باليقظة الأمنية.. مقدونيا تواجه المخاوف من تنامي التطرف
تُمثل البلقان بؤرة قلق للاتحاد
الأوروبي الذي يتخوف من القصور الأمني والقضائي بالمنطقة واحتمالية تشكيله لموجات
تطرف زاحفة، وبالأخص مع الهجوم الذي ضرب العاصمة النمساوية فيينا على يد الشاب
المقدوني الأصل.
أعلنت السلطات في شمال مقدونيا في 28
ديسمبر 2020 اعتقال ثمانية أشخاص تتراوح أعمارهم بين 21 و31 عامًا على علاقة
بتنظيم داعش، كما كشفت عن عثور أجهزة الشرطة على مخبأ كبير للأسلحة أثناء تفتيش
المواقع التي يترددون عليها.
وأشارت الأجهزة الأمنية إلى أن عملية المداهمة
سبقتها شهور من التحقيقات والتحري عن تلك المجموعة؛ المتهمة حاليًا بإنشاء خلية
إرهابية على علاقة بتنظيم دولي متطرف بنية تنفيذ هجمات ضد المنطقة الأوروبية، فيما
ذكرت الشرطة أن هذه الخلية ثبت تورطها في علاقات مشبوهة مع خلية أخرى سبق القبض عليها في سبتمبر
2020.
التعاون الأوروبي مع مقدونيا
طلبت النمسا وجود تعاون أكبر مع السلطات المقدونية، بشأن ملف الجماعات الإرهابية، للاشتباه في وجود شخصين بالبلاد على علاقة بالخلية التي نفذت هجوم النمسا، الذي قاده النمساوي المقدوني أوكتيم فيزولاي البالغ من العمر 20 عامًا، في 3 نوفمبر 2020، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين جراء إطلاق النار الذي وقع آنذاك.
ومن جهته يحرص الاتحاد الأوروبي على التعاون مع مقدونيا لتقويض الهجرة غير الشرعية عبر أبوابها، حتى لا يتسلل المتطرفون عبرها، ومن ثم يتمكنون من تنفيذ الهجمات، إذ عقد مسؤولو مجلس فرونتكس في 12 يونيو 2019 اجتماعًا مع مسؤولي البلاد وغيرهم من دول البلقان لوضع آليات تحول دون اختراق الإرهابيين للمنطقة.
ويأتي الحرص الأوروبي على التعاون مع البلاد بشأن ملف الإرهاب في إطار سعي التكتل لمساعدة تلك الدول على تجاوز الأزمات التي خلفتها حروب الاستقلال عن يوغوسلافيا في التسعينيات، إذ تسببت تلك الحروب في بروز الجماعات الإرهابية المدعومة دوليًّا؛ لاسيما من إيران الحريصة على نشر نفوذها في المنطقة، والتي استغلت الفوضى السياسية والأمنية إبان الحرب من أجل ذرع تنظيم القاعدة وروافده بالداخل، وهو ما تتخوف منه أوروبا.
إذ يحتمل الوضع في المنطقة إفراز جيل ثاني من المتطرفين والمتعاطفين مع المسلحين الإسلامويين لإدارة صراع يهدد كتلة اليورو من العمق، وبالأخص مع استمرار التعاون بين الخلايا الخارجية والداخلية، وهو ما يظهر في الاعتقالات الأخيرة للمتطرفين بالمنطقة، وكذلك في حادث النمسا الذي وقع بعد أوامر من القيادة الداعشية.
ولم يقتصر التعاون الدولي مع مقدونيا في ملف مكافحة الإرهاب على الدعم الأوروبي فقط، بل تعمل واشنطن على مساعدة القوات الأمنية للبلاد للتحلي بمهارات أكثر قدرة على مواجهة المسلحين، ففي مارس 2016 دربت الولايات المتحدة عبر قواتها الخاصة الجهاز الأمني للبلاد.
العائدون والتحدي الأمني
تواجه مقدونيا كغيرها من دول العالم موجات من العودة الكبرى للمتطرفين بعد ضغوط تشكلها تركيا على المنطقة لاستعادة رعاياها المتطرفين، ولكن بالنسبة لمقدونيا فالوضع مختلف، حيث تعاني البلاد من خلفيات عنيفة لايزال صداها يدوي بالبلقان مقلقًا الاتحاد الأوروبي، الذي وصف أحد شركائه وهو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الوضع في المنطقة؛ وبالأخص في البوسنة، بالبؤرة الإرهابية المخيفة بسبب العائدين بكثرة إلى المنطقة.
واستعادت مقدونيا 83 داعشيًّا من أصل 156 سافروا للانضمام للتنظيم في العراق وسوريا، ووضعت الدول أطرًا قانونية واجتماعية للتعامل معهم ومعالجتهم نفسيًّا، ومحاولة إدماجهم في المجتمع، وسط مخاوف من فشل التجربة، مثلما حدث مع النموذج النمساوي المقدوني أوكتيم فيزولاي، الذي كان يستخدم جوازات سفر للبلدين لتسهيل مروره في المنطقة حتى استطاع تنفيذ الهجوم.





