ad a b
ad ad ad

بالمحاربة «مولان».. «ديزني» تنقل الصراع الصيني الأمريكي إلى الشاشة الفضية

الأحد 20/سبتمبر/2020 - 01:03 م
المرجع
سارة رشاد
طباعة

لا يمكن الجزم إذا ما كانت شركة «والت ديزني» الأمريكية تتوقع كل تلك الضجة السياسية التي صنعها فيلم «مولان» المطروح مطلع سبتمبر الجاري على منصتها «ديزني بلاس»، أم لا، فالفيلم الذي يتناول قصة الأسطورة الصينية «مولان» والتي تعيد «ديزني» صناعته، مستعينة بممثلين حقيقيين، بعدما كانت قد قدمته بشكل كرتوني عام 1998، تسبب في إعادة إشعال الصراع الصيني الأمريكي.

بالمحاربة «مولان»..

أبعاد الهجوم وأسبابه

أخذ الحديث عن الفيلم الذي قامت ببطولته الممثلة الصينية الأمريكية ليو يي فاي، نطاقات واسعة بأمريكا، فلم يقتصر على المحللين السياسيين الذين أكدوا خدمة الفيلم للمصالح الصينية، بل امتدت لتصل لمجلس الشيوخ الأمريكي.


وفي رسالة كتبها الممثلون الجمهوريون وبعض أعضاء المجلس، الجمعة 11 سبتمبر 2020، وصفوا «تعاون ديزني الواضح مع المسؤولين في جمهورية الصين الشعبية وفي منطقة شينجيانج» بالمقلق، مستندين على الأخبار المتداولة عن ارتكاب الصين لجرائم ضد مسلمي الإيجور.


وحثت مجموعة من المشرعين من الحزبين، بما في ذلك المرشح الرئاسي السابق ماركو روبيو، الرئيس التنفيذي لشركة والت ديزني بوب تشابك على شرح علاقة الشركة بسلطات الأمن، والدعاية في منطقة شينجيانج الصينية، موضحين أن الأخبار المتداولة عن إقليم الإيجور كانت منتشرة أثناء تصوير الفيلم؛ ما يعني أن ديزني كانت على علم بما يحدث، وتغاضت عنه.


ومن هذا المنطلق شنت جهات ومؤسسات حقوقية أمريكية هجومًا على شركة ديزني، متهمين إياها بالتضحية بحقوق الإنسان مقابل البحث عن المال، خاصة أن الشركة تدخل شريكًا مع الحكومة الصينية في إقامة فرع لها بالصين، وهو الفرع الذي قال مسؤولون تنفيذيون في ديزني إنه أعظم فرصة للشركة منذ أن اشترى والت ديزنى بنفسه أرضًا في وسط فلوريدا في الستينيات.


ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ تبنى المهاجمون دعوات لمقاطعة الفيلم، وهو ما قد يهدد أرباحه بأمريكا، وتكرر هذه الدعوات ما حدث مع فيلم «مولان» النسخة الكرتونية (1998)، إذ نجح في أغلب دول العالم، لكنه واجه منعًا من قبل السلطات بالصين؛ ما أثر على أرباحه هناك، ويفسر باحثون اهتمام ديزني هذه المرة بالحصول على رضا حكومي صيني لتجنب المنع، وهو ما قد يعرضه لتجربة شبيهة على الجانب الأمريكي.

بالمحاربة «مولان»..

قصة الفيلم والإيجور

تستغرق قصة الفيلم في الفلكلور الصيني، إذ تقدم قصة فتاة صينية محاربة (مولان) قررت أن تحمي والدها العاجز ودولتها، بالتخفي في صورة ذكر شارك في جيش الإمبراطور للحرب ضد الغزاة.


ويبدأ الفيلم بالقدرات الخارقة لمولان التي تكبر وتؤمن بأن ما يميز الفتاة عن الأخرى هي الشجاعة والصدق، لهذا تعجز الخاطبة عن توفير فرصة زواج جيدة لها، وفي هذه الأثناء تتعرض الإمبراطورية الصينية لغزو، فيقرر الإمبراطور أن يأخذ من كل بيت محاربًا، وبما أن والد مولان (محارب قديم) ليس لديه أبناء من الذكور فيقرر أن يتطوع هو بنفسه، فتشفق عليه مولان التي تعرف عجزه عن المشي، فتسرق سيفه، وتتخفى في زي محارب ذكر، وتلتحق بالجيش.


ويقدم الفيلم ملحمة تاريخية عن قوة الصين وجيشها، فيما ذيلت النهاية بكلمة خاطبت بها «ديزني» ثماني جهات في إقليم شينجيانغ الذي تثار حوله أنباء عن انتهاكات ترتكبها الصين ضد مسلمي الإيجور.


وتتبنى أمريكا وجهة نظر تدين فيها الصين، وتتهمها بالعنصرية ضد المسلمين، فيما تنفي بكين موضحة أن المسلمين يعيشون في كامل الصين بسلام، وما يحدث في إقليم شينجيانغ لكونه يضم قومية انفصالية.


وعلى خلفية هذه الأزمة السياسية قدم السيناتور «هاولي» تسعة أسئلة إلى الرئيس التنفيذي لشركة ديزني، وكان من بينها: «ما المساعدة التي تلقتها ديزني من مكتب الأمن العام في توربان والوكالات الحكومية الصينية الأخرى المتورطة في ارتكاب فظائع في إقليم شينجيانج؟»، ويطالب ديزني بالرد عليها بحلول 30 سبتمبر.


وتحلل إيمان فخري، في دراسة نشرها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة الواقعة، قائلة: إن ديزني لن تقبل على الاعتذار، كما تطالبها الأصوات الأمريكية، مشيرة إلى أن الشركة لن تضحي باستثماراتها مع الصين.


وتتابع: «قد تغير نمط وشكل العلاقات الصينية - الأمريكية بشكل كبير، وأصبحت الأفلام السينمائية محورًا ينعكس فيه الصراع بين البلدين»، موضحة أن أزمة فيلم «مولان» ليست الأولى، فلقد انتقد المدعى العام الأمريكى «ويليام بار» ــ أخيرًا ــ الشركات السينمائية، لإجراء تغييرات على أفلام مثل «Doctor Strange» (2016)، و«World War Z» (2013)، لتجنب المشكلات مع الصين.


وتوقعت أن فيلم مولان: «لن يكون الأخير ــ فمن المرجح أن تتكرر هذه الأزمة، خاصة في ضوء الحقيقة التي لا مفر منها، وهي أن السينما والأفلام والمسلسلات بل الفن بشكل عام هو قوة ناعمة لا يمكن الاستهانة بها، ويصعب عدم استغلالها لخدمة الأغراض السياسية».


للمزيد.. «الإيجور».. بين القمع والحاجة إلى الاحتواء السياسي

"