الانتخابات في تركيا.. الديكتاتور أردوغان يُمهِّد طريقه للرئاسة
السبت 23/يونيو/2018 - 02:34 م

علي رجب
يسعى رجب طيب أردوغان للفوز برئاسة تركيا خلال الانتخابات التي تشهدها البلاد، الأحد 24 يونيو 2018، والتي تُعدُّ أهم انتخابات تجرى في تركيا منذ إلغاء الخلافة وإقامة الجمهورية التركية من قبل مصطفى كمال أتاتورك، قبل أكثر من 90 عامًا.
وتنبع أهمية هذه الانتخابات من كونها تُؤذن بانتهاء النظام البرلماني، والبدء بوضع النظام الرئاسي، الذي بشر به «أردوغان» عقب التعديلات الدستورية التي أقرها الاستفتاء الدستوري، في 16 أبريل 2017، والتي تمنح الرئيس صلاحيات واسعة؛ ليتوج نفسه ديكتاتورًا على تركيا، مجهزًا كل شيء؛ من أجل حصد نتائج التحولات الداخلية في البلاد، ما بعد الانقلاب الفاشل في يوليو 2016، إضافةً إلى الاستفادة من الأوضاع في سوريا والعراق، ما بين المتاجرة باللاجئين السوريين، وشنِّ عمليات عسكرية؛ من أجل تعظيم شعبيته في الوسط التركي، ودعم جماعات الإسلام السياسي في المنطقة.
واتخذ أردوغان عددًا من الخطوات تؤمن له الزفر بنتائج الانتخابات الرئاسية، في مقدمتها قانون الانتخابات، الذي أقره البرلمان التركي، في مارس الماضي، الذي يرى مراقبون أنه يُمهد الطريق لحسم الانتخابات التركية لصالح الرئيس التركي الحالي، ومن أكثر المواد إثارة للجدل في هذا القانون «قبول بطاقات الاقتراع التي لا تحمل ختمًا رسميًّا»، والتي يرى معارضون أنها تقوض نزاهة الانتخابات، وتشجع على التزوير.
ويلعب أردوغان على مشاعر الجميع، ويلاعب كل القوى والأحزاب السياسية في تركيا؛ ليضمن بقاءه في السلطة، وبقاء حزبه قائدًا للتحالف الحكومي.
القوميون ينحازون للديكتاتور:
حقق أردوغان نجاحًا كبيرًا في اختراق صفوف القوميين الأتراك؛ ليضمن أصواتهم في الانتخابات البرلمانية عبر أمرين؛ الأول التحالف الحكومي والانتخابي مع حزب الحركة القومية، بزعامة دولت بهتشلي، تحت عنوان «تحالف الشعب»؛ ليضمن نسبةً كبيرةً من أصوات القوميين، والأمر الآخر هو شن حرب عسكرية ضد الأكراد في سوريا والعراق؛ ليزيد من مكانته لدى القوميين الأتراك، ويجعل صوتهم محجوزًا مقدمًا لزعيم حزب «العدالة والتنمية»، رغم وجود نسبة مؤيدة لزعيمة حزب «الخير» ميرال أكشنار.
الإسلام السياسي.. الغالبية مع الخليفة
استطاع الرئيس التركي، من خلال سياسته وقيادته لحزب «العدالة والتنمية» الإسلامي، أن يُحقق جماهيرية واسعة بين إسلاميي تركيا، عبر إعادة لبس الحجاب في المؤسسات الحكومية، وفرض القوانين ذات الصبغة الإسلامية في تركيا، إضافةً إلى استخدامه خطابًا إسلاميًّا في أحاديثه الانتخابية والشعبية، والمغازلة بإعادة مجد الإمبراطورية العثمانية.
وقد أعلنت 14 جمعية سلفية في تركيا تأييدها لمرشح حزب «العدالة والتنمية» لرئاسة تركيا، ولكن رغم حضور أردوغان القوي بين إسلاميي تركيا، فإنه لا يوجد إجماع على انتخابه رئيسًا لتركيا، فزعيم حزب «السعادة» الإسلامي «تيميل كرم الله أوغلو» المعروف بهدوئه وحزمه، هو من بين مرشحي المعارضة الذين ينافسون الرئيس التركي، ويحظى بجانب لا بأس به من تأييد الإسلاميين.
كما أن المعارض التركي تورغوت أوغلو (عضو بحركة الخدمة) أكد أن أعضاء حركة «الخدمة»، التي يقودها فتح الله جولن، لن يعطوا أصواتهم لـ«أردوغان».
وأضاف أوغلو، في تصريح لـ«المرجع»، أن حركة «الخدمة» لن تدعم مرشح الإسلام السياسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤكدًا دعم الحركة لدولة الديمقراطية والمواطنة وعدم الإقصاء.
الشباب يأملون في التغيير:
تتباين آراء الناخبين الشباب، فهناك شريحة كبيرة من الشباب الذين يستعدون للإدلاء بأصواتهم، ربما شهدوا نور الحياة مع بداية حكم حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي لحكم تركيا في 2002، ولكن التصويت لـ«أردوغان» ليس محسومًا تماما؛ حيث ارتفاع معدلات البطالة لأكثر من 11%، إضافةً إلى فقدان الليرة التركية أكثر من 25% من قيمتها منذ يناير الماضي، وهو ما زاد العبء الاقتصادي على العائلات التركية، وهو ما يبعد الشباب عن التصويت لصالح أردوغان، أو على الأقل التفكير كثيرًا قبل التصويت له.
تجنيس اللاجئين
تُشكل المتاجرة بالقضية السورية، خاصة اللاجئين، أحد مصادر قوة أردوغان الشعبية، ونقطة ضعفة في نفس الوقت؛ حيث يعتبر الرئيس التركي استقبال اللاجئين السوريين قضية إسلامية، بينما ترى المعارضة أن اللاجئين أثروا على الوضع الاقتصادي في تركيا.
وقد كشفت وسائل إعلام تركية وجود نحو 30 ألف سوري سيدلون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية، بعدما حصلوا على الجنسية التركية، وهؤلاء غالبيتهم -إن لم يكن كلهم- سيصوتون لصالح أردوغان.
الأقليات والأكراد.. نقطة ضعف أردوغان:
يُشكل أكراد تركيا وأقلياتها نقطة ضعف أردوغان في الانتخابات المقبلة؛ حيث يرى أغلبهم أن السياسة الديكتاتورية للرئيس التركي تُمثل خطرًا على وجودهم التاريخي.
ودعا صلاح الدين دميرتاش، المرشح للانتخابات الرئاسية التركية، في خطاب متلفز، الناخبين إلى منع سقوط البلاد في «الهاوية»، من خلال مشاركتهم في الاقتراع الأحد المقبل، واصفًا نظام أردوغان بـ«القمعي».
وفي تصريحات صحيفة، قال دميرتاش: «للأسف تحولت تركيا إلى سجن شبه مفتوح، يحاولون خلق مجتمع قائم على الخوف والحكم عبر الترهيب»، واصفًا نفسه بأنه «رهينة سياسية».
القوى المدنية:
وتُشكل القوى المدنية، التي يقودها حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، إحدى نقاط ضعف الرئيس التركي، فـ«أردوغان» الذي يُجيد التلون السياسي بين «الإسلامي والعلماني»، يسقط شعبيًّا أمام نهج حزب «الشعوب» العلماني، المؤمن بتعاليم «كمال أتاتورك» مؤسس تركيا الحديثة.
الخليفة الديكتاتور الأقرب لحكم تركيا:
من جانبه، يرى الخبير في العلاقات الدولية محمد حامد، أن أردوغان المرشح الأقرب للفوز برئاسة تركيا، لكنه فوز سيكون بطعم الهزيمة -حسب تعبيره- لأن شعبية أردوغان وحزب «العدالة والتنمية» في تراجع كبير.
وأضاف حامد، في تصريح لـ«المرجع»، أنه رغم تراجع الأوضاع الاقتصادية وارتفاع البطالة والتضخم في تركيا، فإن علاقة أردوغان بالقوى السياسية والجماعات التركية وسيطرته على الإعلام ومؤسسات الدولة والجيش والشرطة، أمور تُقربه من حصد نتائج الانتخابات الرئاسية.
وفي السياق نفسه، يرى عضو حركة «الخدمة»، المعارض التركي تورغوت أوغلو، أن وجود أكثر من مرشح معارض لـ«أردوغان» في الانتخابات الرئاسية، يسهّل الطريق أمام مرشح حزب «العدالة والتنمية»؛ للوصول إلى جولة الإعادة.
وأوضح أوغلو، في تصريح لـ«المرجع»، أنه في حال وصل مرشح منافس لـ«أردوغان» إلى جولة الإعادة، واتفقت المعارضة على هذا المرشح، فإنه يمكن الحديث عن احتمالات فوز هذا المرشح.
وفي ختام تصريحه، أردف أوغلو: ولكن «كل المؤشرات تقول: إن أردوغان سيفوز بطريقة أو بأخرى».