لن نخرج منها.. أردوغان يراوغ في ليبيا ويؤكد بقاء قواته
الإثنين 15/فبراير/2021 - 03:47 م
مصطفى كامل
في وقت تتصاعد فيه الدعوات محليًّا ودوليًّا للإسراع في تشكيل حكومة ليبية جديدة، وتسهيل عملها في المرحلة القادمة، عقب الانتهاء من انتخابات المناصب السيادية في ليبيا، للتمهيد للانتخابات المزمع إجراؤها في ديسمبر 2021، والتي تهدف لإخراج البلاد من دائرة الفوضى والعنف اللذين كرستهما الانقسامات، يحاول النظام التركي برئاسة رجب طيب أردوغان في مزاولة أسلوبه المراوغ، من خلال إعلانه دراسته سحب قواته والمرتزقة من ليبيا مقابل سحب الدول الأخرى لقواتها أولا، الأمر الذي يؤكد أطماع أنقرة في ليبيا ونيتها في عدم الخروج من البلاد.
أردوغان المراوغ
خرج الرئيس التركي أردوغان، بتصريحات له الثلاثاء ٩ فبراير ٢٠٢١، ليؤكد مراوغته وإعلان نيته حول البقاء في ليبيا، حيث أعلن أن أنقرة ستبحث سحب قواتها من ليبيا، في مقابل سحب الدول الأخرى قواتها أولا، مدعيا أن أفراد القوات المسلحة التركية نُشروا في ليبيا فقط من أجل تدريب الوحدات الموالية لحكومة الوفاق.
وواصل أردوغان زعمه بأن بلاده ترسل قواتها إلى مكان ما، فهي تفعل ذلك من أجل السلام، وهناك اتفاق تعاون أمني وعسكري بين البلدين؛ في إشارة إلى مذكرتي تفاهم، التي وقعتهما تركيا مع حكومة الوفاق في 27 نوفمبر 2019، الأولى تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري، والثانية بتحديد مناطق الصلاحية البحرية.
يذكر أن تركيا تدخلت في ليبيا إلى جانب حكومة الوفاق رغم اعتراضات شعبية ورسمية ودولية، تمثلت بمطالب أبرزها إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة وكافة القواعد الأجنبية من البلاد.
فيما وصفت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز تلك اللحظة بالتاريخية، وقالت، الجمعة، في كلمة معلنة فوز المرشحين: «يسعدني أن أشهد هذه اللحظة التاريخية» إلى ذلك أضافت متوجهة للأطراف الليبيين: «قطعتم شوطًا طويلاً، وتجاوزتم خلافاتكم لصالح بلدكم والشعب الليبي، هذا التزام رسمي ويجب على السلطة التنفيذية المنتخبة الوفاء به».
الأطماع التركية
في الجهة المقابلة، كانت تصريحات المسؤولين الأتراك تشير صراحة إلى عزم أنقرة الاستمرار في سياستها العدائية نحو ليبيا عبر تجاهل الدعوات الليبية والدولية لإنهاء الوجود الأجنبي في البلاد، وفسح المجال أمام التوافقات الليبية التي ساهمت خلال الأشهر القليلة الماضية في إسكات صوت الرصاص، وفتح الباب أمام لغة الحوار التي كانت نتائجها إيجابية بإجماع الليبيين والمجتمع الدولي، حيث تؤكد التحركات التركية بمخططات ونوايا خطيرة قد تهدد العملية السياسية في ليبيا، وتقلبها إلى كابوس جديد يقض مضاجع الليبيين، ويعيد تكرار سنوات من الصراعات والحروب التي راح ضحيتها الآلاف من أبناء ليبيا.
وتتعارض هذه التحركات التركية مع مخرجات مؤتمر العاصمة الألمانية برلين، واتفاق جنيف لوقف إطلاق النار الموقع في 23 أكتوبر 2020، والذي نص على إخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة بإعادتها إلى معسكراتها، بالتزامن مع خروج جميع المرتزقة والمسلحين الأجانب من الأراضي الليبية برا وبحرا وجوا في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ التوقيع على وقف إطلاق النار.
وبلغ إجمالي المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا 18 ألف سوري، إضافة إلى 2500 تونسي، من بينهم أطفال أقل من 18 عامًا، ووصل عددهم إلى 350 طفلا، وعاد 10 آلاف و750 مرتزقًا إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم ونيل مستحقاتهم المالية، فيما بقي 10 آلاف آخرون من الموالين لتركيا، بينهم 2500 من حملة الجنسية التونسية، وفق إحصائيات المرصد السوري.
وعلى وقع هذه التحركات التركية تتصاعد أصوات الموالين لأنقرة بضرورة اعتماد الحكومة الليبية الجديدة على دعم نظام أردوغان، فعضو مجلس الدولة الاستشاري، عادل كرموس، لم يتوان في الزعم أن مستقبل ليبيا مرتبط بتركيا، وعبر عن تمنيه أن تكون حكومة الدبيبة أكثر تطلعًا في التعامل من الدولة التركية، خاصة أن اقتصادها ينمو بشكل كبير، مشيرًا إلى أن مصلحة ليبيا مع تركيا، وأضاف هذه الدولة صاحبة الاقتصاد القوي والتطور العسكري، ولولا تدخلها في ليبيا لكانت طرابلس محتلة من قبل الميليشيات التابعة لحفتر، على حد زعمه.
فيما اتهم المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، تركيا بتجاهل كل التطورات الجديدة في ليبيا بعد تشكيل سلطة تنفيذية مؤقتة، وشدد المسماري، في تصريحات صحفية، مساء الإثنين 8 فبراير 2021، على أن تركيا لا تعير أي اهتمام للاتفاقيات بين الأطراف الليبية أو رغبات المجتمع الدولي.
وأضاف أن تركيا مازالت موجودة على الأراضي الليبية بجيش كبير من المرتزقة والقوات التركية، مؤكدًا أن الوجد العسكري التركي في ليبيا يهدد أي اتفاق.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتواصل فيه الدعوات لسرعة تشكيل الحكومة الجديدة، حيث حث الاتحاد الأوروبي، رئيس الحكومة الليبية الجديد عبد الحميد الدبيبة، على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة انتقالية جديدة شاملة.
وأكد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، السفير خوسيه ساباديل، في اتصال هاتفي، الإثنين، مع رئيس الوزراء الليبي الجديد المنتخب على ضرورة أن تكون الحكومة الانتقالية قادرة على إجراء إصلاحات هامّة والإعداد للانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر المقبل.





