النجمات الحمراء.. دلالات خطورة المشروع التركي التوسعى على القارة الأوروبية
لم تعد الطموحات التوسعية التي يضعها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمامه تزعج دول نطاق التوسع والمقصود بها الدول العربية فقط؛ فثمة تحول جديد يدخل القارة الأوروبية في نطاق المتضررين من السياسات التركية تحت حكم «أردوغان».
وتتمثل أبرز هذه التحولات فى التقدمات التي حققتها الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس بدعم من تركيا، خلال الأسابيع الأخيرة، إذ تفرض هذه التقدمات حقيقة وجود الميليشيات المتطرفة على بعد مئتى كيلو متر فقط من السواحل الجنوبية لأوروبا.
رد خانع
ورغم الانتقادات التي تخرج من مسؤولين أوروبيين على رأسهم الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، تجاه السياسات التركية في ليبيا، إلا أن تقارير إعلامية وبحثية تنتقد رد الفعل الأوروبي مع السياسة التركية في دعم ميليشيات الارهاب فى ليبيا، واصفة هذا الرد بالخانع والضعيف.
«المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات» فى ألمانيا، كان أحد الجهات التي انتقدت التحرك الأوروبي تجاه سياسات «أردوغان» فى ليبيا، مُحذرًا في دراسة بعنوان «ليبيا .. أزمة أمن دولي وتأثيرات الدور الأوروبي» من تداعيات هذا السياسات على الأمن الأوروبي.
وانتهت الدراسة إلى أن الموقف الأوروبي تجاه الأزمة في ليبيا موقف «متخاذل وضعيف»، ولا يمكن حتى البدء في تطبيق مخرجات مؤتمر برلين يناير 2020، حول الأزمة الليبية.
وتابعت الدراسة: «أن أردوغان نجح بالفعل من تنفيذ سياسته في الشرق الاوسط وتهديد أوروبا، أمام تراخي أوروبي وتوافق روسى وغض بصرر أمريكي».
وفسرت الدراسة هذا التراخي بعدم وجود موقف أوروبي موحد بين الدول الأكثر تضررًا، ولها دور في الأزمة الليبية، موضحة: «تؤكد جميع الحكومات في باريس ولندن وبرلين وروما على ضرورة التوصل إلى حلٍ سياسي للأزمة الليبية، لكن من الجلي أن ثمة تباين بين تلك الحكومات في تأويل هذا الموقف تبعاً لتباين المصالح فيما بينها».
وتوقعت أن يتسبب التدخل التركي في دفع تلك الحكومات إلى تقديم تنازلات بينية بغية التوصل إلى موقف أوروبي فاعل وقادر على المساهمة في توجيه دفّة الأمور التي تشهدها ليبيا.
وأسهبت الدراسة قائلة: إن اقتحام «أردوغان» للملف الليبي من البوابة العسكرية، وتزايد النفوذ الروسي في ليبيا، قد يدفع الدول الأوروبية، وخاصة فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا إلى تبني مواقف أكثر تقاربًا وأكثر وضوحًا فيما يتعلق بالموضوع الليبي.
معالم الخطر التركي على أوروبا
إن كانت الأزمة الليبية كشفت بوضوح مخاطر السياسة التركية على أوروبا، إلا أن ذلك لا يعني أن طبيعة العمل التركي في ليبيا هو وحده مصدر القلق للقارة العجوز، إذ يمثل المشروع التركي التوسعي بشكل كامل عامل تهديد للأوروبيين.
والمتأمل في طبيعة الإدارة التركية منذ وصول «أردوغان» إلى رأس السلطة وتحول النظام إلى الرئاسي، يجد أن تهديد دول الجوار هو السمة الغالبة، ويدلل على ذلك الشعار الذي اتخذته وزارة الخارجية التركية عقب وصول «أردوغان» إلى السلطة، إذ طالبت الإدارة الوزارات باتخاذ شعارات جديدة تتناسب مع التحول في النظام السياسي من البرلماني إلى رئاسي، فاختارت شعارًا مكونًا من العلم التركي تحيط به عبارة الجمهورية التركية، ثم 16 نجمة حمراء موزعة، في إطار الشعار بشكل دائري وتحديدًا على شعار وزارة الخارجية.
وتسببت هذه النجمات في طرح تساؤلات حول دلالاتها، الأمر الذي لم تعلق عليه الإدارة التركية بشكل مباشر، إلا أنها اكتفت بمؤرخين وإعلاميين مقربين منها وضحوا أن النجمات الستة عشر تشير إلى الدول التي أسسها الأتراك على مدار تاريخهم.
وفي ذكر الإعلام التركي لهذه الدول قال إنها: العثمانية، والخاقانية، والتيمورية، والسلجوقية، والآق هون، والهون في أوروبا، والهون الغربية، وإمبراطورية الهون العظمى التي حكمت آسيا وأوروبا، وإمبراطورية الهند البابرية، ودولة (خاقانية) الخزر، ودولة (خاقانية) الأيغور، ودولة (خاقانية) الآوار، والدولة الخوارزمية، والدولة الغزنوية، ودولة القبيلة الذهبية، ودولة الخانات السود.
ويعتبر هذا الشعار إعلان حرب أو تهديد لدول عديدة حول العالم وليس أوروبا أو المنطقة العربية فقط، إذ تبدو تركيا بهذه الطريقة وكأنها ترغب أن تقول إنها تسعى لاستعادة إرث هذه الدول التي فرضت سيطرتها على دول عديدة في قلب أوروبا ودخلت في أعماق آسيا، في أزمنة ماضية.
ويعزز ذلك وجود النجمات على شعار وزارة الخارجية تحديدًا المسئولة عن تقديم رؤية الدولة التركية للعالم.
للمزيد.. الساحل الليبي.. نقطة انطلاق إرهاب «أردوغان» إلى أوروبا





