفوذها في المناطق الريفية، والكثير من رجالها تورطوا بشكل مباشر في تهريب المخدرات».

وأضاف الباحث أن القوات الغربية التي انتشرت في أفغانستان منذ 2001 تعاونت مع عدد من أمراء الحرب وزعماء ومسؤولين حكوميين ممن تورطوا أيضًا في تهريب المخدرات، مشيرًا إلى أن هذه القوات لم تبذل مجهودًا يذكر لوقف هذه التجارة.

وفيما يتعلق بتعهدات حركة طالبان بمكافحة إنتاج الأفيون، قال روتيغ إن الحركة ليست جادة في هذا التعهد، مضيفًا طالبان لا تريد ذلك، ولا يمكنها القيام بالأمر؛ لأن هذا يعني أنها ستفقد الكثير من أنصارها في المناطق الريفية الرئيسية في أفغانستان.

وعد زائف

ولا تزال زراعة المخدرات أحد المصادر الرئيسية للدخل بالنسبة لحركة طالبان، إذ تنتج البلاد أكثر من 80 بالمائة من حجم زراعة الأفيون في العالم، إذ ادعت الحركة على لسان متحدثها الرسمي «ذبيح الله مجاهد»، في أول مؤتمر صحفي عقدته من كابول، منتصف أغسطس 2021، أن السلطات الجديدة لن تحول أفغانستان أكبر منتج للأفيون في العالم إلى دولة مخدرات حقيقية، قائلًا: «نؤكد لمواطنينا وللمجتمع الدولي أننا لن ننتج المخدرات.. من الآن فصاعدًا لن يشارك أحد ولن يتمكن أحد المشاركة في تهريب المخدرات».

وقال «مجاهد»، إن أفغانستان ستحتاج إلى مساعدات دولية لتصبح دولة خالية من المخدرات من أجل تزويد المزارعين بمحاصيل بديلة عن الخشخاش الذي تتم معالجته لإنتاج المورفين والهيروين.

ويؤكد «جوناثان غودهاند»، الباحث في جامعة «SOAS» ببريطانيا، إن المخدرات أصبحت مصدرًا حيويًّا لواردات حركة طالبان التي قد تجد صعوبة في حظرها، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن تثير هذه القضية سلسلة من الخلافات داخل الحركة، ومؤكدًا أن أعضاء الحركة يريدون تقديم صورة عن أنفسهم أكثر اعتدالًا وأكثر انفتاحًا على التعامل مع الغرب ويدركون أن المخدرات هي وسيلة لتحقيق ذلك.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن المزارعين في المناطق التي تسيطر عليها «طالبان» يتعرضون غالبًا لضغوط من أمراء الحرب والمقاتلين المحليين لزراعة الخشخاش. 

ويقول مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة؛ إن مساحة الأرض المزروعة بالخشخاش وصلت إلى مستوى قياسي في عام 2017، وبلغت نحو 250 ألف هكتار على مدى السنوات الأربع الماضية، أي نحو أربعة أضعاف المساحة في منتصف تسعينيات القرن الماضي. 

"