يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

في اليمن ولبنان.. أذرع الملالي لحماية المصالح الإيرانية بسلاح النفط

السبت 28/أغسطس/2021 - 10:33 م
المرجع
محمد عبدالغفار
طباعة

منذ اندلاع ما عرف لاحقًا باسم الثورة الإسلامية في إيران، ركز نظام الخميني- المسيطر على البلاد- على عدة أهداف على رأسها تصدير مبادئ ما عرف باسم الثورة الإسلامية في إيران إلى دول الخارج، وخلق أذرع لطهران في دول المنطقة للدفاع عن مصالحها، حيث اقتنع الحكام الجدد لإيران بأن أولى خطوات حماية ثورتهم تكمن في الدفاع عنها؛ بداية من دول الخارج وليس فقط في حدود الدولة الإيرانية.


واستمر نظام الملالي في تنفيذ خطته حتى نجح في زراعة عدة أذرع لهم في مختلف الدول، مثل حزب الله في لبنان، وجماعة الحوثي الإرهابية في اليمن، وقوات الحشد الشعبي في العراق، بالإضافة إلى عدد من الأذرع المنتشرة في سوريا وغيرها من الدول بالمنطقة.


في اليمن ولبنان..

أزمة نفط قاتلة في بيروت


تعد عملية التنقيب وتوفير النفط في لبنان بالأمر القديم، حيث بدأ في عام 1926 عندما أصدر هنري دو جوفنيل، المفوض السامي الفرنسي، تشريعًا يجيز التنقيب عن النفط واستثماره واستخراجه، وبناءً على هذا التشريع جرى حفر عدة آبار في البر اللبناني خلال الفترة من الثلاثينيات إلى السبعينيات من القرن الماضي، ووصل عمق بعضها إلى ثلاثة آلاف متر تقريبًا، ولكن لم تنجح أي منها في استخراج النفط.


وتوقفت عمليات التنقيب بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد، قبل أن تعود خلال تسعينيات القرن الماضي، إلا أن عام 2013 شهد بداية الآمال الفعلية للشعب اللبناني في هذا المجال، من خلال اتساع نطاق عملية المسح الجيوفيزيائي ثنائي الأبعاد، ما أظهر أن المياه البحرية اللبنانية عبارة عن منطقة غازية، وهي النتائج التي أكدتها الدراسات والأبحاث الصادرة عن مراكز الأبحاث العالمية خلال هذه الفترة، فقد أكدت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن هناك 122 تريليون قدمًا مكعبًا من الغاز القابل للاستخراج في حوض المتوسط، وهو ما يشمل المياه البحرية اللبنانية.


وعلى الرغم من هذا المخزون الضخم من الغاز القابل للاستخراج لكن المواطن اللبناني يعيش في أزمة نفط كبيرة خلال الشهور الأخيرة، حيث لا يوجد النفط بصورة منتظمة في أماكن البيع الرسمية، بينما تنشط السوق السوداء في هذا المجال بكثرة وبأسعار مرتفعة للغاية، ويرجع ذلك إلى انغلاق الأفق السياسي الذي تعيشه البلاد.


في اليمن ولبنان..

  استغلال الأزمات


تستغل إيران الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدول المختلفة كي تجد لنفسها موطئ قدم بها، شأنها في ذلك شأن كل التنظيمات الإرهابية والمتطرفة التي تتخذ هذه الظروف كمدخل للحديث مع شعوب الدول؛ لإقناعهم بأفكارها وضرورة الانتماء إليها.


وهو ما فعلته طهران في اليمن مثلًا، حيث استغلت سوء الأوضاع المعيشية والظروف السياسية التي أعقبت ما عرف باسم ثورة الشباب هناك، وساعدت ذراعها هناك ممثلًا في جماعة الحوثي الإرهابية في السيطرة على مساحات جغرافية شاسعة والسيطرة على مقاليد الحكم في عدد كبير من المحافظات.


وكانت لبنان أسبق من مثيلاتها في التدخل الإيراني الفج في شؤونها عن طريق حزب الله اللبناني، الذي لم يكتف بمحاولات السيطرة على الأوضاع السياسية اللبنانية فقط، ولكنه امتد إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث أدخل الحزب بلاده في حروب بالوكالة لصالح النظام الإيراني، ولم يدفع ثمنها سوى المواطن اللبناني في جنوب البلاد.


في اليمن ولبنان..

  طهران تتدخل عبر ذراعها


شهد ملف النفط في لبنان تحركات سلبية كبيرة خلال الأسبوع الجاري، حيث أوقف رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان المركزي، دعم المحروقات مطالبًا بإصدار تشريع يغطي الصرف من الاحتياط الإلزامي لحل هذه الأزمة، وهو ما نتج عنه رفع سعر المحروقات بصورة كبيرة من قبل المديرية العامة للنفط في لبنان بعد أن تم اعتماد سعر صرف الدولار 8 آلاف ليرة لبنانية لشراء المحروقات.


ونتج عن هذا القرار خروج عدة مظاهرات في المحافظات اللبنانية المختلفة، والتي نتج عنها قطع الطرق الرئيسية في مناطق مختلفة بالبلاد، وهو ما أنذر بأزمة كبرى استغلتها طهران عبر ذراعها ووكيلها في لبنان، حزب الله، الذي سارع أمينه العام حسن نصر الله إلى الحديث إلى المواطنين واعدًا إياهم بحل هذه الأزمة عن طريق الحزب.


 وأعلن نصر الله في خطاب له أذيع على قناة المنار التابعة لحزب الله أن السفينة الأولى التي تحمل النفط أبحرت بالفعل من طهران، مضيفًا: «سفينتنا الثانية ستبحر خلال أيام وستلحق بها سفن أخرى... سنواصل هذا المسار طالما هناك حاجة في البلد هنكمل تحمل المسؤولية»، وتابع: «لسنا بديلًا عن الدولة لا في هذا الأمر ولا في غيره... نحن لا جايين بديل ولا جايين ننافس أحد».


بينما سارعت طهران إلى التعليق على هذا البيان قائلة إنها لا تستطيع الوقوف صامته أمام معاناة الشعب اللبناني، لذا سارعت إلى تقديم يد العون إلى بيروت، وأضاف سعيد خطيب زادة، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية «لا نستطيع الاكتفاء بمشاهدة معاناة الشعب اللبناني.. هذا الشعب شعب متمكن وثري، ومن الطبيعي إرسال الوقود لمن يشتريه منا»، وأضاف زادة: «نحن مستعدون لمساعدة لبنان بهذا الخصوص، إن طلبت الحكومة اللبنانية ذلك».


حسن نصر الله
حسن نصر الله

الأسباب الحقيقية


لم يكتف حسن نصر الله خلال كلمته المذاعة على قناة المنار، الأحد 22 أغسطس 2021، عند هذا الحد، ولكنه أوضح الأسباب الحقيقية والفعلية التي تقف وراء هذا الفعل، حيث قال نصرالله: «نقترح على الحكومة إذا قبلتم لدينا شركات لاستخراج النفط والغاز وبيعه وهي لا تخاف القصف الإسرائيلي وتستطيع استخراج الغاز والنفط وبيعه».


ويتضح أن إيران وضعت أعينها على حصة لبنان من المخزون الاستراتيجي من الغاز القابل للاستخراج في حوض المتوسط، فمن جهة يمكن لهذا المخزون الضخم أن يساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية السيئة في طهران ويساعدها في تخطي العقوبات الأمريكية الاقتصادية الصارمة المفروضة عليها.


ولا يخفى مخاطر هذا الوضع، خصوصًا أنه سوف يشعل حربًا بالوكالة بين حزب الله من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، حيث من المتوقع ألا تقبل إسرائيل بوجود سفن تنقيب إيرانية بالقرب من حصتها في الغاز الواقع في حوض المتوسط.

"