ad a b
ad ad ad

بإجراءات مشددة.. استنفار فرنسي ضد الإرهاب

الثلاثاء 16/نوفمبر/2021 - 08:41 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

 تعتمد فرنسا إستراتيجية مشددة لمواجهة الجماعات الإرهابية، تأثرًا بالهجمات الدامية التي منيت بها خلال السنوات الأخيرة الماضية، وتتسم خطط المواجهة الفرنسية للتطرف بالتعددية والتنوع بين الآليات متضمنة الشق الأمني والقانوني والإعلامي.


بإجراءات مشددة..

وتفرض الإجراءات الفرنسية ضد الإرهاب تساؤلات مختلفة حول مدى قدرة الحكومات المتعاقبة على معالجة الآثار السلبية للإرهاب، وتطوير آليات المكافحة لمواكبة التحديات الناشئة في هذا المجال، كما أن هذه التساؤلات لا ترتبط فقط بالقرارات الحديثة للحكومة ولكنها ترتبط بقيم الإنجاز المتحققة على هذا الصعيد منذ هجمات باريس 2015 باعتبارها العملية الأكثر فداحة في القارة العجوز خلال السنوات الماضية.


المواجهة الفكرية ومستقبل الإرهاب في فرنسا


بدأت فرنسا إجراءاتها لمواجهة الإرهاب بملاحقة منابع الفكر المتطرف، إذ قررت السلطات في 22 أكتوبر 2020 حظر جمعية الشيخ ياسين، وتقديم رئيسها عبدالحكيم صفريوي للمحاكمة، وذلك لتورطها في عمليات تبرير فقهي لحادثة قطع رأس المدرس الفرنسي صموئيل باتي، والذي قتله مهاجر من أصل شيشاني في 16 أكتوبر 2020، وقد انتشرت التقارير الصحفية آنذاك حول علاقة صفريوي بجماعة الإخوان.


فيما نفذت السلطات المختصة في أكتوبر 2020 حكمًا قضائيَّا بإغلاق مسجد باانتان في باريس لمدة 6 شهور لنشره مقاطع مصورة على الشبكة العنكبوتية تعتقد السلطات بمساهمتها في قتل صموئيل باتي، كما أغلقت الحكومة 9 مساجد في 16 يناير 2021 بعد خضوعها للمراقبة، مع وضع 76 مسجدًا آخرين قيد المراقبة ضمن حملة أمنية للكشف عن المراكز الدينية التي تروج لمعتقدات مخالفة لقيم المجتمع الفرنسي أو تروج للنزعة الانفصالية.


وفي نهاية 2020 قررت الحكومة قصر وظيفة الإمامة على الفرنسيين فقط دون استقدام أئمة من الخارج خوفًا من تبنيهم لأفكار متطرفة أو عملهم ضمن استخبارات معادية تعمل سرًا لزعزعة استقرار المجتمع، كما وافق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 23 نوفمبر 2020 على تأسيس المعهد العلمي لعلوم الإسلام من أجل تدريب الأئمة الفرنسيين.


وحول تأثير هذه الإجراءات على مستقبل فرنسا في مواجهة الإرهاب، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، سعيد صادق إن ما تتخذه فرنسا من قرارات يندرج تحت بند مكافحة الفكر المتطرف عبر إغلاق بعض المراكز الثقافية وتأهيل الأئمة وإنهاء عمل الأئمة ورجال الدين الأجانب واستبدالهم بالفرنسيين.


وأشار في تصريح لـ«المرجع» إلى أن الاعتماد على الفرنسيين فقط كرجال للدين يضمن المعرفة الثقافية بالعادات والتقاليد الداخلية دون ترويج للفصل العنصري، موضحًا أن تلك الإجراءات الفرنسية لا ترتبط بالضرورة بقدرة الدولة على تقويض الإرهاب أو تحول ذلك لنتائج ملموسة تمنع أو تقلل من تنفيذ الهجمات داخليًّا.


ويرى صادق أن الإرهاب لا يرتبط فقط بدور العبادة أو المراكز الدينية، ولكن تتعدد الدوائر الداعمة للتطرف كشبكات الإنترنت التي تمتلك الجماعات الإرهابية حسابات متنوعة بها لاستقطاب الشباب وتوجيههم لتنفيذ الهجمات.


بإجراءات مشددة..

الإخوان وأدبيات التطرف في فرنسا


لا ينفصل حديث مكافحة الإرهاب عن جماعة الإخوان باعتبارها المنبع الرئيسي للتيار الإسلاموي المتشدد، ولكن اللافت في هذا الإطار أن الإجراءات الفرنسية الأخيرة لم تشمل بشكل واضح مؤسسات الجماعة المنتشرة في المجتمع، إذ تمتلك الجماعة مؤسسات كبرى بالداخل مثل المعهد الأوروبي للعلوم الإسلامية والإنسانية (IESH) في سان دوني بباريس، وعلى الرغم من بدء المدعي العام تحقيقًا بشأن المركز في أغسطس 2020 ولكنه لم يصل حتى الآن لنتائج واضحة.


ويدير عمر لصفر اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF) لصالح الجماعة، ويعد الاتحاد من أبرز مؤسسات الجماعة في منطقة الاتحاد الأوروبي، وتأسس في 1983 ويضم تحت مظلته جمعيات دينية وثقافية.


وفيما يخص عدم شمول جماعة الإخوان ضمن القرارات الفرنسية لمواجهة الإرهاب يقول الباحث السياسي، محمد صادق إسماعيل لـ«المرجع» إن السبب في ذلك يرجع إلى خريطة انتشار الإخوان في أوروبا فالجماعة وإن كان لديها فرع في باريس فهو ليس بالأقوى أوروبيًّا مقارنة ببريطانيا وألمانيا.


ويضيف أن التفكك الحالي الذي تعاني منه الجماعة والخلافات القيادية بداخلها يؤثر على تأثيرها خارجيًّا، كما أن أنشطة الجماعة في أوروبا تعرضت لصعوبات مؤخرًا على صعيد الوجود المالي والاقتصادي، والذي تدرجه بعض الدول تحت بند غسل الأموال.


المواجهات القانونية والتحديات الناشئة


يعد الإرهاب الدولي من التحديات الحديثة نسبيًّا للمجتمعات، وبالتالي فإن تطوير القوانين بات ضرورة لمواجهته، وبالنسبة لفرنسا فقد بدأت أجهزة الدولة المعنية مناقشة مشروع قانون (مبادئ الجمهورية)، إذ اعتمد أغلبية نواب الجمعية الوطنية في 16 فبراير 2021 مشروع القانون.


ويهدف القانون الذي اقترحه الرئيس إيمانويل ماكرون إلى مراقبة الكيانات الدينية والثقافية وتقويض التمويلات الخارجية والمشبوهة لدور العبادة ومراكز التعلم ومراقبة أصحاب الميول المتطرفة للحفاظ على القيم الفرنسية.


المزيد.. أوروبا تكافح الإرهاب بتشريعات مستحدثة وسط تحديات حقوقية

"