حركة الشباب الصومالية.. إرهاب إيراني دمر القارة الأفريقية

دأبت إيران منذ زمن طويل على تقديم سبل الدعم كلها للجماعات والتنظيمات المتطرفة والإرهابية، حتى ولو كانت مختلفة معها أيديولوجيًّا ومذهبيًّا؛ وذلك من أجل العبث بمقدرات باقي الدول، وممارسة الضغط الأمني والسياسي عليها، وتحقيق المصالح الإيرانية.
ويُعد تنظيم القاعدة من أبرز التنظيمات الإرهابية التي حظيت بدعم إيراني منذ تأسيسه؛ حيث شكل التنظيم رأس حربة إيرانية في تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية داخل الدول على النطاقين الإقليمي والدولي، وفي المقابل اكتسبت الأراضي الإيرانية مناعة من هجمات التنظيم الإرهابي، وهو ما يدل على أن القاعدة لم تكن سوى أداة في يد الاستخبارات الإيرانية.
ولم يقتصر الدعم الإيراني على القاعدة فقط؛ بل وصل للعديد من التنظيمات الإرهابية الإقليمية كتنظيم حركة الشباب المجاهدين في الصومال، وإن لم يحظَ بالتغطية الإعلامية الكافية؛ حيث ظلّت العلاقة بين طهران وحركة الشباب غامضة نوعًا ما، رغم تبادل الخدمات اللوجستية والاقتصادية والعسكرية بين الجانبين منذ نشأة الحركة في عام 2004، وتعاظم الدعم الإيراني لها بعد سقوط اتحاد المحاكم الإسلامية عام 2006.
للمزيد: «القراصنة والخلافات القبلية».. أسلحة حركة الشباب لنشر الإرهاب في الصومال

التحالف الخفي
تواجه إيران مرارًا وتكررًا اتهامات بدعم حركة الشباب، وتنفي طهران هذه التهم، ولمزيد من التضليل تذيع الحركة العديد من البيانات التي تحذر فيها النظام الإيراني من نشر التشيّع في الصومال، وهو ما يوحي ظاهريًّا بأن العلاقة بين الجانبين متوترة وليست على وفاق؛ إلا أن تقريرًا أمميًّا صدر في أكتوبر 2018، كشف حجم علاقات إيران بحركة الشباب؛ حيث أكد التقرير انتهاك طهران للعقوبات الأممية المفروضة على «حركة الشباب» عام 2012، والتي تحظر تجارة الفحم الذي تدخل عوائدها مباشرة في تمويل العمليات الإرهابية للحركة.
وأوضح التقرير الأممي، أن الحركة تستخدم الأراضي الإيرانية نقطةَ تجمع لوجستية للفحم الصومالي المهرب؛ حيث يتم إعادة تغليفه من جديد مع وضع عبارة «صنع في إيران» على العبوات الجديدة؛ وذلك لتضليل المجتمع الدولي والهروب من العقوبات الأممية المفروضة على تجارة الفحم الصومالي.
لذا يمكن القول: إن إيران نجحت في مساعدة حركة الشباب في الهروب من تقليل أثر العقوبات الدولية عليها، ومساعدتها في الحصول على المزيد من الموارد المالية؛ لتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية.
وهنا يتبادر إلى الأذهان العديد من التساؤلات حول جدوى الدعم الإيراني لحركة الشباب، وللإجابة عن هذه التساؤلات ينبغي علينا أن نعيد النظر في الموقع الجيوستراتيجي، الذي تتمركز فيه «حركة الشباب»؛ حيث تنشط الحركة في أكثر بقاع العالم استراتيجية وأهمية، وهي منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر، التي يمر منها نحو 12% من التجارة العالمية، وتتحكم في أهم الممرات الملاحية في العالم، وهي مضيق باب المندب وقناة السويس.

لذا واظبت طهران منذ عام 1979 وحتى الآن على إبراز وجودها في تلك المنطقة، سواء من خلال دعمها لبعض الأنظمة السياسية أو حتى دعم الجماعات المتطرفة والإرهابية، كحركة الشباب التي تعتبر خنجر الملالي في منطقة جنوب البحر الأحمر؛ حيث عملت الحركة على التأثير والسيطرة على معظم التحركات الإقليمية في منطقة القرن الأفريقي تحقيقًا للأهداف والأغراض الإيرانية، والتي يأتي على رأسها:
(1) السيطرة الميدانية على «باب المندب»:
يمر من المضيق أكثر من 12% من حجم التجارة العالمية خاصة تجارة النفط؛ لذا ترغب إيران في السيطرة على تلك المنطقة عبر ذراعين، هما حركة الشباب الصومالية من ناحية، و«جماعة أنصار الله الحوثي» اليمنية من ناحية أخرى، كما تستهدف طهران من خلال دعمها لحركة الشباب في استهداف تجارة النفط السعودية، وهو ما حدث إبان أزمة القراصنة عام 2008، ففي هذا العام تم اختطاف ناقلة النفط السعودية «سيروس» المحملة بنحو مليوني برميل نفط، وتم طلب فدية قدرها 25 مليون دولار.
(2) دعم جماعة الحوثي:
تُعد جماعة الحوثي خنجرًا إيرانيًّا في خاصرة الجزيرة العربية؛ لذا ترغب إيران في استخدام حركة الشباب في خلخلة الأوضاع الأمنية في جنوب البحر الأحمر؛ لأجل تسهيل تمرير الدعم العسكري الإيراني للحوثيين.
(3) لعبة شد الأطراف:
من أهمّ الأسباب التي دفعت النظام الإيراني لدعم حركة الشباب الصومالية، هو رغبتها في شد أطراف الدول العربية والتأثير على مصالحها الاستراتيجية؛ فمثلًا ترغب طهران من خلال علاقتها بحركة الشباب في التأثير على المصالح المصرية في جنوب البحر الأحمر، وتهديد الملاحة البحرية في قناة السويس، التي تُعد شريانًا مهمًّا للاقتصاد المصري.
(4) تخفيف الضغوط العسكرية والاقتصادية:
منذ عام 2006 توالت العقوبات الأممية والأمريكية على النظام الإيراني؛ بسبب البرنامج النووي ودعم الجماعات الإرهابية، وللتغلب على أثر تلك العقوبات دعمت إيران العديد من الجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب؛ حيث تستغل طهران الحركة في الأنشطة غير المشروعة، مثل تجارة الفحم والسلاح وغسيل الأموال؛ وذلك لتعويض خسائرها الاقتصادية، وإجبار الولايات المتحدة على نقل بعض الوحدات من أسطولها البحري من مضيق هرمز إلى خليج عدن لتأمين الملاحة فيه، ومواجهة ظاهرة القرصنة التي كانت تقف وراءها حركة الشباب.
(5) اليورانيوم الصومالي:
نتيجة الدعم الإيراني المتزايد لحركة الشباب الصومالية؛ زودت الحركة في سبتمبر 2017 إيران باليورانيوم المستخرج من المناجم التي تسيطر عليها؛ وذلك لضمان استئناف البرنامج النووي الإيراني.
للمزيد: حركة الشباب الصومالية.. محاولات الحضور ودلالات النشاط