القصة الكاملة لـ«أم مصعب» أميرة «ولاية الصعيد»
خلال الساعات الماضية ألقت قوات الأمن القبض على إحدى الخلايا التكفيرية المتمركزة في محافظة دمياط، وتدين لتنظيم «داعش» بالولاء، وتورطت في عدد من العمليات المسلحة على مدار السنوات الماضية.
عناصر هذه الخلية مطلوبون أمام القضاء المصري، وفقًا للتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة، وأكدت ارتباطهم بخلية «ولاية الصعيد» التي يقودها التكفيري الهارب عمرو سعد عباس، ونفذت تفجير الكنيسة البطرسية الأرثوذكسية بالعباسية، في 11 ديسمبر 2016، والهجوم الإرهابي على كمين النقب بالوادي الجديد، في 17 يناير 2017، وتفجير كنيسة مارمرقس بالإسكندرية، ومارجرجس بطنطا في 9 أبريل 2017.
هذه الخلية نشأت في أحضان معقل التكفير داخل محافظة دمياط، وتركزت في نطاق قرى السواحل، وكفر سعد، والبصارطة، وكفر البطيخ، ودمياط الجديدة، وتعتمد على كتب سيد قطب، التي ترسخ لفكر الجاهلية والحاكمية، وكتب حلمي هاشم، المرجع الشرعي الأول لتنظيم «داعش» حاليًّا، وكُتِب الدكتور سيد فضل منظر الجهاد المصري، مثل «العمدة في إعداد العدة»، و«الفريضة الغائبة» لمحمد عبدالسلام فرج، وكتب أبوالأعلى المودودي.
لكن
الأهم أن عناصر هذه الخلية يرتبطون بشكل مباشر بعائلة عبدالفتاح عبده إسماعيل، أحد
المخططين لإعادة إحياء تنظيم الإخوان المسلمين عام 1965، بالاشتراك مع زينب
الغزالي، وسيد قطب.
فالمتهمة الوحيدة بالقضية
التي يطلق عليها أميرة «ولاية الصعيد»، هي أمل عبدالفتاح عبده إسماعيل، الشهيرة بـ«أم
مصعب»، و«أم المثنى»، الابنة الصغرى لـ«عبدالفتاح عبده إسماعيل».
ووفقًا لمصادرنا فإن أمل عبدالفتاح عبده إسماعيل، الشهيرة بـ«أم مصعب»، كانت متورطة في قضية تنظيم «الجهاد الكبرى» عام 1981، التي ضمت 302 متهم، سواء المشاركين والمخططين لاغتيال الرئيس السادات عام 1981، أو الذين خططوا لقلب نظام الحكم، واستمرت القضية لنحو 4 سنوات، وكان على رأس المتهمين فيها أيمن الظواهري، زعيم تنظيم الجهاد آنذاك، وزعيم تنظيم «القاعدة» حاليًّا، إضافة إلى جميع قادة الجناح العسكرى للجماعة الإسلامية.
قضت أمل عبدالفتاح عبده إسماعيل، الشهيرة بـ«أم مصعب»، فترة حبسها في سجن النساء بالقناطر الخيرية بمحافظة القليوبية، والتقت داخله عددًا من القيادات النسائية المصرية، أمثال الدكتورة صافيناز كاظم، ولطيفة الزيات، وفريدة النقاش، اللاتي تم اعتقالهن سياسيًّا، في أحداث 3 سبتمبر 1981، ونفذها الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، ضد صفوف عدد من القوى السياسية؛ بسبب اعتراضهم على اتفاقية «كامب ديفيد».
عقب الإفراج عن معتقلي أحداث سبتمبر 1981، التقت
الدكتورة صافيناز كاظم، الرئيس مبارك، بصحبة عدد من القوى السياسية، ووجدت الفرصة
سانحة أمامها كي تهمس في أذن الرئيس وتخبره بمعاناة أمل عبدالفتاح عبده إسماعيل،
داخل سجنها؛ بسبب حملها، وتأخر حالتها الصحية، وعلى الفور أصدر الرئيس مبارك، وقتها
قرارًا استثنائيًّا بالإفراج عن «أم مصعب»؛ مراعاة لظروفها، رغم تورطها في
قضية «الجهاد الكبرى».
ارتبطت «أم مصعب» بأسرة متجذرة في الفكر المتطرف،
فقد كان والدها عبدالفتاح إسماعيل، مسؤول الاتصالات
الخارجية لتنظيم الإخوان، وكان ضمن أفراد قضية «تنظيم 65» الذين حوكموا
أمام الفريق أول محمد فؤاد الدجوي، رئيس محكمة أمن الدولة العليا، بتهمة محاولة
قلب نظام الحكم، والتخطيط لقتل رئيس الجمهورية، وحيازة أسلحة ومفرقعات، وحكم عليه
وعلى 6 من رفاقه بالإعدام شنقًا، ونفذ الحكم في 29 أغسطس 1966، في ثلاثة كان هو
أحدهم مع سيد قطب، ومحمد يوسف هواش، وخفف الحكم عن الباقين.
كما تورط زوج «أم مصعب»، أحمد أحمد الماحي، في
تشكيل خلايا تابعة لجماعة «التوقف والتبين»، أو تنظيم «الناجون من النار»، داخل
قرية السواحل بمحافظة دمياط، وتم إلقاء القبض عليه عام 2013، وتعد تلك
أول خلية تكفيرية تم كشفها من قبل الأجهزة الأمنية عقب سقوط حكم الإخوان.
تولى أحمد الماحي زوج «أم مصعب»، إمامة مسجد «المطراوي»، بحي
المطرية بالقاهرة، لعدة سنوات، خلال مرحلة السبعينيات من القرن الماضي، ويعتبر أحد أهم المعتنقين لفكر جماعة «التوقف والتبين»، التي أسسها نجيب عبدالفتاح
إسماعيل، ابن الشيخ عبدالفتاح عبده إسماعيل، أحد قيادات التيار القطبي في مصر.
كان مسجد «المطراوي»، بحي المطرية، شاهدًا على
عمليات التخطيط لتنفيذ مذبحة «الفنية العسكرية»، كأول محاولة للانقلاب المسلح قبل
التيار المتطرف، ضد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، في 18 أبريل 1974؛ وأسفرت عن
مقتل 17 وإصابة 65، وهدفت لإعلان الجمهورية المصرية الإسلامية؛ حيث استولوا على
أسلحة بقيادة صالح سرية، الفلسطيني الأصل، الذي صدر حكم بالإعدام ضده فيما بعد.
لم يكن أحمد الماحي وزوجته «أم
مصعب»، يَسْبَحَان وحدهما في الفكر التكفيري المتشدد فقد أنجبا «حنظلة» المقبوض عليه في قضية الجناح المسلح للإخوان، و«سهيل» أحد عناصر حركة «حسم» الذي تم
تصفيته بمحافظة الإسماعيلية في منتصف يوليو 2017.
يضاف إلى ذلك نجيب عبدالفتاح إسماعيل، شقيق
«أم مصعب»، الذي تم إلقاء القبض عليه في أكتوبر 2014، مع ثمانية آخرين بتهمة تكوين
خلية تكفيرية تسعى لنشر فكر التكفير والهجرة، داخل البلاد، ووجد بحوزتهم وثائق عن
طرق عمل متفجرات وأجهزة كمبيوتر محمولة وبعض خرائط الأماكن الحيوية لمدارس ودور
عبادة وعناوين لمحلات مملوكة لأقباط وخرائط لبعض أكمنة الشرطة والجيش، علاوة على
وجود أسلحة.
ووجهت له تهمة تشكيل تنظيم للقيام بأعمال العنف، واستهداف مؤسسات الدولة العامة والمهمة والحيوية، والقيام بالأعمال العدائية بدور العبادة الخاصة بأبناء الطائفة المسيحية ومشروعاتهم التجارية ومنشآتهم الشرطية ودورياتهم الأمنية، وحيازة محررات ومطبوعات وتسجيلات تضمن ترويج أفكار تنظيم «الناجون من النار»؛ والتي تهدف لقلب نظام الحكم، ومنع المصلين من أداء الصلاة بالمساجد التابعة لهم، وإقامة الخلافة الإسلامية، وفرض الجهاد على كل مسلم باستعمال القوة.





