ad a b
ad ad ad

«البيتلز» تُجدد الجدل في بريطانيا حول مواجهة الإرهاب

الجمعة 09/أكتوبر/2020 - 10:51 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

عادت قضية خلية «البيتلز» الداعشية إلى الساحة مجددًا، بعد إفادة قدمتها شبكةCNN  في 6 أكتوبر 2020، حول اعتزام الولايات المتحدة الأمريكية استقبال البريطانيين «الكسندا كوتي» و«شافعي الشيخ» خلال أيام، بعد مفاوضات طويلة بين واشنطن ولندن حول آلية العقاب الأمثل للداعشيين على خلفية المعركة الحقوقية والقانونية التي ارتبطت بالقضية، وأسهمت في وصم الاستراتيجية البريطانية ضد المتطرفين بالتخبط.

«البيتلز» تُجدد الجدل

أكدت شبكة CNN عبر مصادرها المسؤولة الخاصة، اقتراب تسليم عنصري «داعش» إلى الولايات المتحدة لمحاكمتهما عن الجرائم التي نُفذت إبان سيطرة «داعش» على سوريا والعراق، إذ تورطت خلية «البيتلز» التي ينتمي إليها كل من «كوتي» و«الشيخ» في ذبح الرهائن الأجانب، بما فيهم مواطنين أمريكيين سافروا إلى مناطق الصراع للعمل في الصحافة أو الإغاثة.


قصة الترحيل والتخلي

بدأت قضية «شافعي» و«كوتي» في التداول إعلاميًّا في يوليو 2018، بعد الكشف عن وثائق سرية تتضمن خطابات بين وزير الداخلية البريطاني السابق ساجد جافيد، مع المسؤولين بواشنطن، تفيد بعدم رفض لندن إعدام المواطنين البريطانيين شافعي الشيخ وألكسندا كوتي، وهي لذلك تُسهل ترحيلهما إلى واشنطن للالتحاق بسجن جوانتانامو.


وشملت الوثائق تأكيدات من الجانب البريطاني لنظيره الأمريكي بأن الدولة لن تسأل مستقبلًا عن إعدام المتطرفين، ولن تهاجم واشنطن على هذا الصعيد، إذا نفذت الحكم، كما أنها ستقدم لها الأدلة والبراهين الممكنة لمعاقبتهما.


وأدت هذه التسريبات إلى احتدام جدل واسع داخل المملكة المتحدة، على خلفية تحايل الحكومة على القوانين؛ لأن لندن لا تطبق عقوبة الإعدام، ولكنها أرادت تصفية عنصري «البيتلز»، ولذلك قبلت ترحيلهما إلى واشنطن، ودعمت إعدامهما هناك بما يخالف قوانينها، وحينها دافع «جافيد» عن رؤيته، مؤكدًا أن هذا القرار يتماشى مع حماية الأمن القومي البريطاني.


وفي هذا الصدد، قال العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في تصريح سابق لـ«المرجع»: إن الدول يحق لها اتخاذ مثل هذه القرارات بشكل سيادي، وفقًا لما يصل لها من الأجهزة الأمنية حول خطورة العناصر الإرهابية، ومدى تهديدها للأمن القومي بالبلاد، وبالتالي فإن القرار البريطاني حول عناصر «داعش» التي عايشت إرهابًا خطيرًا في سوريا، ومناطق الصراعات يخصها وحدها بناء على ما لديها من معلومات.


وأمام المطالبات القوية من جانب المجتمع البريطاني بوقف هذا الإجراء لمنع التحايل على القانون مستقبلًا تحت أي ذريعة، أفادت CNN في تقريرها المنشور في 6 أكتوبر 2020، بأن المدعي العام الأمريكي وليام بار، أكد لبريطانيا أن بلاده لن تطبق عقوبة الإعدام ضد عنصري «البيتلز» لحثها على تقديم ما لديها من معلومات حول تورط العنصرين في قضايا ذبح وإرهاب، بعد تشديدات أمنية ومجتمعية أحاطت بتلك القضية للحفاظ على سمعة لندن، غير أن المحكمة البريطانية العليا كانت قد سمحت للمملكة في أغسطس 2020، بتشارك المعلومات حول قضية البيتلز مع واشنطن.

«البيتلز» تُجدد الجدل

التخبط الغربي

ظهرت هذه القضية كمثال على عدم وضوح الرؤية السياسية لدى المملكة المتحدة تجاه الإرهابيين بـ«داعش» وبالأخص العائدين، فـ«شافعي» و«كوتي» مُسقط عنهما الجنسية البريطانية منذ سنوات؛ لانضمامهما لتنظيم «داعش» أي قبل اعتقالهما من قبل قوات «قسد» بسوريا في فبراير 2018.


وحين اعُتقلا طالبا بالعودة للجنسية البريطانية من أجل محاكمة عادلة كما وصفوها، ولكن لندن ترفض عودة أيٍّ من الإرهابيين المنضمين لداعش، وفي حالة كوتي والشيخ فهما يمثلان أهمية كبرى للولايات المتحدة الأمريكية التي حرصت على تأمينهما، ونقلهما تحت إشرافها، ففي 9 أكتوبر 2019 أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الرجلين جرى نقلهما لمكان آمن، نظرًا لاشتداد المعارك بين الأتراك والأكراد في هذه المنطقة المعتقلان بداخلها.


وتخشى واشنطن هروبهما، وتريد معاقبتهما بنفسها، معللة ذلك بذبح المجموعة التي تخصصت في تصفية الرهائن، وكان يتزعمها محمد إموازي الشهير بالجهادي جون، الصحفي الأمريكي جيمس فولي، وستيفن سوتلوف، وغيرهما من النماذج التي حرص التنظيم على تصوير عملية إعدامها؛ لبث الرعب في نفوس المتابعين ودولهم.


ويبدو مما سبق أن الخلاف بين واشنطن ولندن كان دائرًا حول تقديم المعلومات المتاحة، وارتبط ذلك بعقوبتهما، ويبرر البعض هذا التخبط بالقوانين الأوروبية الصارمة حول تداول المعلومات، وبالأخص أنها ارتبطت بتسهيل حكم الإعدام غير المطبق في لندن، ولكن هناك مسارات أخرى اقتربت فيها المعلومات الاستخبارية  للدول، وبالأخص أن هذه قضايا إرهاب وعنف مفرط.


ويربط البعض هذا التخبط بقضايا أخرى جعلت من بريطانيا الساحة الأهم للإرهابيين لتمكنهم من استهدافها بشكل أسهل، فطبقًا لمؤشر الإرهاب الدوليGTI  لعام 2019، احتلت لندن المرتبة الأولى بين الأوروبيين في نسب ضحايا العمليات المتطرفة، ولعل أشهر هذه النماذج كان الجماعة الليبية المقاتلة، ففي 20 يونيو 2020 نفذ أحد أعضاء الجماعة هجومًا إرهابيًّا في منطقة «ريودانج»، وذلك بعد أشهر قليلة من تصويت البرلمان البريطاني في نوفمبر 2019 لإسقاط الجماعة الليبية المقاتلة من قائمة التنظيمات الإرهابية، معتبرًا إياها معارضة سياسية نشطت ضد الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، فنتيجة لخلط الإرهاب بمصطلحات كالمعارضة المسلحة لم تتأذى منطقة الشرق الأوسط فقط، بل القارة العجوز أيضًا، وبالأخص بريطانيا التي ينتظرها وضع أصعب على مستوى التحديات الأمنية بعد خروجها النهائي من الاتحاد الأوروبي وخسارتها للمزايا الاستخبارية التعاونية مع بروكسل.


المزيد.. بعد احتضانها للإخوان.. بريطانيا تحصد ثمار رعايتها لما تسميه «المعارضة المسلحة»

"