«النهضة» تُثير أزمة في تونس برفض حكومة «الفخفاخ»
أَصْدَرتْ حَرَكةُ النَّهْضةِ فِي تونس بيانًا-الاثنين الموافق 27 يناير 2020- زَعَمَتْ فِيهِ أنَّهَا تَرفضُ تشكيلَ حُكُومةٍ ائتلافيةٍ تُقْصِي بَعْضَ الأحزابِ؛ كَمَا أكَّدَتْ الحَرَكَةُ أنَّهَا مُسْتَعِدةٌ لِإجراءِ انتخاباتٍ مُبكِّرةٍ إِذًا تَطلَّبَ الأمرُ.
البيانُ الإِخوانيُّ جاءَ ردًّا على إجراء رئيس
الوزراء المُكلَّف إلياس الفخفاخ مشاورات تشكيل حكومة أقصى فيها حزب «قلب تونس»، الَّذِي يَتَزَّعَمَهُ نبيل القروي؛ رَغْمَ أنَّ «قلب تونس» يَمْلِكُ 38 مقعدًا من إجمالي 217
مقعدًا؛ علمًا بأن أيَّ حكومةٍ تَحْتَاج الحصول على 109 أصوات لضمان ثقة البرلمان قبل أن تتمكن
من ممارسه مهامها الدستورية وِفْقَ القانون.
وكَانَ البرلمانُ التُّونسيُّ قَدْ رَفَضَ مَنْحَ الثِّقَةِ لِحكومةِ الجملي، التي كانت تَحْظَى بِدعمٍ قويٍّ مِنْ حَركة النهضةِ وحُلفائِهَا؛ خاصةً بَعْدَ أَنْ حَصَلَتْ الحُكُومَةُ على دَعْمِ 74 صوتًا.
ورغم أن حركة النهضة كانت قد نسقت مع حزب
قلب تونس من أجل ضمان مقعد رئاسة البرلمان لصالح الغنوشي؛ فإن الحركة عادت وانقلبت
على حزب قلب تونس واستبعدته من مشاورات حكومة الجملي ما دفع الحزب- مع حزبي التيار
الديمقراطي والدستوري الحر- للوقوف بوجه الحكومة، الأمر الذي حال دون حصول الأخيرة
على الثقة المطلوبة.
ويحمل بيان النهضة رسائلَ مريبةً، منها التهديد
غير الصريح بالوقوف في وجه الحكومة إذا لم تعمل على تضمين حزب قلب تونس. ومن ثم تصدير صورة إيجابية (مزيفة وخادعة) للشارع التونسي
حول استعداد الإخوان للعمل مع القوى المتناقضة فكريًّا معها من أجل مستقبل تونس.
المتابع الجيد للشأن التونسي سوف يدرك تمامًا أن حركة النهضة تحاول أن تضمن لنفسها مكانًا قويًّا في الحكومة الجديدة من خلال التلويح بالتعاون مع حزب قلب تونس من أجل إسقاطها، ما يعني أن الحركة لا تهتم إطلاقًا بسرعة تشكيل الحكومة من أجل مراعاة ظروف الشعب التونسي، ولكنها بدلًا من ذلك تُحاول تشكيل جبهة مضادة للحكومة الجديدة في حالة لم تحصل على مبتغاها المتعلق بالسيطرة على أهم المقاعد السيادية.
من جانبه أكد الباحث محمد ربيع أن حركة
النهضة التونسية تلعب دورًا في عرقلة حكومة إلياس الفخفاخ؛ خاصةً بعد فشل الحركة في تكوين
حكومة تونسية بقيادة الحبيب الجملي بعد رفض البرلمان لهذه الحكومة، التي تبعتها زيارة
من رئيس حركة النهضة التونسية ورئيس البرلمان التونسي الغنوشي إلى تركيا وتشاورا مع
أردوغان تأتي هذه الأوضاع في تونس في ظل تغيرات إقليمية ودولية تعيشها المنطقة العربية؛ خاصةً بعد إعلان تركيا تدخلها في الأزمة الليبية وإنزالها عددٍ من المرتزقة في الداخل
الليبي بهدف تأجيج الصراع وإطالة أمد الأزمة الليبية.
وفي الواقع يأتي هدف حركة النهضة من خلال
محاولاتها لإفشال الفخفاخ في تكوين حكومة لكون أن الحركة ستحصل على عدد أقل من الكراسي
داخل الحكومة المشكلة في تونس وربما تكون المقاعد الوزارية التي ستأخذها النهضة كرسي
غير فعالة أو سيادية فالنهضة ترغب في أن تحصل على وزارات سيادية في أي حكومة ستشكل
في الداخل التونسي بهدف دعم تركيا في المنطقة وخاصة في التدخل التركي في الازمة الليبي
التي لا ترى الحركة فيه حرج حيث أعلنت النهضة في بيان لها أنها تدعم التدخل العسكري
التركي في الأزمة الليبية، بخلاف الشعب التونسي والرئاسة التي أكدوا دعم الحل السلمي
والسياسي في الأزمة الليبية.
يبدو أن مساعي النهضة تهدف في نهاية المطاف
إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في تونس لكي تظل بهدف إطالة معاناة التونسيين وعدم
استقرار الأوضاع في تونس من أجل إنهاك الدولة التونسية في الداخل؛ بدلًا من النظر إلى
التهديدات الامنية التي تحيط بتونس وخاصة مع التدخل التركي في ليبيا والذي يهدد الأمن
القومي التونسي بصورة مباشرة؛ خاصة وأن المرتزقة التي جلبتهم تركيا إلى ليبيا
يَسْهُلُ عليهم تشكيل هجوم إرهابي على الشعب التونسي والحدود التونسية؛ لذلك فالنهضة تهدف
من كل هذه الأفعال إلى دعم التدخلات التركية في المنطقة.
للمزيد:
زلزال
جديد في تونس.. فشل حكومة الجملي و«النهضة» تخسر أغلبيتها البرلمانية





