أشهر ضحايا الفكر.. عقل «فودة» في مواجهة طلقات الإرهاب
أعادت أحداث المسلسل الدرامي المصري «الاختيار»، الذي يقدم سيرة العقيد أركان حرب الشهيد أحمد صابر المنسي، وبطولات القوات المسلحة المصرية في مكافحة الإرهاب، إلى الأذهان المفكر المصري الراحل شهيد الإرهاب «فرج فودة».
فرج فودة؛ كاتب ومفكر مصري، ولد في 20 أغسطس 1945 بمركز الزرقا بمحافظة دمياط في دلتا مصر، حصل على ماجستير العلوم الزراعية ودكتوراه الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس، واغتيل بالقاهرة على يد الجماعة الإسلامية في 8 يونيو 1992 .
جاء اغتيال «فودة»، نتيجة احتدام الصراع الفكري، بينه وبين الفكر المتطرف، أعقبها إصدار فتوى بتكفيره وإباحة قتله، والإيعاز لفرقة اغتيال بتنفيذ الحكم.
وجاءت عملية الاغتيال بتكليف مباشر من «صفوت عبدالغني»، أحد قيادات الجناح العسكري للجماعة الإسلامية.
وعززت فكرة قتل فودة، غياب حجة المتطرفين في مناقشة أفكار فودة، فيما يتعلق بقضية «دولة الإسلام»، ومن ثم تحولت المناظرة لتحريض واضح وشحن علني لتكفيره.
رأى «فودة»، أنه لا أحد يختلف على الإسلام كدين، لكن المناظرة حول (الدولة الدينية)، وبين (الإسلام الدين) و(الإسلام الدولة) رؤية واجتهاد، فالإسلام الدين في أعلى عليين، أما الإسلام الدولة فهو كيان سياسي وكيان اقتصادي وكيان اجتماعي يلزمه برنامج تفصيلي يحدد أسلوب الحكم".
وقال فودة: «إذا كان التنظيم السري جزءًا من فصائلكم أم لا، تدينونه اليوم أم لا؟ هل مقتل النقراشي والخازندار بدايات لحل إسلامي صحيح؟ أو أن الإسلام سيظل دين السلام، ودين الرحمة، والدين الذي يرفض أن يُقتل مسلم ظلمًا وزورًا وبهتانًا لمجرد خلاف».
لكن هذا الكلام لم يعجب، مأمون الهضيبي (المرشد السادس لجماعة الإخوان) للقول بأنه لا يوجد لدى الإخوان برنامج تفصيلي ولكن يوجد مبادئ عامة، وقال الهضيبي: «إننا تقربنا إلى الله بأعمال التنظيم الخاص للإخوان».
شعر حينها أنصار تيار «الإسلام السياسي»، أنهم عجزوا عن مواجهة "فودة"، بشيء من المنطق، خاصة فيما يتعلق بقضية «دولة الإسلام»، ومن ثم تحولت المناظرة إلى الطعن في أفكاره، وعقيدته وإيمانه.
وبعد نحو 28 عامًا من اغتياله، لاقت أفكار فرج فودة، النور، ويبشر الواقع بإمكانية مواجهة التطرف وفقًا لتصوره.
ففي كتابه «الإرهاب» قال «فودة»، إن قضية الإرهاب لها ثلاثة أضلاع، أولها الإرهاب نفسه، وثانيها سلطة الدولة وهيبتها، وثالثها موقف الشعب واقتناعه أمام الصراع الذي يدور بين الإرهاب والسلطة.
وفسر «فودة»، معسكر الإسلام السياسي إلى 3 مستويات يجتمعون حول هدف واحد؛ المعسكر الأول الذي يعتمد على الجهاد، وأطلق عليه «التيار الثوري»، مثل جماعة «التكفير والهجر»، والثاني الذي يتبنى منهج تجميع الثروات، ويستهدف السيطرة على الاقتصاد القومي، والثالث هو التيار التقليدي المتمثل في جماعة الإخوان، وهي الأكثر تأثيرًا.
كما قسم معسكر الإخوان إلى «الهضيبي للاعتدال» -حسن الهضيبي المرشد الثاني لجماعة الإخوان- و«السندي للاغتيال» -عبدالرحمن السندي قائد التنظيم الخاص- و«السيد للفتوى»- سيد قطب مُنَظّر جماعة الإخوان.
وفي كتابه شرح فرج فودة، سبل حل قضية الإرهاب، وقسمها إلى: سبل على المدى القصير، وأخرى على المدى الطويل، تتمثل الأولى في (الديمقراطية- سيادة القانون- الإعلام)، على أن يكون للإعلام خط ثابت مدافع عن أسس الدولة المدنية.
وأوضح أن هناك سُبلا للحل على المدى الطويل في 3 مستويات (التعليم- المشكلة الاقتصادية- الوحدة الوطنية)؛ إذ يكون هدف التعليم إعمال العقل، واستخدام المنطق، مشيرًا إلى أن الأزمة الاقتصادية تغذي انتشار الإرهاب من خلال استقطاب الشباب تحت مظلة الفقر.
وعلى الرغم من سقوط الإخوان في مصر في ثورة 30 يونيو 2013، وفضح أكاذيبهم للمصريين، مازال الإرهابيون يوجهون التهم لفرج فودة، لكنه هزمهم حين كان حيا، وهزمتهم أفكاره بعد وفاته.





