شبح التفكك يطارد ميليشيات الحشد الشعبي في العراق
بدأ شبح التفكك يطارد هيئة الحشد الشعبي العراقي التي تضم نحو 60 ميليشيا، و164 ألف شخص، بعد بضع سنوات من تكوينها، عقب انسحاب أربعة فصائل مهمة من الهيئة، هي: "لواء أنصار المرجعية" وقائده حميد الياسري و"فرقة العباس القتالية" يرأسها ميثم الزيدي و"فرقة الإمام علي القتالية" بقيادة طاهر الخاقاني ولواء علي الأكبر يقودها علي الحمداني.
ويطلق على الفصائل الأربعة المنسحبة مصطلح "حشد المرجعية" نظرًا لارتباطها بــ"علي السيستاني" مرجع الشيعة العراقيين، وصاحب الفتوى الشهيرة التي مثلت الركيزة الشرعية لإنشاء هذه الميليشيات من الأساس تحت ذريعة محاربة تنظيم داعش الإرهابي الذي اجتاح العراق عام 2014، ويعد السيستاني صاحب النفوذ الأكبر بين شيعة العراق بلا منازع.
وقد فشل أمين عام منظمة بدر، هادي العامري، أحد أبرز قادة الحشد المقربين من إيران، في إقناع حشد المرجعية بالعودة إلى صفوف هيئة الحشد الشعبي، حتى وصل الأمر لعرضه عليهم طرد أبوفدك المحمداوي المقرب من طهران من نيابة رئاسة الحشد، مقابل عودة الفصائل المنسحبة وهو ما تم رفضه.
وتعكس تلك التطورات الأخيرة تنازع المرجعيات داخل العراق بصفة عامة والحشد الشعبي تحديدًا، إذ يتصارع تياران أحدهما عراقي يتبع مرجعية السيستاني والآخر يسمى بـالحشد الولائي، نسبة لإعطاء ولائه إلى طهران حيث يشرف الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر على تلك الميليشيات الولائية ويحركها بدون الرجوع أو حتى إعلام حكومة بغداد رغم أنها رسميًا تتبع الدولة العراقية وتأتمر بإمرة رئيس وزرائها.
ولا يقتصر خطر انسحاب الفصائل الأربعة على وحدة الحشد على تلك الخطوة فقط، بل إنه من المرجح أن تشهد الفترة القليلة المقبلة انشقاق عشرة فصائل أخرى والتحاقها بحشد المرجعية، لأن الفصائل الأربعة التابعة للسيستاني تعد من الميليشيات الأكثر حضورًا في الساحة الشيعية قاطبة، كما أن عددًا من الفصائل الأخرى تشعر بالتهميش في ظل سيطرة تيار الحشد الولائي بشكل متسلط، ولذا فإن طهران تخشى خروج نحو 90 ألفًا، من قوات الحشد الشعبي.
وتنضم الفصائل المنشقة عن هيئة الحشد إلى التبعية المباشرة للمنظومة العسكرية العراقية ومكتب القائد العام للقوات المسلحة، بدلًا من كونها تابعة لرئاسة هيئة الحشد الشعبي.
وكانت فصائل المرجعية بررت انسحابها في بيان قالت فيه إن تلك الخطوة هدفها "تصحيح بعض المسارات والسير برؤى وطنية" في إشارة للخروج من الهيمنة الإيرانية المباشرة.
يذكر أن تلك الفصائل الأربعة، كان سجلها في مجال حقوق الإنسان أفضل من سجل الفصائل الولائية، التي تورطت في ارتكاب انتهاكات مروعة بحق الطائفية السنية، في محافظات وسط وغرب العراق، منها حرق مدنيين وهم أحياء وارتكاب مجازر بحق النساء والأطفال خلال حربها على داعش في الأنبار والموصل عام 2017.
كما نأت فصائل المرجعية بنفسها عن عمليات قتل المتظاهرين العراقيين في بغداد ومحافظات الجنوب، وهي الأعمال التي تورطت فيها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وميليشيا بدر وغيرها من الحشد الولائي، مما ابرز وجود خلافات عميقة بين الفريقين.
كما نأت بنفسها أيضًا عن عمليات استهداف القواعد الأمريكية، والتي اشتدت خلال العام الماضي، وتصاعدت بعد مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني في 3 يناير الماضي، إذ تصدرت كتائب حزب الله العراقي، مشهد تلك المواجهات ما جعلها عرضة لضربات عديدة من جانب قوات التحالف الدولي التي تقودها واشنطن





