ad a b
ad ad ad

«8 تشان».. آلية اليمين المتطرف لتنفيذ العمليات الإرهابية

الخميس 05/سبتمبر/2019 - 10:49 م
المرجع
محمد عبد الغفار
طباعة

تطبق الدول قيودًا صارمة تجاه كافة أنشطة الجماعات الإرهابية والأصولية؛ محاولة منعها من القيام بأي نشاط أو دور فعلي ومستقبلي في داخل أراضيها، بهدف تقليل الخسائر المادية والبشرية في صفوفها.

 

على الجانب الآخر، تسعى الجماعات الإرهابية إلى استغلال كافة الطرق والآليات المتاحة لديها بهدف التخلص من هذه القيود، ومن أجل التواصل فيما بينها دون أن تنجح الأجهزة الأمنية في اكتشاف ما يدور في هذه الاتصالات، تلجأ تلك الجماعات إلى بعض تطبيقات التواصل التي تقدم حماية عالية.

 

في السياق ذاته، تمكن «فريدريك برينان»، الأمريكي الجنسية، من إنشاء موقع تواصل اجتماعي عالي السريّة؛ حيث دفعت الحالة الصحية للشاب الذي ولد عام 1994 في مدينة ألباني بولاية نيويورك، وعاني منذ طفولته بالإصابة بمرض هشاشة العظام، إلى إدمان الحاسوب وأجهزة الهاتف المحمول، ومنها انطلق إلى إنشاء المواقع ذات الطابع الاجتماعي، ولعل أبرزها موقع Chan4، الذي تكمن فلسفته في منح كافة الأشخاص القدرة على التعبير عن آرائهم دون إظهار هوياتهم أو وجود أي دليل يشير إليهم.

 

ولكن لم يكتب لهذا الموقع النجاح، ما دفع «برينان» إلى إنشاء نسخة أخرى من الموقع أكثر حداثة يطلق عليها اسم Chan8، أكتوبر 2013، والذي استمد نفس فلسفته من الموقع السابق، مع المزيد من الغموض حول شخصية المدون، فجذب الكثير من الأفراد إلى استخدام الموقع الإلكتروني، وعملت شركةChannelاليابانية على استغلال النجاح الكبير الذي حققه الموقع، وعقدت اتفاقًا مع «برينان» يقضي بانتقاله إلى الفلبين كي يدير الموقع بصورة كاملة، ، قبل أن يبيعه لرجل أعمال فلبيني.


النجاح الكبير للموقع في مسألة سرية التواصل دفع الجماعات الإرهابية إلى استغلاله لصالحها، خصوصًا أنه لا يطلب أي دليل على شخصية الكاتب، كما لا يسمح بتتبع هويته ومكان وجوده، وبذلك وصف الموقع نفسه بـ«الموقع الإلكتروني الأكثر ظلامًا».

«8 تشان».. آلية اليمين

هجمات إرهابية عبر «تشان»

استخدم اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا الموقع الإلكتروني الجديد للترتيب والإعلان عن عملياته الإرهابية؛ حيث كتب شابٌ متطرف اسمه «باتريك كروسيوس» بيانًا صحفيًّا على الموقع تحت عنوان «الغزو الإسباني»، وضع خلالها خطته للهجمات الإرهابية، معتبرًا أنه من الذكاء عدم مهاجمة المناطق شديدة الحراسة والذهاب إلى مناطق أخرى أقل حراسة، مؤكدًا خلالها على عدائه للمهاجرين الأسبان في مدينة إل باسو.

 

وبعد نشر البيان المكون من 4 صفحات بـ20 دقيقة فقط، نفذ «كروسيوس» عملية إرهابية في المدينة الواقعة على الحدود الأمريكية المكسيكية، 3 أغسطس 2019، أسفرت عن مقتل 20 شخصًا وإصابة 26 آخرين، خلال هجومه على منطقتين مكتظتين بالمواطنين في عطلة السبت.

 

ولم يكن هذا الهجوم هو الأول، حيث استغل شابٌ آخر اسمه «برينتون تارانت» الموقع الأمريكي في نشر بيانه المكون من 73 صفحة، تحدث فيها عن حياته ونشأته في «أسرة ذات دخل منخفض»، منتقلًا للحديث عن الأسباب التي دفعته للهجوم الإرهابي الشهير الذي وقع في مسجد بمدينة «كرايست تشيرش» بنيوزيلندا، مارس 2019، وأسقط عشرات القتلى والمصابين.

 

ووفقًا لـ«تارانت» فإنه قام بذلك لـ«تقليل معدلات الهجرة إلى الأراضي الأوروبية، وكي يظهر للغزاة أن بلاده لن تكون بلادهم أبدًا، وأن أوطانهم ملكًا لهم، ولن تكون سوى للرجال البيض، الذين لن يسمحوا للمهاجرين باحتلال أراضيهم والإقامة مكان شعوبهم»، وأشار في بيانه إلى أنه سينقل الحادث مباشرة على موقع «فيسبوك» وهو ما تم بالفعل.

 

ولا يقتصر نشر الكراهية داخل الموقع على القائمين بالأعمال الإرهابية فقط؛ حيث احتفل رواد الموقع بشدة بعد حادثي إطلاق النيران في تكساس ونيوزيلندا، معتبرين أن القائمين بتلك الأعمال الإرهابية «أبطال».

«8 تشان».. آلية اليمين

تحرك متأخر

مع تزايد الترويج للعمليات الإرهابية عبر الموقع، وقول الكثير من المتابعين إنه أصبح فضاءً مناسبًا للجماعات الإرهابية للتواصل ونقل الأفكار، حاولت الكثير من الشركات- خصوصًا المرتبطة بالموقع- رفع يديها عنه.

 

وأعلنت شركة «CloudFlare» في أغسطس 2019، رفع خدمات الحماية الإلكترونية من الهجمات التقنية عن الموقع، بعد أن قدمتها له على مدار سنوات واصفة إياه بـ«بالوعة الكراهية»، كما أعلنت شركة «Voxility» التي تعمل على تشغيل مواقع الإنترنت، أنها ستسقط الموقع من خوادم الكمبيوتر المملوكة لديها.

 

ورغم أن مؤسس الموقع قد قطع علاقته به منذ أغسطس 2018، عندما باعه لرجل أعمال فلبيني، فإنه يطالب بإغلاق الموقع ويؤكد أن لديه يقين بأن الموقع يُستخدم حاليًّا وسيستخدم لتدبير عمليات إرهابية مقبلة.

 

ورغم هذه الخطوات التقنية الهادفة لحجب الموقع الذي ينشط عليه 100 ألف متابع وفقًا لصحيفة «وول ستريت» الأمريكية، فإنه يمكن للقائمين عليه استخدام آليات جديدة تمكنهم من العودة مرة أخرى، وهو ما يجعل عملية إيقافه أمر بالغ التعقيد.

"