ad a b
ad ad ad

«القاعدة» ينشط من سوريا.. هل يستعد لهجوم مماثل لـ«11 سبتمبر»؟

الجمعة 13/سبتمبر/2019 - 06:11 م
المرجع
أحمد سلطان
طباعة

نهاية أغسطس الماضي، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية استهداف اجتماع لقيادات تنظيمي «حراس الدين» و«أنصار التوحيد» المُرتبطين بتنظيم القاعدة، في شمال غرب سوريا، ما أسفر عن مقتل 40 من قيادات التنظيمات الإرهابية.


وقال الكولونيل إيرل براون المتحدث باسم القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى: إن الهجوم استهدف قيادات بالتنظيم كانوا يخططون لشن هجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة وحلفائها.


وكشفت تصريحات المسؤول الأمريكي عن تحول في استراتيجية الفرع السوري لتنظيم القاعدة، الذي كان مركزًا منذ نشأته في عام 2014 على استهداف الجيش السوري الوطنى فقط.



«القاعدة» ينشط من

أمل «القاعدة» الجديد


واعتبرت تقارير إعلامية أمريكية، صدرت مؤخرًا أن تنظيم «القاعدة» يعتبر سوريا حاليًّا أملًا لبقائه واستمراره في قيادة الإرهاب العالمي.



وذكرت تقارير لقناة «سي إن إن» الأمريكية أن «حمزة بن لادن» نجل مؤسس التنظيم «أسامة بن لادن»، وأحد المُرشحين المحتملين لقيادة التنظيم الإرهابي، قتل خلال عملية عسكرية، بينما أشار مسؤولون أمريكيون إلى أن الزعيم الحالي للقاعدة أيمن الظواهري يعاني من حالة صحية سيئة ويجلس منعزلًا عن العالم في مكان مجهول في باكستان.


وانطلاقًا من المعطيات السابقة، قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية إن عناصر «القاعدة» الفاعلين يرون أن أفضل فرصة للبقاء، هو الاستمرار في العمل داخل سوريا والاستفادة من الوضع في الشمال، مضيفةً أن التنظيم نقل جزءًا كبيرًا من أصوله من خراسان إلى سوريا منذ عام 2014.


ومنذ عام 2014، عمل «القاعدة» على نقل قيادته ومقاتليه من أفغانستان وباكستان إلى داخل سوريا.


واعتبرت مجلة «فورين بوليسي» أن تأثير نقل أصول القاعدة إلى سوريا لا يزال مجهولًا إلى حد كبير، مؤكدةً أن التنظيم استقر بعد عقدين من الحرب على الإرهاب وصار مستعدًا لشن هجمات إرهابية على غرار الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة وغيرها.


وبحسب تقرير سابق لمجموعة «صوفان جروب» المعنية بشؤون الاستخبارات والأمن الدولي فإن «القاعدة» حاليًّا متطور ومختلف تمامًا عن التنظيم الذي كان في عام 2001، موضحًا أن الحرب على الإرهاب خلال العقدين الماضيين تركت قيادة القاعدة المركزية معزولة إلى حد كبير عن باقي الفروع، بينما قلص ظهور تنظيم «داعش» من الرصيد الذي كان للقاعدة وصار منافسًا قويًّا على ما يعرف بقيادة الجهاد العالمي.



«القاعدة» ينشط من

تغيير الاستراتيجية


منذ بدء ما عُرف بثورات الربيع العربي ومقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة المؤسس في 2011، بدأ التنظيم في تغيير استراتيجيته التي كان يتبعها في السنوات التي سبقت هذا التاريخ، وبدأ «دعاة الإرهاب» في التركيز على أهداف أكثر محدودية، كما دعوا إلى التركيز على المحلية بدلًا من العالمية التي كان  «القاعدة» يتبناها.


وووصفت «فورين بوليسي» في تقريرها الذي أعده كولين كلارك، زميل مجموعة صوفان جروب الاستخبارية، وتشارلز ليستر زميل معهد الشرق الأوسط والمتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، أن الخطوات السابقة، تعتبر خطة محكمة ضمن تكتيك «الصبر الاستراتيجي»، أو «البرجماتية الخاضعة للرقابة».


وعمل التنظيم على إعادة بناء نفسه وتقوية شبكاته، متراجعًا عدة خطوات للخلف بينما سمح ذلك للدول الغربية بالتركيز على حرب تنظيم "داعش" الذي كان المنافس الوحيد لتنظيم القاعدة على قيادة الجهاد المعولم.


تكتيك الصبر الاستراتيجي 


عملت جبهة النصرة وهي الفرع السوري لتنظيم القاعدة بتكتيك الصبر الاستراتيجي، منذ عام 2014 وخففت من حدة خطابها مع الفصائل السورية الأخرى، كما عقدت تحالفات مع تنظيمات إسلامية وغير إسلامية، وأجلت الحديث عن تطبيق الشريعة، بينما كان تنظيم "داعش" يعتبر أن الفصائل السورية "صحوات" وهو مصطلح يطلقه التنظيم على أعدائه الذين يستحل قتالهم.


ونجت استراتيجية "النصرة" في سوريا في كسب تعاطف السكان، وعلاوة على ذلك كانت واحدة من أشرس الفصائل في قتال قوات الجيش العربي السوري.


وبسبب نجاحها في العمل داخل سوريا، عملت "النصرة" على فك ارتباطها بتنظيم القاعدة في 2016، بسبب انعزال أيمن الظواهري وقيادة القاعدة وتأخرهم لوقت طويل في الرد على المراسلات التي ترسلها الجبهة.


وأسست جبهة النصرة ما عُرف بجبهة فتح الشام في 2016، ثم هيئة تحرير الشام في 2017 وذلك لقطع لصلة وفك الارتباط بينها وبين تنظيم القاعدة، خاصةً وأن هذا الارتباط ظل مثارًا للشك ضد الجبهة لوقت طويل.


وساهمت هيئة تحرير الشام في حماية جبهة النصرة التي تحالفت مع الفصائل الأخرى غير الجهادية، للهرب من التصنيف الدولى للإرهاب.



«القاعدة» ينشط من

نواب الظواهري


بسبب المشكلات التي حدثت داخل ما يعرف بهيئة تحرير الشام، قرر عدد من القيادات والمقاتلين المحسوبين على تنظيم "القاعدة" تأسيس تنظيم جديد باسم "حراس الدين".


وقاد سمير حجازي المعروف أيضًا بأبي همام الشام التنظيم منذ نشأته، وهو واحد من القيادات القاعدية القديمة، سافر سابقًا إلى أفغانستان وباكستان والأردن، ويعتبر من القيادات المقربة من "سيف العدل" القيادي البارز في تنظيم "القاعدة"، كما عمل "حجازي" سابقًا مع زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبومصعب الزرقاوي.


وبحسب تقارير إعلامية فإن قيادة القاعدة استبدلت سمير حجازي بخالد العاروري المعروف بأبي القسام الأردني، وهو واحد من قيادات القاعدة القدامى الذين شاركوا في القتال داخل أفغانستان إبان الاحتلال السوفييتي لها، كما كان واحدًا من مؤسسي جماعة التوحيد والجهاد العراقية مع أبومصعب الزرقاوي، وانضم في 2004 لتنظيم القاعدة في العراق المعروف بـ"قاعدة الرافدين"، قبل أن يتوجه إلى سوريا في 2011 ويؤسس مع قيادات أخرى من القاعدة وداعش جبهة النصرة.


وبحسب "فورين بوليسي" فإن أيمن الظواهري اختار أبو القسام الأردني ليكون نائبًا له وعضوًا في مجلس الشورى العالمي.


ووفقًا للمعلومات المتاحة عن نواب أيمن الظواهري فإن هناك 3 من قيادات "القاعدة" حاليًا يشغلون المنصب وهم "سيف العدل"، ضابط سابق مفصول من الجيش المصري وواحد من مؤسسي القاعدة وتولى إمارة التنظيم في الفترة الانتقالية منذ مقتل أسامة بن لادن وحتى اختيار أيمن الظواهري خلفًا له.


أما النائب الثاني لزعيم تنظيم القاعدة فهو أبومحمد المصري، وهو ضابط سابق أيضًا وأحد مدربي القاعدة الأساسيين وواحد من المسؤولين عن تفجيرات السفارات الأمريكية في نيروبي ودار السلام في عام 1998.


ورجحت صوفان جروب في تقرير سابق أن يكون سيف العدل، وأبومحمد المصري موجدين في إيران بعد الإفراج عنهما في صفقة لتبادل الأسرى بين تنظيم القاعدة وبين إيران في عام 2015.


ويتكون مجلس شورى تنظيم "القاعدة" من 12 عضوًا أغلبهم موجودين حاليًا في جنوب آسيا، وتحديدًا في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان، بينما يتواجد 2 منهم في سوريا حاليًا.


وتعتبر الخارجية الأمريكية أن سوريا أصبحت الوجهة المفضلة لـ"القاعدة" حاليًا بدلًا من اليمن، بعد مقتل أبو بصير الوحيشي زعيم تنظيم القاعدة في اليمن ونائب الظواهري سابقًا.


وضم تنظيم "حراس الدين" ، فرع "القاعدة" السوري، منذ نشأته عددًا من قادة القاعدة القدامى من بينهم سامي العريدي، والأردني بلال خريسات، وأحمد فرج، بالإضافة لأبي خلاد المهندس الذي قُتل في الـ22 من أغسطس الماضي.



«القاعدة» ينشط من

البراجماتية ومحاولة الهروب من الاستهداف


منذ بدأ نشاطه داخل سوريا، حاول تنظيم "القاعدة" إيهام العالم بأن قتاله مركز فقط ضد الجيش الوطني السوري، وقال الزعيم السابق لجبهة النصرة أبومحمد الجولاني في لقاء تلفزيوني له مع فضائية "الجزيرة" القطرية في 2015 إن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري أصدر إليه تعليمات بعدم اعتبار سوريا قاعدة لتوجيه العمليات الإرهابية ضد الولايات المتحدة والدول الغربية.


وتزامنت هذه التصريحات مع الحملة التي قادها التحالف الدولي المعروف باسم العزم الصلب، ضد مجموعة خراسان وهم عدد من قيادات القاعدة الذين تم إرسالهم بتكليف من "الظواهري" إلى سوريا، وكانوا يخططون لاستهداف الغرب.


وسعى "الجولاني" ببراجماتية الهروب من الاستهداف الدولي، والتركيز على تقوية شبكات القاعدة المحلية في سوريا، بينما كان التحالف مركزًا على حرب تنظيم "داعش"، لكن في  أبريل عام 2017، عاد زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري ليؤكد أهمية القتال ضد الدول الغربية والولايات المتحدة، داعيًا لاستمرار الكفاح ضدهما انطلاقًا من سوريا وغيرها من الدول.


وفى مايو 2015، أصدر حمزة بن لادن، نجل مؤسس التنظيم، وقاسم الريمي زعيم فرع التنظيم في اليمن رسائل إعلامية أخرى تحض على استهداف المصالح الغربية.


وفى شهادة سابقة له أمام الكونجرس، قال دان كوتس مدير المخابرات الوطنية الأمريكية: إن أوروبا ستظل في مرمى نيران الإرهابيين، مرجحًا أن تستمر عناصر من تنظيمي القاعدة وداعش في توجيه وتنسيق الهجمات ضد الدول الغربية.


وأضاف "كوتس" أن عناصر القاعدة في سوريا ومن بينهم "أنصار الفرقان" تعهدوا في وقت سابق بالاستمرار العمل بأسلوب حرب العصابات والتركيز على استهداف الغرب.


ومن جانبها، اعتبرت "فورين بوليسي" أن الاستمرار في تهديد الغرب والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية في قلب الدول الأوروبية لا ينبغي أن يكون مفاجئًا، موضحةً أن تنظيم القاعدة منذ نشأته يعتبر نفسه يخوض حربًا باسم الإسلام ضد الكفر المتمثل في الدول الغربية.

"