الجماعات العرقية الأفغانية تحت رحمة «طالبان»
الجمعة 27/أغسطس/2021 - 01:45 م
محمود البتاكوشي
حالة من الخوف والترقب تعيشها الأقليات العرقية ومكونات المجتمع الأفغاني بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد، إذ عانت تلك الاقليات الويلات في ولاية الحركة الأولى، عندما وصلت إلى الحكم عام 1996 حتى أزاحتها قوات التحالف الدولي عام 2001.
وعزز تلك المخاوف قيام الحركة بحسب «منظمة العفو الدولية»، بتعذيب وقتل عدد من الأقليات العرقية بعد اجتياح قراهم مؤخرًا، لاسيما في قرية مندراخت، بولاية غزنة، حيث قتل 6 أشخاص من الهزارة فيما تعرّض ثلاثة إلى التعذيب حتى الموت، ما يؤكد أن الشعب الأفغاني بات على موعد مع أيام صعبة وأن طالبان لم تعِ درس فشلها السابق.
ويخشى الأفغان من عودة حكم طالبان الذي كان في أواخر تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت الحركة تجبر النساء إلى حدّ كبير على البقاء في منازلهن، فيما حظرت التلفزيون والموسيقى، وقطعت أيدي اللصوص المشتبه فيهم، ونفذت إعدامات علنية.
كما يتخوف المجتمع الأفغاني بمختلف أطيافه ومكوناته العرقية، من أن تركز جماعة طالبان على قوميتها من البشتون الأكثر عددًا في تشكيل الحكومة والامتيازات المختلفة متجاهلًا باقي الأقليات العرقية والقومية والدينية والمذهبية في أفغانستان، حيث الطاجيك والهزاره والأوزبك والبلوش وغيرهم.
ورغم سيطرة «طالبان» على البلاد وخروج القوات الأمريكية، لكن الأمر لم يستتب لها طالما تجاهلت التعدد القومي والمذهبي يفرض نفسه، إذ أن سياسة الحركة الإقصائية ستقود البلاد لاضطرابات وصراعات وحروب داخلية وخارجية لا حصر لها، وكأن قدر هذه البلاد أن تكون دومًا ساحة تصفية حسابات ونزاعات مفتوحة إقليميًّا ودوليًّا، تمامًا كما حدث في الولاية الأولى.
ويشار إلى أن أفغانستان حلت العام الماضي في المركز الرابع كأخطر بلد في العالم بمؤشر الشعوب المهددة الذي أعدته مجموعة حقوق الأقليات الدولية، وأفاد بأن جميع المجموعات الإثنية فيها معرضة لخطر اضطهاد عنيف منهجي وقتل جماعي.
أبرز مكونات المجتمع الأفغاني
وفيما يلي أبرز مكونات المجتمع الأفغاني البالغ تعداده 40 مليون نسمة:
البشتون؛ وهم أكبر مجموعة إثنية في أفغانستان ويشكلون أكثر من 42% من السكان، وتنتمي لها حركة طالبان، وهيمنت هذه المجموعة التي يغلب عليها السنة وتتحدث لغة البشتو على المؤسسات السياسية الأفغانية منذ القرن الثامن عشر، وشدد العديد من قادة البشتون على مر السنوات على الأحقية في حكم أفغانستان؛ ما أثار غضب المجموعات الإثنية الأخرى، ولاسيما في جنوب البلاد وشرقها، بسبب التهميش السياسي والاقتصادي والثقافي.
الطاجيك؛ وهم ثاني أكبر مجموعة عرقية في البلاد، وتشكل أكثر من ربع عدد السكان، واللغة الرئيسية التي تستخدمها إثنية الطاجيك هي فرع من اللغة الفارسية تسمى داري، وهي أيضًا لغة مشتركة في أفغانستان، وتتوزع المجموعة بشكل رئيس في شمال البلاد وغربها، ولديها معاقل في وادي بانشير ومدينة هرات وبعض الولايات الشمالية.
ويشتهر وادي بانشير بمقاومته للاحتلال ليس فقط السوفيتي في الثمانينيات من القرن الماضي، بل أيضًا ضد نظام طالبان السابق، كما يقاومه بضراوة في الوقت الراهن، الذي لجأ إليه مؤخرًا، نائب الرئيس الأفغاني السابق، أمر الله صالح، برفقة أحمد مسعود، نجل أحمد شاه مسعود -أسد بانشير- الذي دعا الأفغان إلى الانتفاضة والمقاومة ضد طالبان، في حال فشلت المفاوضات التي يرجو منها مسعود «اعتماد اللامركزية، في الحكم لتحقيق نظام يضمن العدالة الاجتماعية والمساواة والحقوق والحرية للجميع».
وتشكل جماعة الهزارة، 10% من تعداد سكان أفغانستان، وهي متمركزة في وسط البلاد، وتتحدث لهجة الداري وغالبيتها من المسلمين الشيعة، وواجهت هذه المجموعة اضطهادًا وتمييزًا عنيفين على أساس الدين والإثنية لأكثر من قرن، ونفذت مذابح بحقها في ظل مختلف الحكومات الأفغانية في العقود الأخيرة، خصوصًا في ظل حكم طالبان، وهم مسلمون سنة متشددون وصفوا الشيعة بأنهم كفار.
وتشكل إثنية الأوزبك الأفغان أيضًا 10% من السكان، وتتمركز بشكل رئيس في شمال البلاد قرب الحدود مع أوزبكستان، وهي من الشعوب الناطقة بالتركية، ومعظمها من المسلمين السنة.
ويشار إلى أن أفغانستان تضم 12 مجموعة عرقية أخرى، منها إيماق البدوية والتركمان والبلوش، كما تضم شعب النورستانيين في شمال شرق أفغانستان.





