ad a b
ad ad ad

دلالات سيطرة «طالبان» على إقليم «بانشير» المنيع

الخميس 09/سبتمبر/2021 - 02:30 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
سيطرة حركة طالبان على إقليم بانشير المنيع له دلالات واضحة لا تخطئها عين، لعل أبرزها أن الحسابات الأمريكية لقوة الحركة جانبها الصواب ولم تكن مبنية على أساس سليم مدروس، فقد كانت إدارة الرئيس الأمريكي جون بايدن تتوقع أن تهيمن الحركة على أفغانستان في شهور كثيرة وليس بالسرعة التي سقطت فيها المدن والقلاع وآخرها إقليم بانشير الحصين المحاط بقمم جبلية وعرة تغطيها الثلوج، ما يعطيه ميزة دفاعية طبيعية، إذ يمكن المقاتلين من التخفي في وجه القوات المتقدمة، لشن كمائن لاحقًا من المرتفعات باتجاه الوادي.
دلالات سيطرة «طالبان»
يمتد وادي بانشير الطويل والعميق حوالي 120 كم من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي من العاصمة كابل، وتحميه الجبال ذات القمم العالية التي يصل ارتفاعها إلى 3000 متر.

هذه الجبال هي حواجز طبيعية تحمي الإقليم في مواجهة الهجوم الخارجي، ما يجعله ثكنة عسكرية شديدة التحصين، مع توفر الغذاء والمياه، فهناك 126 واديًا كبيرًا وعشرات الأودية الصغيرة تجعله قادرًا على الصمود أمام الحصار الطويل.

الأهمية الاستراتيجية للإقليم

من عناصر الأهمية الاستراتيجية للإقليم، ارتباطه بسبع ولايات أفغانية، هي تخار وبغلان، في الشمال، وكابيسا من الجنوب، ونورستان وبدخشان في الشرق والشمال الشرقي، ولغمان من الجنوب الشرقي، وپروان في غرب بانشير، ما يشكل تهديدًا لحركة طالبان في حالة بقاء الوادي خارج سيطرتها.

وجاء إعلان المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، أن الحركة سيطرت بشكل كامل على إقليم بانشير شمالي العاصمة الأفغانية كابل بعد معارك مع جبهة المقاومة الوطنية بقيادة أحمد مسعود، مؤكدا لسيطرة الحركة على كامل التراب الأفغاني.

بلد الذهب لأمير واحد

نجاح حركة طالبان في حسم معركة بانشير، تؤكد أن سقوط هذا الإقليم المنيع في بضعة أيام يكتب فصلًا جديدًا في التاريخ الأفغاني عنوانه أن بلد الذهب لأمير واحد، وذلك دلالة سياسية ومعنوية تلقي بظلال الاستقرار على كامل ولايات أفغانستان وتجعلها أكثر طاعة وتنفيذًا لأوامر وسياسات الحركة، لا سيما أن إقليم بانشير كان عصيا على مدار العقود الماضية على كل من حاول عبور جباله وفشل، سواء بريطانيا أو الاتحاد السوفيتي مرورًا بأمريكا وحتى طالبان في فترة حكمها الأولى نظرًا لمناعته وتميز موقعه الجغرافي.

السيطرة السريعة على كامل التراب الأفغاني، أحبطت التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي كان يراهن على حرب طويلة للحصول على ورقة ضغط تسمح له بالسيطرة على القرار الأفغاني ولعب دور صانع السياسات والتحالفات في البلد، الذي لم يعرف سوى الأزمات والاضطرابات والفوضى على مدار عقود طويلة.
دلالات سيطرة «طالبان»
حماية طريق الحرير

سقوط إقليم بانشير بهذه السرعة يؤكد أن حركة طالبان رتبت أوراقها جيدًا مع الصين التي باتت تمسك خيوط اللعبة حتى لا تسقط أفغانستان في مستنقع الطائفية والصراعات العرقية، ما يهدد مصالح بكين في المنطقة، لا سيما طريق الحرير الذي ستدافع عنه بكل قوتها، وتجعل من أفغانستان ممرًا تجاريًّا حيويًّا له الحرير وهمزة وصل مع حليفها الآخر إيران.

وبذلك تضمن بكين ممرًا بريًّا حيويًّا لإمدادات الطاقة الإيرانية وتصدير السلع الصينية، وتستفيد الصين من استقرار الأمر لطالبان أن تسحب البساط من أقدام الولايات المتحدة الأمريكية، والقضاء على نفوذها في آسيا.

جدير بالذكر أن الصراع العرقي أحد أقوى أسباب العداء بين سكان الإقليم المنتمي أكثرهم لعرقية الطاجيك وحركة طالبان المنتمي كثير منها لعرقية البشتون، إضافة إلى جروح قديمة ممثلة في اتهام طالبان بالتسبب في اغتيال اثنين من زعماء الطاجيك هما برهان الدين رباني وأحمد شاه مسعود، وفي المقابل دعم الإقليم الغزو الأمريكي المناهض لحركة طالبان.

الكلمات المفتاحية

"