متحديًا الأمم المتحدة.. قانون أردوغان يعلو فوق ميثاق اللاجئين
السبت 14/مارس/2020 - 01:47 م
محمد عبدالغفار
طالما تغنى الرئيس
التركي رجب طيب أردوغان أن نظام العدالة والتنمية الذي يرأسه فتح أبواب بلاده
للاجئين السوريين، الذين اعتبرهم «أخوة الأتراك»، إلا أن الأحداث والتطورات السياسية على أرض الواقع، أثبتت زيف ادعاء أردوغان،
الذي لم يخالف تصريحاته فسحب، بل خالف أيضًا مبادئ القانون الدولي وضرب بها عرض
الحائط، وهو ما يضعه ونظامه تحت طائلة المحاسبة.
- اللاجئون وأردوغان
«تستقبل تركيا حاليًا حوالي 3.7 مليون لاجئ سوري داخل أراضيها منذ بدء الأزمة السورية»، هكذا تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حفل بمدينة إسطنبول أمام عدد من الحاضرين، ديسمبر 2019، لكنه لم يظهر مصدر تلك الأرقام أو يثبت حقيقتها، خصوصًا مع كونها مبالغ فيها إلى حد كبير.
ووفقًا لما نصت عليه المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين، والصادرة عام 1951، فان هذا اللفظ يطلق على كل من يوجد خارج بلد جنسيته بسبب تعرضه للاضطهاد، سواء بسبب دينه أو عرقه أو جنسيته أو انتمائه أو آرائه السياسية، ولا يستطيع أو لا يقدر على العودة إلى موطنه بسبب الخوف من الاضطهاد في بلده الأم.
كما أشارت إلى أن هذا اللفظ يطلق على كل من يجبر على ترك محل إقامته المعتادة بسبب اعتداء خارجي أو احتلال أو أحداث تعكر النظام العام بشكل خطير أو هيمنة أجنبية، سواء في كل جزء من بلد منشأه أو جنسيته، من أجل البحث عن ملجأ في مكان آخر خارج بدل منشئه أو جنسيته.
لذا يتضح أن المواطنين السوريين الموجودين في تركيا هم لاجئون بالمعني الذي حدده القانون الدولي والمنظمات ذات الصلة في بنودها، حيث رحلوا عن بلادهم بسبب وجود اعتداء خارجي على سوريا، التي تشهد أزمات متلاحقة منذ عام 2011، بعد تدخل عدة دول في شؤونها الداخلية.
إضافة إلى أن بلدهم الأم تعرضت لأحداث تعكر النظام العام بشكل خطير، ممثلة في انتشار التنظيمات الإرهابية في مناطق جغرافية واسعة، سمحت لتنظيم إرهابي خطير مثل تنظيم داعش بإعلان دولته المزعومة، وهو ما جعل البقاء بها أمر خطير يعرض حياتهم للخطر.
- ترحيل قسري
وبما أنهم لاجئون، فإنهم يتمتعون بحقوق كفلها لهم القانون الدولية والاتفاقيات ذات الصلة، والتي يجب تطبيقها بصرامة، ومنع خرق أي من بنودها، وإلا عرضت الدولة والأنظمة نفسها لخطر الحساب.
ومن ضمن الحقوق حظر الترحيل الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين، أو نفيهم إلى أراضي أي دولة أخرى، مهما كانت طبيعتها أو مهما كانت الدوافع لذلك، وهو ما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة، والموقعة عام 1949.
كما أكدت التوصية الخامسة عشرة من ندوة الاتحاد الأفريقي والمفوضية العليا التابعة للأمم المتحدة بشأن اللاجئين والتشريد القسري للسكان في أفريقيا 1994، على أن عودة اللاجئين إلى بلادهم يعد أمرًا اختياريًا ولا يمكن إجبارهم عليه.
وبالنظر لمدى تطبيق نظام العدالة والتنمية لهذه المبادئ، نجد بأنه ضرب بها عرض الحائط، حيث أجبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورجاله اللاجئين السوريين على الرحيل بصورة قسرية من الأراضي التركية، وإعادتهم مرة أخرى إلى الشمال السوري تارة، وتارة أخرى إلى اليونان هادفًا من وراء ذلك إلى تحقيق أهداف سياسية واقتصادية، دون أن يكون ذلك بموافقة من اللاجئين.
القبض على السوريين
وبدأت هذه العملية غير القانونية لترحيلهم إلى شمال سوريا بعد اجتماع ضم رجب طيب أردوغان بهيئة القرار المركزي في حزب العدالة والتنمية، 11 يوليو 2019، بهدف تقييم نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة، وخلال الاجتماع، صرح الرئيس التركي أن بلاده سوف تتخذ إجراءات جديدة فيما يخص اللاجئين السوريين، تتضمن تشجيعهم على العودة إلى بلادهم، واقتطاع الضرائب في المستشفيات، وترحيل مرتكبي الجرائم.
وهي التصريحات التي تم ترجمتها إلى أفعال بصورة سريعة، حيث قامت الشرطة التركية بالقبض على السوريين من الشوارع بالقوة، بحجة وجود أخطاء في إقاماتهم القانونية في البلاد، كما قامت بتفتيش أماكن تجمعاتهم ومحلاتهم بهدف القبض على المزيد منهم.
ثم أجبرتهم على ركوب حافلات نقلتهم بدورها إلى الحدود مع سوريا، وإجبارهم على توقيع أوراق تفيد برغبتهم في العودة إلى بلادهم مرة أخرى، قبل أن تنقلهم الحافلات إلى الشمال السوري، حيث يريد أردوغان أن يغير ديموجرافيته وينشر قواته به، تمهيدًا لضمه إلى تركيا.





