ad a b
ad ad ad

«الجولاني».. من محاربة النظام السوري إلى مناطحة «الظواهري»

الجمعة 01/يونيو/2018 - 09:41 م
زعيم الجبهة أبو محمد
زعيم الجبهة أبو محمد الجولاني
رحمة محمود
طباعة
تشكَّلت «جبهة النصرة» -هيئة تحرير الشام حاليًّا- في يناير 2012 من مقاتلين محترفين؛ بهدف محاربة النظام السوري برئاسة بشار الأسد، وظلَّت تعمل ككيان منفصل يُحارب النظام، وتجنب وقتها زعيم الجبهة أبومحمد الجولاني إعلان الولاء والتبعية لـ«القاعدة» أو أي تنظيم جهادي آخر.

وعقب سيطرة «داعش» على مساحات شاسعة من سوريا في أبريل 2013، أعلن أبوبكر البغدادي زعيم «داعش»، توحيد التنظيمين -«جبهة النصرة» في سوريا، «الدولة الإسلامية» في العراق- في تنظيم واحد أُطلق عليه «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام».

لكن سرعان ما تفكك هذا التحالف بعد رفض «الجولاني» دعوة «البغدادي»، وأعلن وقتها -في فيديو مصور في أبريل 2013- مبايعته لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، وطلب تحكيمه في تلك المسألة، وخرج وقتها «الظواهري» يعلن رفضه هذا التحالف بين التنظيمين، ودعا «داعش» لمحاربة الأمريكان في العراق، وترك الساحة الجهادية لجبهة النصرة في سوريا، وهو ما رفضه وقتها «داعش».

وفي خطوة مفاجئة، أعلن «الجولاني» في يوليو 2016، فك الارتباط مع «القاعدة»، وغيَّر اسم التنظيم من «جبهة النصرة» إلى «جبهة فتح الشام»، ورغم عدم رد «الظواهري» على «نقض البيعة»، فإن فك الارتباط تسبب في انشقاقات داخل «النصرة»، وبرز تياران، أحدهما رفض الانفصال عن القاعدة، معتبرًا أن نقض بيعة «الجولاني» لـ«الظواهري» «معصية كبيرة وخيانة ونكُوث»، والتيار الآخر مؤيد، ويرى أن بيعة «الجولاني» لـ«الظواهري» «بيعة قتال ويجوز نقضها؛ لأنها بيعة استثنائية، وليست بيعة لإمام عام، فليس في ذلك خروج عن الأمة، ويجوز نقضها حال ظهور المصلحة الراجحة».

«الظواهري» يخرج عن صمته
اشتد الصراع بين التيارين؛ القاعدي «الرافض نكث البيعة»، والتيار الجولاني المتمثل في «جبهة فتح الشام»، خاصة بعد اعتقال التيار الجولاني عددًا من قادة «القاعدة»، أبرزهم: إياد الطوباسي المعروف بـ«أبوجليبيب الأردني»، وسامي العريدي الملقب بـ«أبومحمود الشامي»، لرفضهما فك الارتباط، وتحريضهما على الانشقاق عن الجبهة الجديدة التي كونتها «النصرة»، وذلك في نوفمبر 2017.

الصراع بين التيارين، جعل «الظواهري» يخرج عن صمته بكلمة صوتية عنوانها «فلنقاتلهم بنيانًا مرصوصًا»، بثتها مؤسسة السحاب -الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة- في 29 نوفمبر 2017، اتهم فيها الجولاني بـ«نكث العهد»، مؤكدًا أنه لم يقبل بحلِّ بيعة «جبهة النصرة»، معتبرًا أن البيعة أمر ملزم ويحرم نكثه.

من جانبه، قال المسؤول الشرعي لـ«هيئة تحرير الشام»، في رسالة مطولة له عبر قناته على «تليجرام»: «لم تُعقد بيعة للقاعدة، بل كان اتفاقًا بين التنظيمين للعمل معًا في سوريا»، كما اتهم في الفيديو أحد قيادات «القاعدة» واسمه «عطوان»، بإيصال فكرة خاطئة عن فكِّ الارتباط للظواهري، بناءً على معلومات استقاها من التيار الرافض لفكِّ الارتباط.

وانتهت الأزمة بين التنظيمين بعد تدخل عدد من الشخصيات البارزة في التيار الجهادي، وشكلوا لجنتين للصلح بين التنظيمين، الأولى سُميت بـ«الصلح خير»، وكان بها «أبوقتادة الفلسطيني، وأبومحمد المقدسي، وأبوعبدالله الهاشمي، وأبوحذيفة السوداني»، وغيرهم.

لكن لم تنجح في عملها بسبب اعتراض «هيئة تحرير الشام» على بعض الشخصيات بها، فتم تشكيل لجنة جديدة حملت اسم «لجنة الفصل، واعتصموا»، وكانت بها: «أبوعبدالكريم رئيسًا، وأبومالك الشامي عضوًا، والشيخ أبوقتادة الألباني عضوًا، والشيخ مختار التركي عضوًا»، وغيرهم.

ورغم نجاح «لجنة الفصل» في الإفراج عن قادة «القاعدة» المعتقلين لدى «هيئة تحرير الشام»، فإنها لم تنجح في الصلح العام بين الفصائل التابعة للقاعدة، وهيئة تحرير الشام.

الكثير من الأسباب دفعت «الجولاني» إلى اتخاذه قرارًا بفك الارتباط مع «القاعدة»، وتفضيله العمل ككيان منفصل لا يتبع أي تنظيم أو فصيل جهادي في سوريا، أولها: ارتباط الجبهة بالقاعدة جعلها موضع شبهة، حيث وضعتها دول التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب على قوائم التنظيمات الإرهابية، وقصفت مواقع تابعة لها أكثر من مرة، ومحاولة الجبهة أن تظهر كفصيل سياسي معتدل؛ لتحظى بتمويل من الجهات الداعمة للحركات المعارضة غير المرتبطة بتنظيمات جهادية، ورغبة «الجولاني» في الزعامة والسيطرة على الساحة الجهادية في سوريا، وجني ثمار انتصارات الجبهة وسيطرتها على مساحات في الشمال السوري، ونسبها لنفسه ولتنظيمه الجديد.
"