قضاة لا دعاة.. وفاة «السبسي» تنعش شهوة التكفير عند الإخوان
رغم مرور أسبوع على وفاة الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي (25 يوليو 2019)، فإن قيادات الإخوان في تونس، مازالت تخصص من برامجها وقتًا محددًا للهجوم على الرئيس الراحل، ولم يقتصر الأمر على مجرد الهجوم على سياسات السبسي خلال فترة حكمه المليئة بالتوترات والاضطرابات السياسية، بل نصّبوا أنفسهم قضاة في الأرض لمحاكمة شخص «السبسي» ونعته بـ«الكفر»، زاعمين أن تمسكه بالدستور التونسي جعله يفرّط في الشريعة.
اجتماع لندن
منذ الليلة الأولى لوفاة الرئيس، اجتمع قيادات التنظيم الدولي في لندن، وظهروا عبر إحدى القنوات الموالية لجماعة الإخوان، لمناقشة مستقبل تونس «ما بعد السبسي»، إذ دارت مناقشات بين المصري الهارب قطب العربي، ومحمد خير موسى، المدير التنفيذي لما تسمى هيئة علماء فلسطين في الخارج (إحدى واجهات الإخوان)، والقيادي عزام التميمي، تمحورت جميعها حول تكفير «السبسي» وحصر الفترة الرئاسية له في قانون المساواة في الميراث.
إثر الحرج الذي سببه قيادات الجماعة، بعد الهجوم عليهم والكشف عن الطبيعة الإخوانية التي تكفر الغير، أصدر المتحدث الإعلامي باسم الجماعة، حسن صالح، بيانًا لتجميل وجه الإخوان، لاسيما بعدما كشفت وفاة «السبسي» مساوئ الجماعة، زاعمًا أن الجماعة لا تكفر مُسلمًا وتنأى عن تجريح الهيئات والشخصيات.
واستند «صالح» إلى كتاب المرشد الثاني للجماعة، حسن الهضيبي، الصادر بعنوان «دعاة لا قضاة»، في أن الإخوان لا يحاسبون الناس؛ ما يعكس زيف الشعارات التي تروجها الجماعة، خاصة أنهم أكثر الشامتين في خصومهم ولا يكفون عن تكفير المجتمع طالما رفضهم.
وفي محاولة منه لإنقاذ شعبية حركة النهضة، ( فرع الإخوان في تونس)، طالب المتحدث الإعلامي للجماعة بالتوقف عن أي حوارات أو ملاسنات تتضمن إساءات أو عبارات غير لائقة، تمس قيادات الحركة أو أعضاءها، مشددًا على إغلاق الباب أمام أي سجال يخرج عن تلك القيم.
نار التكفير تحرق مُشعِلها
تكفير المخالفين لم يقتصر على الخصوم فقط، إذ تبادل الإخوان اتهامات لبعضهم البعض وسارعوا لإخراج كل منهم من الملة؛ فبعد أن ردّ نائب رئيس البرلمان التونسي، عبدالفتاح مورو، المنتمي لحركة النهضة، على ما قاله القيادي الإخواني وجدي غنيم، بحق الرئيس التونسي، قائلًا: إن الحديث عن سيرة «غنيم» القذرة يستوجب الوضوء، هاجمته القيادات الإخوانية معتبرة أنه يؤسس لفقه جديد.
فيما طالت الانتقادات رئيس الحركة، راشد الغنوشي، الذي اعتبروه مبالغًا في نعيه لـ«السبسي» بعد أن كتب على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أن الرئيس التونسي «مات وترك البلاد على الصراط المستقيم».
نصيب من الهجوم
وعلى جانب آخر، طال القيادي في النهضة، عبدالحميد الجلاصي، نصيبًا من الهجوم، بعد أن ظهر مع قيادات التنظيم الدولي على إحدى الفضائيات، ليدافع عن علمانية تونس وفصل الدين عن الدولة، رافضًا ما قيل عن تفريط الرئيس الراحل في الثوابت، ما قُوبل بتوجيه الاتهامات له بالميل عن الحق ومجاملة «السبسي» على حساب الشريعة.
في هذا الصدد، قال الباحث التونسي، أحمد النظيف: إن قيادات جماعة الإخوان لا تكف عن التفتيش في عقيدة الرئيس الراحل، وأن من يدافع عنه من حركة النهضة- التي تتجنب الحديث بسوء عن السبسي- تنزله الجماعة منزلة الملحدين.





